الاخبار

الاثنين، 18 أغسطس 2014

عودٌ على بدء: إستكمالٌ لأمرٍ أم مجرد حنين إلى الماضي؟



 منشور في "النهار" اللبنانية

كتب: سهيل الحويك


عمّاذا يبحث اللاعب العائد الى ناديه السابق؟
سؤال فرض نفسه عندما قرر المهاجم العاجي المخضرم ديدييه دروغبا العودة لارتداء قميص فريق تشلسي الانكليزي لكرة القدم لموسم واحد.
أهي خطوة لاستكمال أمر ما أم حنين إلى ما مضى؟


دروغبا أمضى سابقاً ثمانية أعوام في "ستامفورد بريدج"، آخرها في 2012 بعد أن أحرز ركلة الجزاء الترجيحية الحاسمة في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام بايرن ميونيخ الالماني مانحاً تشلسي لقبه القاري الاول في المسابقة الأم.
بعد مسيرته مع الـ"بلوز" التي انطلقت في 2004 قادماً من اولمبيك مرسيليا الفرنسي، توجّه الى الصين للالتحاق بنادي شنغهاي شينهوا ومعه استمر لمدة ستة اشهر فقط قبل ان يعيده غلطة سراي التركي الى اوروبا، ومنه عاد الى النادي اللندني.
لا خلاف على ان العامل المادي لعب دورا في إقناع دروغبا بترك القارة الأوروبية للمرة الأولى في مسيرته والالتحاق بزميله السابق في تشلسي الفرنسي نيكولا أنيلكا في الصين، وخصوصاً انه كان يتقاضى راتباً أسبوعياً يصل الى 314 ألف دولار اميركي.
وخلال فترته الاولى مع الفريق اللندني، حقق دروغبا الحاصل على شهادة جامعية في المحاسبة، ألقاب الدوري المحلي ثلاث مرات والكأس المحلية أربع مرات وكأس الرابطة مرتين والأهم من ذلك دوري أبطال أوروبا، فما الذي دفعه حقيقة للعودة؟
يقول اللاعب البالغ من العمر 36 سنة: "كان قرارا سهلا (العودة الى تشلسي). لم يكن بوسعي التخلي عن فرصة للعمل مع (المدرب البرتغالي) جوزيه مورينيو"، وأضاف: "الكل يعرف العلاقة الخاصة بيني وبين هذا النادي الذي كان دوماً بمثابة المنزل بالنسبة لي".
دروغبا ليس بالتأكيد أول من يدفعه الحنين الى عودة مفاجئة الى ناديه السابق، فالأمثلة على هذا الصعيد تكاد لا تحصى.
فقد كُتب للارجنتيني خوان سيباستيان فيرون، نجل خوان رامون فيرون، اسطورة نادي استوديانتيس، ان يسير على خطا والده والتحول بدوره الى اسطورة بعد عودته من مشوار احترافي طويل في اوروبا الى الفريق نفسه في 2006.
فيرون بدأ مسيرته مع استوديانتيس ذاته عام 1993 قبل التحول الى مواطنه بوكا جونيورز ومنه الى اوروبا حيث ارتدى قمصان كل من سمبدوريا وبارما ولاتسيو (ايطاليا) ومانشستر يونايتد وتشلسي (انكلترا) ثم انترميلان الايطالي.
وبعودته الى استوديانتيس، انتزع فيرون لقب افضل لاعب في اميركا الجنوبية في مناسبتين كما قاد ناديه الى لقب بطل الدوري المحلي بعد انتظار دام 23 عاما فضلاً عن كأس ليبرتادوريس للمرة الاولى منذ 1971.
هاكان شوكور، احد ابرز اللاعبين الذين انجبتهم تركيا على الاطلاق، عاش حقبة مجد مع غلطة سراي بيد انه عجز عن نسخ ذاك النجاح خلال احترافه في كل من ايطاليا وانكلترا.
"ثور البوسفور"، كما يطلق عليه، ارتدى قميص غلطة سراي بين 1992 و2000، وتخلل تلك الفترة عبور غير ناجح مع تورينو الايطالي عام 1995.
حقق مع الفريق التركي ستة القاب دوري واربع كؤوس محلية، فضلا عن كأس الاتحاد الاوروبي ("يوروبا ليغ" حالياً)، قبل الانتقال الى انتر فبارما ثم بلاكبيرن روفرز الانكليزي حيث فشل تماماً في ترك بصمة خلال المحطات الثلاث.
عاد الى اسطنبول ليلتحق بغلطة سراي مجدداً فحقق معه لقبين في بطولة الدوري ولقباً في الكأس قبل ان يعتزل نهائياً.
ويُعرف عن الالماني شتيفان ايفنبرغ عودته مرتين الى ناديين مختلفين سبق له تمثيلهما.
بدأ مسيرته مع بوروسيا مونشنغلادباخ الذي رجع الى صفوفه في 1994 بعد فترة امضاها مع بايرن ميونيخ ثم فيورنتينا الايطالي.
خلال حقبته الاول مع بايرن، لم يحقق النجاح المرجو، فيما شهدت الثانية تتويجاً بدوري الابطال في مناسبة واحدة والـ"بوندسليغا" ثلاث مرات وكأس المانيا التي احرزها في مناسبة واحدة ايضاً بزيّ غلادباخ.
من جهته، تحول الاسباني جيرارد بيكيه من مقاعد البدلاء في مانشستر يونايتد الى بطل للعالم واوروبا على مستوى المنتخبات والنوادي.
اصاب اللاعب المولود في كاتالونيا، في خيار اتخذه بالانتقال من "اولد ترافورد" الى "كامب نو" في 2008.
وصل الى "يونايتد" في 2004، وبعد اربعة مواسم لم يحظ خلالها بإعجاب المدرب الاسكتلندي السابق اليكس فيرغوسون وخاض فيها عدداً قليلاً من المباريات بزيّ "الشياطين الحمر"، قفل عائداً الى برشلونة الاسباني حيث تحوّل الى نجم لامع، مساهماً بتحقيق النادي الكاتالوني انتصارات تاريخية لا مثيل لها وتحديداً السداسية التاريخية في موسمه الاول معه.
الهولندي فرانك رايكارد تألق على وجه التحديد في اياكس امستردام ابتداءً من عام 1987 حين حقق مع الفريق ثلاثة ألقاب دوري وثلاث كؤوس محلية ولقباً واحداً على جبهة كأس الكؤوس الاوروبية السابقة.
انتقل الى ميلان الايطالي وشكل ثلاثياً مرعباً الى جانب مواطنيه رود غوليت وماركو فان باستن، وحقق مع الفريق اللومباردي لقبين في كأس النوادي الاوروبية البطلة (دوري ابطال اوروبا حالياً) ولقبي دوري تحت قيادة المدرب الفذ اريغو ساكي.
عاد الى امستردام لدعم "اياكس الشاب" بقيادة المدرب لويس فان غال، فما كان منه الا ان ساهم بتحقيقه لقب الدوري المحلي.
مباراته الاخيرة مع النادي الهولندي تمثلت بنهائي دوري ابطال اوروبا 1995 حين توّج مع الفريق باللقب القاري على حساب ميلان نفسه.
الارجنتيني مارتين باليرمو بدأ مسيرته مع استوديانتيس بيد انه تحول الى معشوق للجماهير بعد انتقاله الى بوكا جونيورز الذي ارتدى قميصه بين 1997 و2000، وقد ساهم سجله التهديفي في جعله هدفا لأعتى النوادي الاوروبية، بيد ان تعرضه الى الاصابة أجّل رحيله الى "القارة العجوز".
التحق بفياريال الاسباني كما لعب لمواطنيه ريال بيتيس والافيس بيد انه لم يترك اي بصمة تذكر، فعاد الى العاصمة بوينس ايريس في 2004 حيث حظيت مسيرته بـ"فرصة ثانية" حقق فيها بزيّ بوكا جونيورز بالذات ثلاثة القاب دوري محلي ولقباً في مسابقة كأس ليبرتادوريس.
كما اصبح "إل تيتان" افضل هدافي بوكا جونيورز على مر تاريخ النادي العريق.
البرتغالي روي كوستا اعتزل في 2008 عن 36 عاما.
بدأ مسيرته مع بنفيكا حيث اكتسب شهرة عالمية.
وبعد فوزه بلقب الدوري المحلي مع "النسور"، انتقل الى فيورنتينا وحقق ثنائياً نارياً مع الارجنتيني غابريال باتيستوتا وانتزع لقبين في مسابقة كأس ايطاليا.
تحوّل الى ميلان وساهم في تحقيقه دوري ابطال اوروبا، الدوري والكأس الايطاليين قبل العودة الى بنفيكا في 2006 ليستمر معه حتى 2008 متنازلاً عن راتب سنوي بـ4.6 ملايين يورو لنادي الطفولة الذي أحب قبل ان يتولى مهام مدير كرة القدم فيه ويستغل علاقاته لضم عدد من النجوم ابرزهم الارجنتيني خافيير سافيولا ومواطناه بابلو ايمار وانخيل دي ماريا.
البرازيلي زيكو صنع اسمه في مطلع سبعينات القرن الماضي ضمن صفوف فريق فلامنغو محققاً خمسة القاب في بطولة ريو، خمسة القاب في الدوري البرازيلي، كأس ليبرتادوريس والكأس القارية (كأس العالم للنوادي حالياً).
خاض "الجوهرة البيضاء" موسمين مع اودينيزي الايطالي قبل العودة الى فلامنغو حين ساهم في تحقيقه دوري ريو مرة واحدة وبطولة الدوري البرازيلي مثلها.
من جانبه، بدأ السويدي هنريك لارسون مسيرة تألقه ضمن صفوف نادي هلسنغبورغ المحلي الذي سجل له 50 هدفا في 56 مباراة.
انتقل الى فيينورد روتردام الهولندي في 1993 قبل التحول الى نجم مطلق لسلتيك الاسكتلندي طيلة سبع سنوات.
خاض بعدها موسمين تحت قيادة رايكارد في برشلونة حيث ساهم في تتويج الاخير بدوري ابطال اوروبا 2006 على حساب ارسنال اللندني.
عاد الى بلاده ليلتحق مجددا بهلسنغبورغ في 2006 ويساهم بمنحه لقب كأس السويد.
لعب لفترة وجيزة لصالح مانشستر يونايتد عام 2007 ثم اعتزل اللعبة نهائياً.
الويلزي ايان راش تألق مع ليفربول الانكليزي بين 1980 و1987 قبل التحول الى يوفنتوس حيث احرز 7 اهداف فقط في موسم كامل، فعاد ادراجه الى "انفيلد" وخاض مع "الحمر" ثمانية مواسم متتالية ناجحة.
الحارس الالماني ينس ليمان التحق بأرسنال في 2003 وخاض كل مباريات موسم 2003-2004 الذي شهد تتويج النادي بلقب بطل الدوري الممتاز دون التعرض لأية هزيمة.
اعتزل في 2010 قبل ان يعود الى الملاعب ليلتحق بأرسنال الذي عاني حينها من اصابة حراسه كافة باستثناء الاسباني مانويل المونيا.
شاءت الصدفة ان يصاب المونيا نفسه خلال فترة الإحماء التي سبقت المواجهة امام بلاكبول، فحل مكانه ليمان في مباراة كانت الاخيرة له مع النادي قبل الاعتزال نهائياً هذه المرة.
مواطنه ميكايل بالاك تألق مع باير ليفركوزن بين 1999 و2002 وقاده الى نهائي دوري ابطال اوروبا قبل ان ينتقل الى بايرن ميونيخ ومنه الى تشلسي.
عاد الى ليفركوزن في 2010 لكنه لم يحقق اي شيء يذكر معه.
الامثلة لا تنتهي هنا،  فالالماني الآخر يورغن كلينسمان لعب لفترتين مع توتنهام الانكليزي وكذلك فعل البرازيلي ريكاردو كاكا مع ميلان، وغيرهما كثر، فماذا سيكون مصير دروغبا في حقبته الثانية مع تشلسي؟

الصراع المتجدد في اسبانيا



منشور في "النهار" اللبنانية


كتب: سهيل الحويك




يَعِدُ الموسم المقبل بالكثير على مستوى المنافسات في مختلف الدوريات الاوروبية لكرة القدم، وتحديداً في إسبانيا حيث يستعد ريال مدريد وبرشلونة إلى فصل جديد من الصراع الثنائي بينهما، مع ترقّب ما إذا كان أتلتيكو مدريد قادراً مجدداً على خرق أجواء النزاع التاريخي بين القطبين والاحتفاظ بلقبه بطلاً لـ"ليغا".

سهيل الحويك

ريال مدريد عانى الأمرّين قبل انتزاع "العاشرة" اي اللقب العاشر في مسابقة دوري ابطال اوروبا في الموسم الماضي اثر تغلبه على جاره اتلتيكو مدريد 4-1 في نهائي استاد "لا لوش" في العاصمة البرتغالية لشبونة، وقد صرف منذ تتويجه الاخير بالكأس ذات الاذنين الكبيرتين عام 2002 حوالي مليار دولار أميركي على لاعبين ومدربين قبل ان يصل كارلو انشيلوتي ويحقق له المبتغى.
ويبدو ان فلورنتينو بيريز، رئيس النادي، لم يكن يمازح أحداً في حديثه بعيد التتويج الاخير عندما قال بأن هدفه المقبل يتمثل في تحقيق اللقب الأوروبي الحادي عشر، مع العلم ان أي فريق لم ينجح في الاحتفاظ بالكأس القارية منذ تحوّل البطولة الى مسمّى دوري ابطال اوروبا عام 1992.
يدرك بيريز بأن الوقت لا ينتظر أحداً وبأن المال بات الطريق الأقرب الى المجد على مستوى النوادي، لذا حرص على تدعيم صفوف فريقه البطل مبكراً من خلال صفقتي الالماني طوني كروس بطل العالم والكولومبي خايمس رودريغيز هداف مونديال البرازيل (ستة اهداف) والحارس الكوستاريكي المتألق في البطولة نفسها كايلور نافاس، وهو ما زال يبحث عن ابرام صفقات أخرى.
ويضع ريال مدريد نصب عينيه تحديداً استعادة الزعامة المحلية التي فرّط بها في الموسم المنقضي لصالح اتلتيكو مدريد مكتفياً منها بكأس الملك على حساب غريمه التقليدي برشلونة.
ويضاف "الثلاثي الجديد" الى البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيمة والويلزي غاريث بايل والكرواتي لوكا مودريتش وغيرهم ليصبح الفريق المدريدي مكتملاً في الصفوف كافة مع دكة احتياط رائعة.
صحيح ان كأس اوروبا تبقى اللقب الأهم لـ"الملكي" غير ان الـ"ليغا" تمثل هاجساً للنادي الذي وجد صعوبات في التمسك بالزعامة المحلية خلال السنوات القليلة الماضية وشهدت سيطرة برشلونة عليها قبل البروز غير المنتظر لأتلتيكو مدريد في الموسم المنصرم بقيادة مدربه الارجنتيني المحنّك دييغو سيميوني.
برشلونة من جهته، يعيش مرحلة انتقالية مع وصول لاعبه السابق لويس انريكي لتولي مقدراته الفنية خلفاً للأرجنتيني خيراردو مارتينو الذي استمر موسماً واحداً لم يتمكن خلاله سوى من تحقيق كأس السوبر المحلية بيد انه لقب لا يسمن ولا يغني من جوع.
مارتينو أظهر عدم قدرة على تحمل الضغوط وبدا واضحاً بأن المقام لن يطول به في "كامب نو".
برشلونة يمتلك تشكيلة سوبر تضم الارجنتيني ليونيل ميسي المتحفز لتعويض خيبة الموسم الماضي والخسارة المرّة في نهائي مونديال 2014 والبرازيلي نيمار دا سيلفا الذي يتعافى من اصابة اطاحت به خارج كأس العالم الاخيرة والساعي بدوره إلى طيّ صفحة موسم لم يكن على قدر الامال المعقودة عليه.
وابرم النادي الكاتالوني صفقة من الطراز الرفيع تمثلت بالتعاقد مع "المشاغب" الاوروغوياني لويس سواريز من ليفربول الانكليزي.
سواريز الذي كان يأمل بتقليص العقوبة التي فرضت عليه من الاتحاد الدولي للعبة اثر العضة الشهيرة بحق الايطالي جيورجيو كييلليني خلال الدور الاول من كأس العالم، يسعى الى التألق لكن ثمة خشية من ان يكون مصيره مشابهاً لذاك الذي التصق بالسويدي زلاتان ابراهيموفيتش والاسباني دافيد فيا اللذين خفت نجمهما في ظل سطوة ميسي.
خط هجوم أميركي جنوبي بالكامل يضم سواريز ونيمار وميسي، مدعوماً بأندريس انييستا وسيرخيو بوسكيتس وتشافي هيرنانديز الذي اعلن اعتزاله دولياً والارجنتيني خافيير ماسكيرانو الذي تألق في المونديال، فضلاً عن الوافد الجديد الكرواتي ايفان راكيتيش لاعب اشبيلية الاسباني السابق، في مقابل رحيل فرانشيسك فابريغاس الى تشلسي اللندني.
وفي الوقت الذي يطمئن فيه انشيلوتي الى خط دفاعه بوجود البرتغالي بيبي وسيرخيو راموس ودانيال كارفاخال والبرازيلي مارسيلو والفرنسي رافايل فاران، ابرم برشلونة صفقتين "دفاعيتين" تمثلتا في الفرنسي جيريمي ماثيو من فالنسيا الاسباني والبلجيكي توماس فيرمايلين من ارسنال اللندني.
اما اتلتيكو مدريد الذي خسر اقوى اوراقه لصالح تشلسي وتحديداً البرازيلي الاصل الاسباني الجنسية دييغو كوستا والبرازيلي فيليبي لويز فضلاً عن الحارس البلجيكي المعار تيبو كورتوا، فقد سعى الى التعويض من خلال ابرام صفقات مهمة لعل ابرزها تلك التي ارتبط به بموجبها الكرواتي ماريو ماندزوكيتش القادم من بايرن ميونيخ الالماني.
موسم مختلف يعد بالكثير في اسبانيا، فلمن تقرع الاجراس في نهايته؟

الاثنين، 11 أغسطس 2014

... لهذا السبب رحل كروس

منشور في "النهار" اللبنانية






كتب سهيل الحويك

جاء إعلان رحيل طوني كروس عن صفوف فريق بايرن ميونيخ الالماني لكرة القدم، والتحاقه بريال مدريد الاسباني، بمثابة صفعة تلقاها عشاق النادي البافاري غداة تتويج "ناسيونال مانشافت" بلقب بطل العالم 2014 في البرازيل.
فقد تداولت وسائل الإعلام الأوروبية المختلفة لمدة طويلة مسألة رحيل كروس عن صفوف بطل المانيا وحامل كأسها. 
وبعدما كان اللاعب قريباً من مانشستر يونايتد الانكليزي، تمكن ريال مدريد في نهاية المطاف من الحصول على خدماته، بموجب عقد يمتد لستة اعوام مقابل 12 مليون يورو سنوياً.
كروس فضّل، خلال خوضه غمار المونديال الأخير، التركيز على تدريبات ومباريات منتخب بلاده وتأجيل الحديث في مسألة انتقاله الى ما بعد نهاية "العرس العالمي". وهكذا كان، إذ خرج بُعيد تتويج المانيا، ليعبّر عن سعادة مزدوجة باللقب وبالالتحاق بـ"النادي الملكي".
وعلى رغم توقع صدور هذا القرار من شريحة واسعة من المتابعين، فقد اعتُبر غريباً نوعاً ما عن نادٍ مثل بايرن ميونيخ لطالما التصقت به صفة "فريقٍ يشتري ولا يبيع"، فكيف الحال والامر يتعلق بلاعب من صنيع "العملاق البافاري" ويبلغ من العمر 24 سنة فقط؟
حاول بعض المصطادين في الماء العكرة إيجاد رابط ما بين رحيل ميكايل بالاك قبل سنوات من بايرن بالتحديد الى تشلسي الانكليزي، والتحوّل الحديث لكروس باتجاه ريال مدريد، فادّعوا أن السبب يعود الى كونهما من جذور المانية شرقية.
هذه الحجة لا تمتّ الى الواقع بصلة، وخصوصاً ان كروس لاعب محترف جاءه عرض مغرٍ من فلورنتينو بيريز، رئيس ريال مدريد، فوافق عليه بعدما رفض البايرن تحسين عقده معه على نحو ما أراد.
التصريح الذي أدلى به اللاعب الدولي الالماني خلال مؤتمر صحافي اقيم يوم تقديمه الى جماهير "سانتياغو برنابيو"، ورأى خلاله أنه ينتقل الى صفوف افضل فريق في العالم، لم يرُق لكثيرين من عشاق بايرن، فيما تمنى له زميله السابق في النادي البافاري توماس مولر التوفيق في تجربته الجديدة، مشدداً "على اننا سنفتقده بعض الشيء في الملعب، لكن ليس خارجه، لأننا لم نكن مقرّبين من بعض".
كروس، صاحب الشخصية الخجولة، بدأ مسيرته العام 1997 في صفوف غريفسفالدر اس في (الالماني الشرقي سابقاً)، قبل ان ينتقل الى مواطنه هانزا روستوك في 2002، ويستمر معه حتى 2006 حين لفت كشّافي بايرن ميونيخ الذي ضمه الى اشباله، فخاض موسماً واحداً قبل ان يصعّد الى الفريق الثاني، وبعده فوراً الى الفريق الاول حتى 2014، علماً انه اعير الى باير ليفركوزن الالماني في موسم 2009-2010 عندما خاض 33 مباراة مسجلاً تسعة اهداف وصانعاً 12، فاستعاده النادي البافاري.
غاب كروس بسبب الاصابة عن معظم فترات موسم 2012-2013 الذي شهد تتويج بايرن ميونيخ بقيادة المدرب الفذّ يوب هاينكيس بثلاثية الدوري والكأس المحليين ودوري ابطال أوروبا، قبل ان يلعب دوراً محورياً تحت قيادة المدرب الاسباني جوسيب غوارديولا في الموسم الماضي، الى درجة اعتبر فيها امتداداً لـ"بيب" داخل أرضية الملعب، مع نسبة نجاح في التمريرات بلغت 92 في المئة ضمن الدوري الالماني.
انعكس التطور المطرد للاعب تألقاً باهراً في مونديال 2014، اذ خاض 689 دقيقة من مجمل 690، شكلت زمن مباريات فريقه السبع في بطولة مظفرة، شهدت تسجيله هدفين (في نصف النهائي امام البرازيل 7-1) وصناعته أربعة، ليفرض نفسه ركناً أساسياً في توليفة المدرب يواكيم لوف.
ربما لم يكن كروس حقاً لاعباً ناشطاً في صفوف بايرن ميونيخ. صحيح أنه وقّع عقداً مع النادي، ارتدى قميصه وحقق معه ألقاباً عدة، غير أنه ما كان يوماً ذاك "النجم المميز" على منوال الكابتن فيليب لام وباستيان شفاينشتايغر.
هو لاعب كرة قدم، نعم، لكنه في البايرن لم يكن رمزاً.
أسوأ اداء قدمه كروس في الموسم الماضي جاء امام ناديه الجديد ريال مدريد ضمن الدور النصف النهائي من مسابقة دوري ابطال اوروبا، عندما سقط بايرن 0-4 اياباً في "اليانز ارينا" بعد خسارته 0-1 ذهاباً أيضاً.
السؤال الذي فرض نفسه حينذاك: هل ينجح اللاعب في فرض أسلوبه ويتابع هواية التمرير المتقن خلال كأس العالم وتحت الضغوط التي تفرضها بطولة بهذا الحجم؟
مونديال 2014 كان خير دليل الى تطوّر كروس على هذا الصعيد وبصورة لا مثيل لها، فكان بنفسه أوّل من يدرك الى اي مدى وصل في تألقه.
بدا بايرن مقبلاً على تجديد عقده بعدما عرض رفع الأجر السنوي من 4 الى 7 ملايين يورو، غير ان اللاعب رفض.
حصول زميله الهولندي اريين روبن الذي يبلغ من العمر 30 سنة على عقد محسّن، ساهم هو الآخر في رفع صوت كروس ودفعه الى التشبث بمطالبه وتأجيل المفاوضات مرات عدة، الامر الذي مهّد الطريق امام نوادٍ عدة لطرق بابه، أوّلها وأكثرها جدّيةً مانشستر يونايتد وريال مدريد.
معلوم ان ماريو غوتسه، صاحب هدف فوز المانيا على الارجنتين في نهائي كأس العالم 2014، والبالغ من العمر 22 سنة فقط يتقاضى من جانبه 12 مليون يورو سنوياً في بايرن ميونيخ.
صحيح ان كروس فرض نفسه حلقة في سلسلة نجاح الفريق الجنوبي، غير أنّه بدا أمام مشوار طويل الأمد لاحتلال مكانة لاعبي الصف الاول داخله. وفي سن الـ24، قرر طوني عدم استكمال حربه لبلوغ ذاك الهدف.
في المقابل، لم يأبه بايرن بـ"تهديدات" اللاعب ورفض الانصياع لطلباته الملحّة، فتخلى عنه لريال مدريد مقابل 30 مليون يورو، مدركاً أن غوارديولا يمتلك اكثر من عنصر قادر على سد الفراغ، وخصوصاً بعد ضم لاعب الوسط الاسباني خوان بيرنات، علماً ان الظهير الايسر النمسوي دافيد الابا دأب على التألق في المركز عينه الذي يشغله ضمن صفوف منتخب بلاده.
كان رحيل كروس مسألة لا مفر منها، دافعها الأبرز مادي بالتأكيد، غير انها تعتبر كذلك إختباراً لشجاعة اللاعب، وخصوصاً ان معظم من سبقه في الانضمام الى بايرن او الترعرع فيه كان ينتهي بهم المطاف بالاعتزال ضمن صفوفه.
شكّلت مغادرته استثناءً لقاعدة سائدة، ويبدو ان طموحه قاده الى الذهاب بعيداً من بافاريا، ربما بحثاً عن تقديرٍ يبتغيه كلاعب فريد من نوعه.
فهل يتحقق له ذلك في ريال مدريد بين كوكبة من النجوم العالميين، يأتي في مقدمهم البرتغالي كريستيانو رونالدو والويلزي غاريث بايل والفرنسي كريم بنزيمة والكولومبي خايمس رودريغيز والكرواتي لوكا مودريتش؟


السبت، 9 أغسطس 2014

"السياسة والتجارة بعيداً عن الرياضة" ... قولٌ من الماضي!



منشور في "النهار" اللبنانية

كتب: سهيل الحويك



في وقت يسعى فيه السياسيون في واشنطن ولندن الى تغليظ العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو، لا يشعر الاتحادان الدولي والاوروبي لكرة القدم بحرج ازاء استكمال ملء جيوبهم قدر المستطاع بملايين الروبلات الروسية.
صحيح انه جرى اسدال الستار على كأس العالم 2014 في البرازيل قبل اسابيع قليلة، بيد ان فتيل الاستعدادات للنسخة المقبلة المقررة عام 2018 في روسيا أُشعل قبل أشهر من ذلك، فقد وقّع الاتحاد الدولي (فيفا) عقد رعاية جديد مع شركة "غازبروم" الروسية لمدة اربعة اعوام في سوتشي خلال ايلول/سبتمبر الماضي.
بالاضافة الى ذلك، ترتبط مسابقة دوري ابطال اوروبا التي تفرض نفسها بقوة في صدارة اكثر البطولات حضوراً في صلب مشهد البث التلفزيوني، بشركة الطاقة الروسية نفسها وإن بسيناريو اوسع.
"غازبروم" هي احدى الجهات الثماني الاكثر ضخاً للأموال في "تشامبيونز ليغ"، الى جانب "نيسان"، "هاينيكن"، "ماستركارد"، "سوني"، "يونيكريدت" و"إتش تي سي"، وتحظى هذه الجهات بحق الظهور على اللوحات الاعلانية للملاعب، وفي المؤتمرات الصحافية التي تلي المباريات عادةً.
كما تبرز "غازبروم" في مواقع اخرى، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الاعلانات التي تبث في احدى القنوات البريطانية وتربط الشركة الروسية بدوري الابطال، اذ يقول شعار احدها: "نحن نشعل كرة القدم".
وفي كل مرة تظهر نوادي زينيت سان بطرسبرغ الروسي، شالكه الالماني، رد ستار بلغراد الصربي، وتشلسي الانكليزي في احدى المباريات، فمن السهل رؤية شعار "غازبروم"، الذي تملك الحكومة الروسية معظم اسهمها، على قمصان لاعبيها او بين ثلة رعاتها.
كل ذلك يثبت مدى الارتباط العضوي بين التجارة والرياضة.
"غازبروم" تمتلك نادي زينيت فقط وهي بالتالي لا تخالف قوانين الاتحاد الاوروبي للعبة التي تحظر على اي جهة امتلاك فريقين او اكثر تتنافس ضمن البطولة نفسها.
وعندما جرى الاتفاق بين شركة الغاز الروسية و"فيفا" خلال الخريف الماضي، وقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى جانب اليكسي ميلر، الرئيس التفيذي في "غازبروم"، والسويسري جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي للعبة خلال توقيع العقود وقال إن "الصفقة مهمة ونبيلة".
أما ميلر فصرح: "غازبروم ليست فقط اكبر شركة غاز في العالم بل هي الاكثر ارتباطاً بكرة القدم من الناحية العاطفية"، وتابع: "انا متأكد بأن هذا التعاون سيلعب دوراً ايجابياً على صعيد سمعة الشركة ويمنح العلامة التجارية دفعة مهمة على مستوى العالم".
من جهته، يرى روب هيوز، الكاتب في صحيفة "انترناشونال نيويورك تايمز" أن "الروس يميلون دائماً الى التمويه في مسألة استثماراتهم الضخمة في الرياضة لأننا نادراً ما نتمكن من معرفة قيمة الاموال التي يضخّونها في هذا القطاع"، ويضيف: "الاتحادان الدولي والاوروبي لكرة القدم جمعا ثروتيهما من عقود البث التلفزيوني حول العالم، ودأبا على الطلب من كل من يرتبط بهما (الاتحادات المحلية والنوادي) احترام قواعد مالية محددة والكشف عن حساباتهم في وقت لا يلتزما بحد ذاتهما الكشف عن تفاصيل عقودهما المبرمة مع شركات عالمية كبيرة والتي تتم عادةً بسرية ويلفّها غموض مطبق".
قبل ثماني سنوات فقط، قامت "ماستركارد" بمقاضاة "فيفا" الذي لم يحترم عقداً طويل الأمد يربط الطرفين وقام بالتوقيع مع "فيزا"، الامر الذي يؤكد الى وجود اموال متداولة على هذا الصعيد، بيد ان احداً لا يعرف قيمتها الحقيقية.
بعد هذه القضية، ارادت "ماستركارد" البقاء في صلب المشهد الرياضي فقررت الارتباط بـ"تشامبيونز ليغ".
في صربيا، جرى تداول معلومات حول ان الاتفاق بين نادي ريد ستار بلغراد و"غازبروم" والذي بدأ العمل به في 2010، بلغت قيمته حوالي 3.8 ملايين دولار اميركي في السنة.
اما الارتباط بشالكه الالماني والذي ابصر النور في 2007 قبل ان يجري تمديده حتى 2017، فيصل بقيمته الى سبعة اضعاف ما يُدفع لريد ستار.
معلوم ان احداً ممن له صلة، سواء من قريب او من بعيد، بالاتفاق بين شالكه و"غازبروم" لم ينكر بأن الصفقة ما كانت لتتم لولا تدخّل السياسيين حين كان النادي الالماني يعاني مادياً في وقت كانت روسيا في طور مدّ خط انابيب اسفل بحر البلطيق لتأمين حاجات المانيا من الطاقة.
القول المأثور القديم الذي كان يدعو الى ابقاء السياسة بعيداً عن الرياضة، وهو الشعار المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاتحادين الدولي والاوروبي لكرة القدم واللجنة الاولمبية الدولية، بات مهملاً نتيجة الضرورات المالية في زمننا الحالي.
ما هو متّبع في رعاية دوري ابطال اوروبا هو نفسه المعمول به في ما خصّ كأس العالم لناحية دفع الاموال للهيئة المنظمة لكل من المسابقتين، كما ان الرعاة هو نفسهم تقريباً على الجبهتين.
"اديداس"، شركة الملابس والمستلزمات الرياضية الالمانية، هي راعية كأس العالم ودوري ابطال اوروبا، لكن هذا لم يمنع منافستها "نايكي" الاميركية من التوقيع مع نخبة من النجوم لانتعال احذيتها.
ويقال إن اي شريك رسمي ملتزم بدفع ما بين 24 و44 مليون دولار سنوياً كي تظهر علامته التجارية الى جانب شعار "فيفا".
هذه المبالغ لا تشكل سوى جزء بسيط من قيمة انتقال اي نجم من المستوى السوبر من ناد الى آخر ولا تقارن مثلاً باتفاقية الغاز التي ابرمت بين روسيا والصين وناهزت الـ400 مليار دولار.
تغلغُل المال في تفاصيل الرياضة بات واقعاً. وكرة القدم في ايامنا الحالية هي بمثابة الاداة بالنسبة الى الاعمال والسياسة لتحقيق اهداف معينة دونما التدخل في نتائج المباريات وما الى ذلك.
صحيح ان ثمة قوانين في فرنسا على سبيل المثال تحظر ظهور عدد من الشعارات والاسماء والعلامات التجارية الخاصة بشركات تنتهك حظر البلاد لاعلانات الكحول قبل وخلال وبعد المباريات، بيد ان كل ما عدا ذلك يمرّ.
عندما ننظر الى فريق مثل ريال مدريد الاسباني الذي سيبدأ الموسم المقبل بأسماء لامعة يتقدمها البرتغالي كريستيانو رونالدو، الويلزي غاريث بايل، الفرنسي كريم بنزيمة، والكولومبي جايمس رودريغيز في الهجوم، الى تواجد الالماني طوني كروس، بطل العالم، في الوسط لمد هؤلاء بالكرات، قد نستوعب دور المال في الرياضة.
هؤلاء اللاعبين الذين لا يتواجد بينهم عنصر اسباني واحد يشكلون جبهة عالمية متعددة الجنسيات جرى بناؤها بفضل ملايين الدولارات التي افرزها مشروع تسويقي تجاري سلعته الوحيدة ... كرة القدم.