منشور في "الراي" الكويتية
يرسلها: سهيل الحويك
تحية،
ترددت كثيرا قبل أن أخطّ لك هذه الكلمات.
نعم، لم اشأ أن ابعث اليك برسالة نصية عبر النقّال خشية أن تُمحى في سياق غيرها، أو أن يُساء فهم مقاصدها كغيرها.
لم اشأ كذلك أن اتصل بك مباشرة في حمأة حزنك بالمصاب الجلل والسقوط التاريخي المذلّ امام المانيا، وأين؟ على أرض وبين جمهور منتخبك المفضل: البرازيل.
لستُ انا ممن يتشمّتون، وانت تدري بذلك عزيزي.
قد تصل هذه الرسالة اليك وربما تخطئ سبيلها أو حتى تهملها ظنا منك أنَّ ما بداخلها امعانا في غرز خنجر العلقم في صدر مأساة «بيلو هوريزونتي».
لا وألف لا.
تعرفني واعرفك جيدا، ربما التقينا وربما لم تجمعنا الاقدار، لكن كرة القدم هي حديثنا ولغتنا وهويتنا وهاجسنا، لذا نحن نلتقي في مكان ما.
نعم أنت «برازيلي»... أما أنا فـ «ألماني».
أتذكر يا صديقي ذات يوم من العام 2002؟ «الظاهرة» رونالدو يزرع هدفين في مرمى أوليفر كانّ لتفوز البرازيل بكأس العالم للمرة الخامسة في تاريخها.
كيف لي أن أنسى؟ فأنا اعتز بهزائمي اكثر بكثير من انتصاراتي. فبالهزيمة وحدها يشتد انصهاري بـ «فريقي».
منذ ذلك اليوم وانت تصفعُني في كبريائي.
في كل مناسبة يحقق فيها منتخب المانيا أو حتى بايرن ميونيخ فوزا، وان كان وديا، وتراني افتخر به، اراك تبعث لي بصورة رونالدو بتسريحته البشعة وهو يحتفل بأحد هدفيه في مرمى المانيا في 2002، أو وهو يحاول انهاض كانّ المتحسر عن الارض.
حتى عندما تمكن الالمان من الفوز على فرنسا 1 - صفر في ربع نهائي المونديال الحالي، عكّرت مزاجي بصورة عن تلك المباراة المشؤومة حين تغلب فيها ريال مدريد الاسباني على بايرن ميونيخ 4 - صفر في «اليانز آرينا» ضمن دوري ابطال اوروبا.
لم أدرك ما الرابط بين هذا وذاك، واقسم بشرفي بأن كل رسائلك المرفقة بصور من هذا النوع «الباهت» لا تحرك بي شعرة واحدة، بل تجعلني اعاتب كرة القدم على جذبها نوعية من الناس لا تفقه شيئا من اصول التعاطي.
صحيح انا لا أقصَّر في انتقاد «خصومي» عبر مقالاتي وتغريداتي في «تويتر»، لكن كل هذا يتم قبل المباراة وليس بعدها، هي وسيلة لرفع الحماس، ليس أكثر.
نعم أنا انتقد فريقك، منتخبك، لاعبك المفضل، لكن اخلاقي لا تسمح لي بالمساس بشخصك الكريم... وهذا ما لم تلتزم به أنت، في كثير من المناسبات.
حديثي كان ومازال هو هو... في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقالاتي وعندما أحلّ ضيفا سواء على اذاعة أو تلفزيون.
أنا أعرف كيف اربح، ولهذا السبب ادرك تماما كيف أخسر.
أنا أعيش كرة القدم أفضل منك لاني احترمك أكثر بعد خسارة فريقك، ولا اسعى إلى «ضرب الميت»، فذلك حرام.
بعيد انتصار البايرن على برشلونة برباعية تاريخية نظيفة العام 2012، سعى كثيرون إلى قراءة «ما سيكتب سهيل انتقاما من اعدائه الكاتالونيين».
تتذكر جيدا أنني اكتفيت ربما بثلاث كلمات عقب المباراة عبر «تويتر»: «تصبحون على خير».
انا صاحب الروح الرياضية الحقّة وأنا المشجع المثالي، ولتكن هذه الرسالة بمثابة عهد بينك وبيني على ضرورة أن يشعر احدنا بالآخر... أيام النكسات.
المانيا سحقت البرازيل 7 - 1، نعم سبعة أهداف، وأين؟ في عقر دار «أمة كرة القدم» التي أزعجتني دوماً وأنت تطاردني بها.
ما الأفضل؟ أن تفوز على المانيا 2 - صفر في كوريا الجنوبية واليابان ام أن تفوز على البرازيل 7 - 1 في «بيلو هوريزونتي»؟
من الآن وحتى تحين ساعتي، سأرتدي هذا الانتصار لأواجه به كل من يحاول التطاول على عشقي «الاصيل» ليس لألمانيا ... بل لكرة القدم.
وطالما انك طاردتني منذ 2002 بذاك الانتصار المحقق على المانيا في ظل غياب ميكايل بالاك، فقد بات لي الحق ابتداء من اليوم، من هذه اللحظة، أن أنفث سمومي واكسر جدار عاطفتي وانتقم منك... لكن ضميري لا يسمح لي، تربيتي لا تخولني ذلك، على عكس ما فعلتَ بي سابقا، لذا لن اقول لك اكثر من: هارد لَك.
وتقبل احترامي
سهيل