الاخبار

الاثنين، 5 مايو 2014

عندما يصبح الدفاع أسلوب حياة

منشور في جريدة "النهار" اللبنانية
5 أيار/مايو 2014




كتب سهيل الحويك

بعيداً مما اسفرت عنه منافسات كرة القدم في أوروبا، الوطنية منها والقارية، فإن البرتغالي جوزيه مورينيو، مدرب فريق تشلسي الانكليزي، أثبت أن الدفاع يمكن ان يرتدي "اسلوب حياة" ويحقق الطموحات المرجوة على اعلى مستوى.
ولد فكر مورينيو "المتحفظ" قبل اعوام، بيد انه بلغ اوجه خلال مباراة الذهاب من الدور نصف النهائي لمسابقة دوري ابطال أوروبا للموسم الراهن، حين عمد الى تكديس لاعبيه في الخطوط الخلفية لينتزع التعادل السلبي من "فيتشنتي كالديرون" امام صاحب الدار اتلتيكو مدريد الاسباني.
وجد البرتغالي أن هذه الطريق هي الوحيدة التي تقيه خطر السقوط في المراحل الاخيرة من الموسم، فأعطى توجيهاته بتكرار السيناريو عينه في "انفيلد رود" امام ليفربول في الدوري الانكليزي الممتاز، لكن النتيجة هذه المرة تمثلت بفوز عزيز وبإصابتين نظيفتين.
لم يتفرد مورينيو خلال الموسم الراهن بمفاتيح هذه المدرسة، اذ اعتمد الايطالي كارلو انشيلوتي، مدرب ريال مدريد الاسباني، نسخة طبق الاصل منها امام بايرن ميونيخ الالماني في نصف نهائي "تشامبيونز ليغ" ايضاً.
البعض اعتبر مورينيو "داهية تكتيكياً"، فيما رأى البعض الآخر ان اسلوبه يتعارض وجوهر اللعبة.
"ذا سبيشال ون" ليس اول من يعتمد "اسلوب الاغلاق التام" في فريق كبير، ولن يكون الاخير بالتأكيد.
فقد شهدت بطولة كأس العالم 1990 تسجيل 2,21 اصابتين في المباراة الواحدة، وهي النسبة الادنى في تاريخ البطولة التي انطلقت عام 1930، الامر الذي يفسر كيف ان منتخب الارجنتين بلغ النهائي على رغم اكتفائه بإحراز اقل من اصابة في المباراة الواحدة.
وبعد اربع سنوات على احراز اللقب العالمي بقيادة دييغو مارادونا في 1986، اعتمد "البيسيليستي" الاسلوب الدفاعي المحكم، وكاد الفريق الاميركي الجنوبي أن يحتفظ باللقب لولا الخسارة امام المانيا الغربية (سابقاً) 0 – 1 في المباراة النهائية.
سجل مارادونا وزملاؤه خمس اصابات فقط في سبع مباريات بقيادة المدرب كارلوس بيلاردو، حتى انهم هزموا البرازيل في الدور الثاني 1 – 0، على رغم الطوق الذي فرضه "راقصو السامبا" عليهم طوال المباراة. ثم تجاوزوا يوغوسلافيا في ربع النهائي بضربات الترجيح وبالطريقة نفسها ايطاليا المضيفة في دور الاربعة.
واستلزم الامر من المانيا الغربية الانتظار حتى الدقيقة 85 لاحراز اصابة انتزاع اللقب العالمي من ضربة جزاء، بعد مواجهتها خصماً "رفض اللعب" واكتفى بالدفاع.
وفي مطلع تسعينات القرن الماضي، وتحديداً بين 1992 و1995، اشتهر نادي ارسنال الانكليزي بأسلوب دفاعي مضجر بقيادة المدرب الاسكوتلندي جورج غراهام الذي تولى المسؤولية في 1986، بيد انه انتظر حتى 1992 ليتخلى عن خططه الهجومية.
وفي المواسم الثلاثة الاخيرة له على رأس الجهاز الفني لـ"المدفعجية"، بلغ معدل تهديف الفريق 40 اصابة في الموسم الواحد، مقارنة بـ66 اصابة في المواسم الستة التي سبقت.
وعلى رغم عدم تتويج ارسنال مجددا بلقب الـ"برميير ليغ" في ظل الاسلوب الدفاعي الممل، فقد قاده غراهام ليصبح اول فريق يحقق ثنائية كأس الاتحاد الانكليزي وكأس رابطة النوادي المحترفة عام 1993.
ويبقى تتويج منتخب اليونان ببطولة كأس اوروبا 2004 في البرتغال اثر الفوز في النهائي على منتخب البلد المضيف 1 – 0، احدى اكبر المفاجآت في تاريخ اللعبة.
ويبدو ان مدرب الفريق حينذاك الالماني اوتو ريهاغل أدرك أن رجاله ليسوا بمستوى المنتخبات العملاقة المشاركة ولم يكن يملك العناصر القادرة على صنع الفارق، فاعتمد اسلوباً دفاعياً مبتكراً اجبر من خلاله لاعبيه على التزام اسلوب قائم على الصبر في الخطوط الخلفية واستغلال انصاف الفرص المتأتية حصراً من ضربات ركنية وضربات حرة.
وفي ايطاليا، كان انترناسيونالي ميلانو افضل من نجح في تطبيق الـ"كاتيناتشيو" (اي الكماشة) خلال ستينات القرن الماضي.
خطفُ اصابة او اصابتين من الهجمات المرتدة، كان شعار النادي اللومباردي، مع وضع الخصم امام مهمة شبه مستحيلة لاختراق سد دفاعي محكم دون طائل.
المدرب الاسطوري للفريق هيلينيو هيريرا قاد "نيراتزوري" لاحراز الكأس الاوروبية المرموقة في مناسبتين، فضلا عن ثلاثة القاب في الدوري الايطالي بفضل اسلوب دفاعي بقيادة جيانشينتو فاكيتي، تارسيزيو بورغنيش، وارماندو بيتشي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق