الاخبار

السبت، 2 أبريل 2016

كلاسيكو «الترفيه»

منشور في جريدة "الراي" في 2 نيسان/ابريل 2016

كتب سهيل الحويك


صحيح أن مباريات عدة حول العالم تستقطب الاهتمام وتشكل مواعيد مفصلية موسمياً بالنسبة إلى عشاق كرة القدم، بيد ان «كلاسيكو اسبانيا» يبقى الأبرز.

لن نغوص في جذور الصراع بين ريال مدريد «المركزي» وبرشلونة «الثائر»، فالكل يعلم برغبة شريحة كبيرة من «مواطني» الاقليم الكاتالوني بالاستقلال عن اسبانيا، وبينهم جوسيب غوارديولا مدرب بايرن ميونيخ الالماني، كما لا نغفل تمسك الكاتالونيين بلغتهم وإصرارهم على اعتمادها رسميةً في مواجهة لغة الدولة.

في إحدى زيارات كاتب هذه السطور إلى اسبانيا، وتحديداً الى مدينة خيريز التي سبق للالماني برند شوستر ان درب فريقها، سألت بعضاً ممن التقيتهم عن اشكالية استقلال كاتالونيا عن اسبانيا.

أعتقد بأن المتلقي فهم سؤالي جيداً، خصوصاً أنني ملمٌّ كتابةً وتحدثاً باللغة الفرنسية التي تشبه إلى حد ما ابنة عمّها الاسبانية.

ومما فهمت منه أن الكاتالونيين (مشجعي برشلونة وليس مشجعي اسبانيول) يفرحون أكثر بكثير بانتصارات برشلونة عنه بانتصارات منتخب اسبانيا لأن الأخير يعتبر بمثابة الممثل الرسمي للحكم المركزي في العاصمة.

كما استنتجتُ بأن لاعبي برشلونة في المنتخب يبحثون عن مجد لأنفسهم أكثر مما يبحثون فيه عن مجد يُجيَّر للأمة.

شعرتُ في جانب من الحديث وكأن اسبانيا تستغل لاعبي برشلونة «الثوّار» فقط لتحقيق أمجاد باسمها، وتساءلت: ماذا لو استقلّت كاتالونيا عن اسبانيا في يوم من الايام؟ ماذا سيحلّ بالألقاب التي تحققت على يد «لا فوريا روخا» في «يورو 2008» ومونديال 2010 و«يورو 2012» خصوصا انها جاءت ودون جدال بفضل لاعبي برشلونة بالتحديد؟

ستبقى الألقاب في حال استقلال الاقليم إسبانيةً، لكن كاتالونيا سترفع في تلك اللحظة التاريخية الصوت قائلة: مجد إسبانيا أُعطي لها بفضلنا.

لا شك في أن اللقاء «المفترض» بين المنتخب الاسباني ومنتخب كاتالونيا، ربما في تصفيات كأس العالم أو نهائياتها أو في البطولة الأوروبية سيكون بالتأكيد الانعكاس الصحيح لما يريده أبناء الإقليم من كرة القدم في مواجهة «الدولة المركزية» التي ما أراد السواد الأعظم منهم يوماً العيش في كنفها.

الى هذه الحدود تُعتبر مباريات الـ«كلاسيكو» بين ريال مدريد وبرشلونة حسّاسة.

قد يصبغها البعض بصراع ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، إلا أنها في الواقع أكبر من ذلك بكثير، وما المواجهة بين الأرجنتيني والبرتغالي سوى وجه عابر من صور كبيرة لهذه الموقعة التي ستبقى الأبرز بصرف النظر عن اللاعبين المتنافسين على مسرحها وجنسياتهم.

كثيرةٌ هي التسميات التي أطلقت على مباراة الغريمين، بينها «كلاسيكو الأرض»، وهو برأيي مبالغة كبيرة لأن ثمة مباريات أخرى كبيرة حول العالم كتلك التي تجمع بين الغريمين الارجنتينيين بوكا جونيورز وريفر بلايت، انترميلان وميلان الايطاليين، باريس سان جرمان ومرسيليا الفرنسييين، بايرن ميونيخ ومواطنه بوروسيا دورتموند، مانشستر يونايتد وليفربول الانكليزيين وغيرها، لكن اللافت ان مواجهة برشلونة - ريال باتت موعداً ليس فقط لعشاق كرة القدم المخلصين بل حتى لمن لا صلة وثيقة بينهم وبين اللعبة.

هؤلاء لا يجذبهم من كرة القدم الا هذه المباراة التي باتت تدخل في اطار «الترفيه» أكثر من المنحى الرياضي الذي تنطوي عليه.

ربما لهذا السبب فقط يُستحسن ان تسمى المباراة بـ «كلاسيكو الأرض»... فهي تجمع تحت لوائها من له ومن ليس له علاقة بكرة القدم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق