الاخبار

الثلاثاء، 3 مارس 2015

مشروع الحساوي

 منشور في جريدة "الراي" في 3 مارس/اذار 2015:


كتب: سهيل الحويك


ثمة تسابق لا ينضب بحثاً عن «كبش فداء» في كل مرة تقع فيه مصيبة. هذا ليس مجرد تحليل بل واقع معيوش في عالمنا العربي ومجتمعاتنا الضيقة التي تبنت ذاك «العرف» على الرقعة الرياضية الكبيرة، بما فيها كرة القدم.

ضرورة التغيير لا يجب ان تصحو من سباتها بعيد هزيمة بسداسية نظيفة في دوري محلي يعاني في الأساس من «دمج» وقصور في الرؤية، او بالاستناد الى وجوب بحث عن «كبش الفداء» المزعوم.

التغيير يتحول حاجة ماسّة عندما لا يتواكب التطور المنطقي للامور مع طموحات الجمهور، ولا شك في ان تسجيل نقاط هنا وتحقيق انتصارات هناك يؤذيان الصالح العام في بعض الأحيان، فتتويج القادسية مثلاً بطلا لكأس الاتحاد الآسيوي في الموسم الماضي لا يعني بأن الوضع ممسوك وان الفوز الذي تحقق في النهائي على اربيل العراقي هو نجاح جاء في ضوء دراسة وتصور وتخطيط واستراتيجية علمية.

يعلم الخصم قبل العاشق بأن القادسية «ولاّد نجوم» وانه لطالما مدّ منتخب الكويت بالأسماء التي صنعت تاريخاً يشار اليه بالبنان. هذا هو القادسية وهذا ما تشهد عليه سجلات التاريخ.

إن حقق «الملكي» لقباً قارياً على حساب فرق «متواضعة» من شرق آسيا أو غربها أو حتى فرق «قوية» من دول مجاورة، فهذا امر طبيعي لا يشكل مفاجأة بالنسبة الى نادٍ فُطر على تقديم العدد الأكبر من اللاعبين لـ«الأزرق».

القادسية «الهاوي» نفسه كان قاب قوسين أو أدنى من ولوج دوري ابطال آسيا في الموسم الراهن لولا الخسارة المأسوف عليها امام الأهلي السعودي في قلب جدة 1-2 ضمن الجولة الثالثة من الملحق بعد ان ظل متقدماً بهدف حتى الدقائق الأخيرة بمواجهة خصم «محترف» وجماهير بالآلاف.

فهل تصيب هذه النتائج المشجعة المتابعَ بـ«تخمة» من الرضا؟ وهل تعكس واقع حال كرة القدم الكويتية؟

سيقول «نعم» من ينظر الى الامور وهو معصوب العينين، اذ ان الانجازات خارج الحدود لم تتحقق وفق دراسات انما جاءت بالصدفة او بفضل الجهود الشجاعة للمواهب التي تفرزها الكويت المعروفة تاريخياً بأنها تقدم اكثر اللاعبين مهارة بالمقارنة مع أترابها في منطقة الخليج، إن لم نقل في محيطها العربي.

في مصر ثمة من يقول «ان كان الأهلي بخير فالمنتخب بخير». وهو ما قد ينطبق على بايرن ميونيخ في ألمانيا، وربما ريال مدريد وبرشلونة في اسبانيا، ولا شك في ان القادسية فرض نفسه بقوة على هذا الصعيد اذ استمد «الأزرق» قوته من «الملكي» في حقبات عدة، وهذا ليس تقليلا من قدر الفرق الاخرى، بل واقع ينبغي الاعتراف والتسليم به، وهو ليس منّة من «الاصفر» نفسه بل واجب عليه.

لكل هذه الاسباب، ينبغي اعتبار «السداسية التاريخية» امام السالمية في الدوري (فيفا ليغ) ناقوس خطر لكرة القدم الكويتية ككل وهي تستلزم خطوة جريئة نحو التغيير. ليس التغيير على مستوى لجنة الكرة او المدرب او الادارة او حتى اللاعبين، بل لناحية تبنّي مشروع يتخذ من الحاضر درساً وينطلق مع كل شوائبه نحو غدٍ افضل.

هذا هو «المشروع» الذي نسمع به بين الحين والآخر عندما نتابع تصريحات القطري ناصر الخليفة رئيس نادي باريس سان جرمان الفرنسي مثلاً.

«المشروع» ليس عبارة لبث الأمل او لطرح الوعود. المشروع هو «ورقة وقلم» واستراتيجية لا بد ان تؤتي ثماراً ان جرى احترام مندرجاتها.

هذا المشروع يحتاج الى: رغبة جامحة في التحقيق، فريق عمل متخصص، اموال، وفكر احترافي.

عندما التقى كاتب هذه السطور للمرة الاولى بالتونسي نبيل معلول مدرب منتخب الكويت، سأله عن كيفية العمل التي سيتبعها لقيادة لاعبين هواة، فأجاب: «في كرة القدم، لا أرى فارقاً بين لاعب هاوٍ ولاعب محترف. وطالما أن اللاعب ملتزم مع ناديه ومنتخب بلاده فهو محترف».

هذه وجهة نظر لكنها تستحق الدراسة وربما التطبيق داخل جدران القادسية، وأي ناد آخر.

بالتأكيد لا يعني تبني مشروع، أي مشروع، بأن القادسية سيتوج حكماً بهذا اللقب أو ذاك، بل انه يقود بديهياً الى «النظام» ويفرض «رؤية»، وعندها فقط «يستحقنا الاحتراف ونستحقه نحن» ... وإن لم نعشه بتفاصيله اليومية.

ويبدو فواز الحساوي اليوم خياراً مثالياً مع كل الاحترام للقيّمين الحاليين على «النادي الاصفر».

الحساوي اكتسب الخبرة وعزّزها منذ وصوله الى نادي نوتنغهام فوريست الانكليزي العريق، حامل لقب بطل أوروبا في مناسبتين، وإن هو تولى مقدرات أي ناد محلي فلا شك بأنه سيفيد في حال طبّق ولو جزءاً بسيطاً مما عاشه وما زال يعيشه في بلاد الانكليز.

صحيح أن نوتنغهام ما زال يلهث للترقي الى الدوري الممتاز في بلاد الضباب. قد ينجح وقد يفشل في تحقيق المبتغى إلا أن ثقافة العمل الدؤوب والمحاولة من دون استسلام والاصرار على التحسين تبقى دروسا لا شك في أن الحساوي استوعبها جيدا في انكلترا وهو قادر على ترجمتها «طريقةَ حياة» في القادسية في حال كُتب له ان يعود الى النادي الاكثر شعبية في الكويت.

نحن لا نتحدث عن ملاءَة الحساوي المادية، فأي ممّولٍ قادرٌ على «شراء» محترفين مؤهلين لقيادة أي فريق لاحراز الالقاب الثلاثة الرئيسية في كرة القدم الكويتية وربما التأهل الى دوري أبطال آسيا.

نتحدث هنا عن مشروع برؤية مستقبلية يحقق الاهداف التي تتجاوز الوقوف على منصات التتويج. مشروع وإن طال، يكون جديرا بالانتظار. مشروع محترف في تطبيقه يرنو الى سحق الافكار البالية وليس البناء عليها لانها قد تنمو مجدداً «بفعل فاعل».

قد يكون «مشروع الحساوي» المنتظَر هو بالتحديد ما يحتاجه القادسية في الفترة المقبلة وذلك على اعتاب انتخابات الاندية.

في حسابه الشخصي على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي، غرّد الحساوي: «اذا ما حطّينا إيدينا بإيد بعض واتّحدنا على تحقيق هدفنا لن نصل الى مبتغانا».

تغريدة تصلح شعاراً لـ «مشروع الحساوي».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق