منشور في جريدة "الراي" الكويتية
2 يوليو 2016
كتب سهيل الحويك
أظهر استطلاع للرأي أقيم بين العامين 2013 و2014 بأن نصف الألمان يخشون الموت، بيد أن مسألة الخوف من إيطاليا في كل مرة يُدعى فيها المنتخب الألماني لمواجهتها في البطولات الرسمية لكرة القدم... لا تحتاج إلى استطلاع.
فقد تواجه الفريقان في ثماني مناسبات رسمية ما بين كأس العالم وكأس أوروبا، فتعادلا في اربع منها (دور المجموعات) فيما كانت الغلبة للطليان في الأربع الأخرى (الأدوار الإقصائية: نصف نهائي مونديال المكسيك 1970 بنتيجة 4-3، نهائي مونديال اسبانيا 1982 بنتيجة 3-1، نصف نهائي مونديال المانيا 2006 بنتيجة 2-صفر، ونصف نهائي «يورو 2012» في أوكرانيا وبولندا بنتيجة 2-1).
ولا شك في أن مواجهة اليوم تمثل لقاءً ما بين الفوضى والنظام.
الفوضى تمثلها إيطاليا التي تعاني بحسب القيّمين على اللعبة فيها وجماهيرها من رداءة الملاعب والبنى التحتية وتراجع مستوى بطولة الدوري فضلاً عن الفضائح المتتالية التي هزّت أركانها، حتى جرى التسليم بأن اللعبة الأكثر شعبية في «بلاد السباغيتي» تسير بالعافية ومن دون اي تخطيط.
وعندما أطلق المدرب الإيطالي السابق أريغو ساكي صرخته الشهيرة التي دعا من خلالها الى «بداية من الصفر»، لم يلقَ آذاناً صاغية، ولا يمكن اعتبار بلوغ المباراة النهائية لـ «يورو 2012» إنجازاً بل كان مجرد «فشة خلق» عابرة وغير مدروسة لا تمثل سوى ترقيع غير متوقع لثغرات كبيرة في الجسم الكروي «الأزرق».
حتى أن الأداء الراقي الذي قدمه الطليان بقيادة أنتونيو كونتي في «يورو 2016» لا يعتبر إيذاناً ببداية عصر، بل هو مجرد «ردة فعل» عابرة وترجمةً لتحفيز من مدرب «مجنون فنياً» سيرحل بعيد البطولة القارية لتولي مقدرات تشلسي الانكليزي.
لقد دخل «الآزوري» معترك المسابقة التي تستضيفها فرنسا غير مرشح للذهاب بعيداً فيها لأن حظوظ هذا الفريق غير مبنيّة سوى على أقوال فضفاضة تقول بأن «إيطاليا قوية في الأدوار الإقصائية»، وبأنه «لا يمكن التقليل من قوة إيطاليا»، بيد أنه لا يجدر نسيان واقع أن الطليان أنفسهم خرجوا من الدور الاول لبطولتي كأس العالم الأخيرتين (2010 و2014)، وهذا ما لا يليق بها، تخللته صدفة بلوغ نهائي «يورو 2012» حيث أذلوا برباعية إسبانية للتاريخ.
في المقابل، يتبنى الألمان النظام، ليس فقط في كرة القدم بل في أوجه الحياة كافة.
كل شيء منظم ومدروس، ملاعب على أعلى مستوى، بنى تحتية لا تضاهى، دوري يعتبر بين الأفضل، وفوق كل ذلك دراسات بعيدة المدى.
بعيد النكسات التي عاشتها الكرة الالمانية مطلع الألفية، لم تُخدَع ببلوغ نهائي مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان.
كانت تعلم بأنها لم تعد «كبيرة»، فجرى وضع مخطط لعشر سنوات مقبلة يتحتم بعدها التتويج بلقب كبير.
فُرض على الاندية اعتماد اكاديميات لتفريخ اللاعبين، وهو شرط للمشاركة في مسابقات الاتحاد.
من هذه الاكاديميات، تخرّج مانويل نوير وسامي خضيرة وتوماس مولر وتوني كروس ومسعود أوزيل وغيرهم من أبطال العالم 2014.
وبناءً على كل هذه المعطيات، لا بد لألمانيا أن تفوز اليوم على ايطاليا، وهذا بلا شك يعتبر انتصاراً للألمان ومكافأة بديهية على جهودهم وجديتهم ونظامهم، كما سيكون مكافأة لإيطاليا كي تصحو من سباتها وتدرك موقع كرتها بالتحديد، ولا تقع ضحية «فلتة شوط» أوصلتها الى ادوار متقدمة في بطولة رسمية.
أشارت إحدى الدراسات الى أن الإنسان يولد حاملا خشيتين، الاولى من الوقوع والثانية من الأصوات العالية، بيد أن الالماني، ومنذ مونديال 1970، كبرت لديه خشية جديدة تمثلت في مغبّة الوقوع وجهاً لوجه مع ايطاليا في البطولات الكبرى.
هي حقيقة يتوجب على يواكيم لوف ورجاله وضع حد نهائي لها، وإلا... فـ «عاشت الفوضى».
2 يوليو 2016
كتب سهيل الحويك
أظهر استطلاع للرأي أقيم بين العامين 2013 و2014 بأن نصف الألمان يخشون الموت، بيد أن مسألة الخوف من إيطاليا في كل مرة يُدعى فيها المنتخب الألماني لمواجهتها في البطولات الرسمية لكرة القدم... لا تحتاج إلى استطلاع.
فقد تواجه الفريقان في ثماني مناسبات رسمية ما بين كأس العالم وكأس أوروبا، فتعادلا في اربع منها (دور المجموعات) فيما كانت الغلبة للطليان في الأربع الأخرى (الأدوار الإقصائية: نصف نهائي مونديال المكسيك 1970 بنتيجة 4-3، نهائي مونديال اسبانيا 1982 بنتيجة 3-1، نصف نهائي مونديال المانيا 2006 بنتيجة 2-صفر، ونصف نهائي «يورو 2012» في أوكرانيا وبولندا بنتيجة 2-1).
ولا شك في أن مواجهة اليوم تمثل لقاءً ما بين الفوضى والنظام.
الفوضى تمثلها إيطاليا التي تعاني بحسب القيّمين على اللعبة فيها وجماهيرها من رداءة الملاعب والبنى التحتية وتراجع مستوى بطولة الدوري فضلاً عن الفضائح المتتالية التي هزّت أركانها، حتى جرى التسليم بأن اللعبة الأكثر شعبية في «بلاد السباغيتي» تسير بالعافية ومن دون اي تخطيط.
وعندما أطلق المدرب الإيطالي السابق أريغو ساكي صرخته الشهيرة التي دعا من خلالها الى «بداية من الصفر»، لم يلقَ آذاناً صاغية، ولا يمكن اعتبار بلوغ المباراة النهائية لـ «يورو 2012» إنجازاً بل كان مجرد «فشة خلق» عابرة وغير مدروسة لا تمثل سوى ترقيع غير متوقع لثغرات كبيرة في الجسم الكروي «الأزرق».
حتى أن الأداء الراقي الذي قدمه الطليان بقيادة أنتونيو كونتي في «يورو 2016» لا يعتبر إيذاناً ببداية عصر، بل هو مجرد «ردة فعل» عابرة وترجمةً لتحفيز من مدرب «مجنون فنياً» سيرحل بعيد البطولة القارية لتولي مقدرات تشلسي الانكليزي.
لقد دخل «الآزوري» معترك المسابقة التي تستضيفها فرنسا غير مرشح للذهاب بعيداً فيها لأن حظوظ هذا الفريق غير مبنيّة سوى على أقوال فضفاضة تقول بأن «إيطاليا قوية في الأدوار الإقصائية»، وبأنه «لا يمكن التقليل من قوة إيطاليا»، بيد أنه لا يجدر نسيان واقع أن الطليان أنفسهم خرجوا من الدور الاول لبطولتي كأس العالم الأخيرتين (2010 و2014)، وهذا ما لا يليق بها، تخللته صدفة بلوغ نهائي «يورو 2012» حيث أذلوا برباعية إسبانية للتاريخ.
في المقابل، يتبنى الألمان النظام، ليس فقط في كرة القدم بل في أوجه الحياة كافة.
كل شيء منظم ومدروس، ملاعب على أعلى مستوى، بنى تحتية لا تضاهى، دوري يعتبر بين الأفضل، وفوق كل ذلك دراسات بعيدة المدى.
بعيد النكسات التي عاشتها الكرة الالمانية مطلع الألفية، لم تُخدَع ببلوغ نهائي مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان.
كانت تعلم بأنها لم تعد «كبيرة»، فجرى وضع مخطط لعشر سنوات مقبلة يتحتم بعدها التتويج بلقب كبير.
فُرض على الاندية اعتماد اكاديميات لتفريخ اللاعبين، وهو شرط للمشاركة في مسابقات الاتحاد.
من هذه الاكاديميات، تخرّج مانويل نوير وسامي خضيرة وتوماس مولر وتوني كروس ومسعود أوزيل وغيرهم من أبطال العالم 2014.
وبناءً على كل هذه المعطيات، لا بد لألمانيا أن تفوز اليوم على ايطاليا، وهذا بلا شك يعتبر انتصاراً للألمان ومكافأة بديهية على جهودهم وجديتهم ونظامهم، كما سيكون مكافأة لإيطاليا كي تصحو من سباتها وتدرك موقع كرتها بالتحديد، ولا تقع ضحية «فلتة شوط» أوصلتها الى ادوار متقدمة في بطولة رسمية.
أشارت إحدى الدراسات الى أن الإنسان يولد حاملا خشيتين، الاولى من الوقوع والثانية من الأصوات العالية، بيد أن الالماني، ومنذ مونديال 1970، كبرت لديه خشية جديدة تمثلت في مغبّة الوقوع وجهاً لوجه مع ايطاليا في البطولات الكبرى.
هي حقيقة يتوجب على يواكيم لوف ورجاله وضع حد نهائي لها، وإلا... فـ «عاشت الفوضى».




