تحية،
اكتب اك هذه الرسالة يا صديقي وانا على بعد بضعة كيلومترات من ملعب النور في العاصمة البرتغالية لشبونة.
صودف ان تلقيت دعوة الى البرتغال لحضور مناسبة لا علاقة لها بكرة القدم وبالمباراة النهائية لمسابقة دوري ابطال اوروبا التي يخوضها فريقك الملكي بعد غد السبت امام جاره اتلتيكو مدريد.
ادرك تماما كيف تشعر فأنت لم تعش رهبة النهائي منذ زمن، وتحديدا منذ ٢٠٠٢. هو بلا شك زمن سحيق.
اذكر تماما تلك المباراة النهائية بين ريال وباير ليفركوزن والتي تابعتها شخصيا في احد مقاهي الكويت.
حزنت كثيرا لخسارة ليفركوزن بالاستناد الى ميولي الالمانية لكني اعجبت بفدائية ايكر كاسياس الذي نزل بديلا للمصاب سيزار سانشيز خلال المباراة وانقذ مرماه من وابل من الفرص المتاحة. وكيف لي ان انسى هدف الفرنسي زين الدين زيدان.
عدت معك الى تلك المباراة فقط لاذكرك بأن صعود القمة ايام زيزو لم يكن بالسهل امام ليفركوزن الذي لم يحقق في ذاك الموسم بقيادة مدربه كلاوس توبمولر اي لقب رغم تصدره الدوري الالماني حتى الاسابيع الاخيرة وبلوغه نهائي الكأس المحلية ايضا.
كان ليفركوزن قويا بوجود ميكايل بالاك والبرازيلي لوسيو ومواطنه زي روبرتو وغيرهم وقد عانى الملكي.
ليفركوزن لم يكن البتة اتلتيكو مدريد المتوج حديثا بطلا للدوري الاسباني المسابقة التي تعتبر بنظر الكثيرين الافضل في العالم وذلك على حساب فريقك وبرشلونة الطيب الذكر.
اتلتيكو لم يعد يملك اي مركب نقص امام ريال. هزمه الموسم الماضي في نهائي الكأس وها هو ينتزع الدوري المحلي. ايمانه بنفسه كبر للغاية ومدربه المحنك الارجنتيني دييغو سيميوني يصلح ليكون معدا ذهنيا اكثر مما هو في الواقع مدرب كرة قدم.
البرازيلي المتأسبن دييغو كوستا والتركي اردا توران يبدو انهما باتا جاهزين.
لا نختلف ان ثمة من يضع الفريقين على مستوى واحد لناحية الترجيحات الخاصة بالمباراة لكن المنطق يقول ان ريال مدريد هو الاقرب.
صحيح ان دوري الابطال يعتبر اللقب الاحب الى قلب ميلان الايطالي، بيد انه يبقى الاكثر ارتباطا بتاريخ فريقك. يبدو اللقب وريال مدريد اليوم اشبه بالتوأمين اللذين ولدا معا في ١٩٥٦ عندما انطلقت البطولة الام وتوج بها الملكي، وها هما على وشك ان يلتقيا السبت للمرة الاولى بعد طول انتظار.
ريال هو نادي القرن بيد ان ثمة امورا من واجبه بين الحين والاخر ان يثبتها واولها ان لم يكن اوحدها هو التتويج بالكأس ذات الاذنين.
ريال وتلك الكأس وجهان لعملة واحدة. هذا بنظرك انت وجماهير الملكي وما اكثرهم حول العالم.
اعيش معك على اصداء دقات قلبك التي تشبه قرع طبول في حروب الزمن الغابر.
حاول ان تتأنى في طموحك، فكرة القدم لا ترحم. لن اغوص معك في التاريخ فأنت عالم به. خسارة فريقي بايرن ميونيخ الالماني امام المحظوظ مانشستر يونايتد الانكليزي عام ١٩٩٩، هزيمة تشلسي اللندني امام مانشستر يونايتد المحظوظ مجددا في نهائي ٢٠٠٨ بعد ركلة الترجيح التي اضاعها جون تيري فقط لانه انزلق بفعل الامطار التي هطلت عى ارض ملعب لوجنيكي في موسكو.
اتذكر مباراة بايرن مع تشلسي في نهائي ٢٠١٢؟ من كان المرشح ومن صنع الفرص؟ في النهاية فاز الجبان الذي لا يريد ان يلعب يا صديقي.
حتى الهولندي يوهان كرويف المعروف بعدم استثاغته الالمان قال يومها بأن ثمة فرقا تؤذي كرة القدم وان على القيمين على اللعبة حرمانها من ممارستها.
انت تطمح الى العاشرة. وانا لا اريدك ان تتوج بها كي لا تبتعد اكثر وترفع رصيدك من الالقاب فيها ويصبح من الصعوبة بمكان على فريقي ان يلحق بناديك في المدى المنظور، لكن بيني وبين نفسي اتعاطف معك ومع عشقك لناديك واحيي فيك ذاك الصبر على السنوات العجاف التي امضيتها يتيما بلا عاشرتك الغالية.
فقط تذكر اللحظات الصعبة، تحديدا الخسارة امام بوروسيا دورتموند الالماني صفر-٢ في اياب ربع النهائي والفرصة الذهبية التي اضاعها هنريخ مخيتاريان في القائم.
العاشرة كما قال احد الصحافيين المقربين من ناديك ليس فيها سر، واضاف: الرقم عشرة جذاب وليس كالرقم ٩ الذي يبدو كالمهمة التي لم تنته بعد.
في الواقع لم يعجبني رأي ذاك الصحافي لكني رأيته منطقيا لجهة ان ريال مدريد لا يحتاج اي شيء لاثبات اي شيء لكنه في الواقع يحتاج ذاك الشيء اليوم اكثر من اي شيء اخر.
العاشرة هي حل للعقدة ونهاية الجفاء مع بطولة فاخرة. العاشرة هي الوسواس والهاجس والهدف والطموح.
توقعناها لكم مع البرتغالي جوزيه مورينيو فجاء الايطالي كارلو انشيلوتي ووضع فريقكم على مشارفها لكنه لم يحققها بعد.
ويبقى للبرتغالي كريستيانو رونالدو يا صديقي ثأر لنفسه يوم السبت. لم ننس ولم ينس احد تلك الدموع الحارة التي ذرفها على ملعب النور نفسه عام ٢٠٠٤ بعد الخسارةالتاريخية امام اليونان في المباراة النهائية لبطولة الامم الاوروبية بهدف انخيلوس خاريستياس.
كم بكى رونالدو وكم حاول مدرب المنتخب البرتغالي حينها، البرازيلي لويس فيليبي سكولاري مواساته.
كان سي ار 7 في بداياته وها هو اليوم وقد نضج يسعى الى منح ريال مدريد ما جاء في الاساس لمنحه اياه على ملعب مأساة ٢٠٠٤ ذاته.
لقد عشت شخصيا ما تعيشه انت نفسك اليوم ثلاث مرات منذ اربع سنوات اذ بلغ فريقي النهائي في ٢٠١٠ و٢٠١٢ و٢٠١٣ وكان المرشح للتتويج بيد انه اكفى رغما عنه بلقب واحد.
وها ان فريقك يستعد لدخول النهائي وهو المرشح ولكن يبقى كل شيء ممكنا.
اتلتيكو لم يخسر اوروبيا هذا الموسم كما ان الفريق المتوج باللقب منذ ٢٠١٠ كان يمر دائما بمحطة الفوز على برشلونة. ومن تغلب على برشلونة هذا الموسم؟ انهم الهنود الحمر.
صعبة المباراة وهي اشبه بمسألة حياة او موت.
الى هذه الدرجة بدا الريال وكأنه رفع التحدي.
اقترب اليوم الكبير يا صاحبي، هنا لشبونة وليس ميونيخ حيث دحرت فريقي حين لم يكن في يومه.
في الاساس سيمضي فوزه التاريخي على بايرن وكأنه لم يكن ان عجز كاسياس مساء السبت في ولوج اعلى نقطة من منصة التتويج.
السبت هو يومك وسأقف في المدرجات الحيادية لكن لا يمكنني الا ان اتعاطف معك انطلاقا من حبك الجارف لناديك وصبرك الكبير عليه.
يوم غد سأعود الى الكويت. رحلتي من مدينة فارو البرتغالية تنطلق في السادسة صباحا وتصل بي الى لشبونة حيث سأستنشق رائحة النهائي خلال فترة الساعة التي سأنتظرها في مطار العاصمة البرتغالية قبل التوجه الى فرانكفورت ومنها الى الكويت.
سيبقى قلبي هناك. في لشبونة، عاصمة كرة القدم السبت.
سأستشعر تلك الحمى. لا شك في اني سأعيش خوف مشجعي ريال وتوقهم الى اللقب وسأعيش كذلك لهفة جماهير اتلتيكو مدريد الى اجتراح المعجزة.
هذه هي كرة القدم، تحملنا الى حيث لا شيء يأخذنا. بحلوها ومرها نعشقها. بقساوتها وعدلها نحبها.
لك مني احر التمنيات يا صاحبي، والبقاء لكرة القدم.
صديقك سهيل
الخميس ٢٢ مايو ٢٠١٤
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق