الاخبار

الأربعاء، 9 يوليو 2014

الى صديقي مشجع منتخب البرازيل


 منشور في "الراي" الكويتية

يرسلها: سهيل الحويك





تحية،

ترددت كثيرا قبل أن أخطّ لك هذه الكلمات.

نعم، لم اشأ أن ابعث اليك برسالة نصية عبر النقّال خشية أن تُمحى في سياق غيرها، أو أن يُساء فهم مقاصدها كغيرها.

لم اشأ كذلك أن اتصل بك مباشرة في حمأة حزنك بالمصاب الجلل والسقوط التاريخي المذلّ امام المانيا، وأين؟ على أرض وبين جمهور منتخبك المفضل: البرازيل.

لستُ انا ممن يتشمّتون، وانت تدري بذلك عزيزي.

قد تصل هذه الرسالة اليك وربما تخطئ سبيلها أو حتى تهملها ظنا منك أنَّ ما بداخلها امعانا في غرز خنجر العلقم في صدر مأساة «بيلو هوريزونتي».

لا وألف لا.

تعرفني واعرفك جيدا، ربما التقينا وربما لم تجمعنا الاقدار، لكن كرة القدم هي حديثنا ولغتنا وهويتنا وهاجسنا، لذا نحن نلتقي في مكان ما.

نعم أنت «برازيلي»... أما أنا فـ «ألماني».

أتذكر يا صديقي ذات يوم من العام 2002؟ «الظاهرة» رونالدو يزرع هدفين في مرمى أوليفر كانّ لتفوز البرازيل بكأس العالم للمرة الخامسة في تاريخها.

كيف لي أن أنسى؟ فأنا اعتز بهزائمي اكثر بكثير من انتصاراتي. فبالهزيمة وحدها يشتد انصهاري بـ «فريقي».

منذ ذلك اليوم وانت تصفعُني في كبريائي.

في كل مناسبة يحقق فيها منتخب المانيا أو حتى بايرن ميونيخ فوزا، وان كان وديا، وتراني افتخر به، اراك تبعث لي بصورة رونالدو بتسريحته البشعة وهو يحتفل بأحد هدفيه في مرمى المانيا في 2002، أو وهو يحاول انهاض كانّ المتحسر عن الارض.

حتى عندما تمكن الالمان من الفوز على فرنسا 1 - صفر في ربع نهائي المونديال الحالي، عكّرت مزاجي بصورة عن تلك المباراة المشؤومة حين تغلب فيها ريال مدريد الاسباني على بايرن ميونيخ 4 - صفر في «اليانز آرينا» ضمن دوري ابطال اوروبا.

لم أدرك ما الرابط بين هذا وذاك، واقسم بشرفي بأن كل رسائلك المرفقة بصور من هذا النوع «الباهت» لا تحرك بي شعرة واحدة، بل تجعلني اعاتب كرة القدم على جذبها نوعية من الناس لا تفقه شيئا من اصول التعاطي.

صحيح انا لا أقصَّر في انتقاد «خصومي» عبر مقالاتي وتغريداتي في «تويتر»، لكن كل هذا يتم قبل المباراة وليس بعدها، هي وسيلة لرفع الحماس، ليس أكثر.

نعم أنا انتقد فريقك، منتخبك، لاعبك المفضل، لكن اخلاقي لا تسمح لي بالمساس بشخصك الكريم... وهذا ما لم تلتزم به أنت، في كثير من المناسبات.

حديثي كان ومازال هو هو... في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقالاتي وعندما أحلّ ضيفا سواء على اذاعة أو تلفزيون.

أنا أعرف كيف اربح، ولهذا السبب ادرك تماما كيف أخسر.

أنا أعيش كرة القدم أفضل منك لاني احترمك أكثر بعد خسارة فريقك، ولا اسعى إلى «ضرب الميت»، فذلك حرام.

بعيد انتصار البايرن على برشلونة برباعية تاريخية نظيفة العام 2012، سعى كثيرون إلى قراءة «ما سيكتب سهيل انتقاما من اعدائه الكاتالونيين».

تتذكر جيدا أنني اكتفيت ربما بثلاث كلمات عقب المباراة عبر «تويتر»: «تصبحون على خير».

انا صاحب الروح الرياضية الحقّة وأنا المشجع المثالي، ولتكن هذه الرسالة بمثابة عهد بينك وبيني على ضرورة أن يشعر احدنا بالآخر... أيام النكسات.

المانيا سحقت البرازيل 7 - 1، نعم سبعة أهداف، وأين؟ في عقر دار «أمة كرة القدم» التي أزعجتني دوماً وأنت تطاردني بها.

ما الأفضل؟ أن تفوز على المانيا 2 - صفر في كوريا الجنوبية واليابان ام أن تفوز على البرازيل 7 - 1 في «بيلو هوريزونتي»؟

من الآن وحتى تحين ساعتي، سأرتدي هذا الانتصار لأواجه به كل من يحاول التطاول على عشقي «الاصيل» ليس لألمانيا ... بل لكرة القدم.

وطالما انك طاردتني منذ 2002 بذاك الانتصار المحقق على المانيا في ظل غياب ميكايل بالاك، فقد بات لي الحق ابتداء من اليوم، من هذه اللحظة، أن أنفث سمومي واكسر جدار عاطفتي وانتقم منك... لكن ضميري لا يسمح لي، تربيتي لا تخولني ذلك، على عكس ما فعلتَ بي سابقا، لذا لن اقول لك اكثر من: هارد لَك.

وتقبل احترامي

سهيل

البرازيل ... أمام حتمية البحث عن تيلي سانتانا "فائز"


 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك



ولدت كرة القدم في البرازيل في العام 1894 بفضل «ابن البلد» تشارل ميلر العائد من رحلة إلى انكلترا حمل معه منها اللعبة التي ستصبح في السنوات التالية الرياضة الاكثر شعبية في البلاد، قبل أن تتحول إلى هوية بالنسبة إلى شعب يفتخر بخمس كؤوس عالمية قياسية. ماذا حصل وكيف لـ «أمة كرة القدم» أن تسقط امام المانيا 1-7 على ارضها في دور نصف نهائي لبطولة تعشقها؟

تمثل كرة القدم في البرازيل ثقافة قائمة بذاتها بالنسبة إلى الشعب الذي لطالما افتخر بمنتخبه، بيد أن نظرته إلى اللعبة ليست جامدة لناحية اصراره على الفوز مهما كان الثمن وباي شكل من الاشكال، بل أن تلك النظرة تشترط الانتصار المتلازم مع الاداء الفني «الساحر» الذي امسى، عبر السنوات، هوية الكرة البرازيلية.

لا خلاف على أن اسماء عدة وشمت الكرة البرازيلية بوشمها، ولا مجال هنا لتعدادها، إلا أن فلسفة اللعبة في «بلاد البن والسامبا» لم تجد ترجمتها الفعلية سوى ف ما ندر من الفرص خصوصا عام 1970 عندما امتع بيليه ورفاقه وانتزعوا كأس العالم التاسعة، أي انهم نجحوا في الجمع ما بين الفوز والاداء الساحر.

رجل واحد كسر المعادلة لناحية نيله مصادقة شبه شاملة من مواطنيه بكونه أحد افضل مدربي «سيليساو» على الاطلاق على رغم أن «انجازه» لم يقترن بتتويج على جبهة كأس العالم والذي يعتبر شرطا في معمودية العظماء في البرازيل.

تيلي سانتانا المدرب الراحل في 21 ابريل 2006 عن 74 سنة، بعد معاناة من التهاب معوي، والذي يرتبط اسمه، في كل مرة يؤتى على ذكره، بالمنتخب البرازيلي «المثالي» على رغم الفشل في قيادته إلى اعلى نقطة من منصة التتويج في نسختين من بطولة كأس العالم الـ 12 في 1982 والـ 1986 وكان فيهما على رأس الجهاز الفني للفريق.

وعلى رغم أن البرازيل عاشت احدى ليالي انسها في مونديال الولايات المتحدة 1994 عندما خاطت نجمتها العالمية الرابعة على حساب ايطاليا، قبل أن تعيد الكرّة بعدها بثمانية اعوام وتحديدا في مونديال 2002 الذي استضافت منافساته كوريا الجنوبية واليابان معا، على حساب المانيا، فإن الانجاز تحقق في المناسبتين بفضل ما اجمع الخبراء على توصيفه بـ «الومضات» التي سطرها نجوم بمجهودات فنية فردية. فالبرازيل في 1994، اعتمدت اسلوبا اوروبيا جامدا خصوصا لناحية الالتزام الدفاعي المفروض من قبل المدرب كارلوس البرتو باريرا، ولولا «ومضات» روماريو وبيبيتو، لما حمل الكابتن كارلوس دونغا تلك الكأس الذهبية عاليا في السماء الاميركية عقب ضربات الترجيح التي ابتسمت لاصحاب الفانيلات الصفراء.

والبرازيل في 2002 ما كانت لترفع رصيد القابها العالمية إلى خمسة ولولا «ومضات» رونالدو، هداف البطولة بثمانية اهداف، ريفالدو ورونالدينيو.

في مونديالي 1982 و1986، كانت تشكيلتا سانتانا متفجرتين باركانها كافة، مفطونتين على التقدم إلى الامام، مؤمنتين بروحية كرة القدم الهجومية، بيد انهما لم تجدا الطريق إلى التتويج في وقت طبعت تشكيلتا مونديال 1994 و2002 بطابع «متحفظ» غير أنه اثمر تتويجين خالدين.

وترسخت حينذاك افضلية «الواقعية» في صميم المنتخب البرازيلي، على حساب اعتبارات «طبيعية» وتاريخية اخرى.

بأي ثمن

عندما سقط الفريق في ربع نهائي بطولة كأس العالم الـ 18 عام 2006 في المانيا امام فرنسا صفر- 1 وعند المحطة نفسها في كأس العالم الـ 19 في 2010 اما هولندا 1-2 عادت لتطفو إلى السطح الحاجة إلى التخلي عن «فلسفة الفوز» باي ثمن «غير المجدية، والعودة إلى الجذور التي طالما ربطت «منتخب السامبا» بالعروض الفنية الساحرة التي تعود فورا للتذكير بسانتانا وتشكيلة الاحلام في مونديال اسبانيا 1982 مع لاعبين امثال زيكو، فالكاو، سقراط، جونيور وسيريز، الذين تألقوا بفضل ادائهم الفردي الرائع في صلب روحية جماعية لا مثل لها، وقيادة مثيرة من المدرب.

بعد اجتياز الدور الأول في كأس العالم 1982 دون صعوبات (انتصارات على الاتحاد السوفياتي السابق 2-1، اسكتلندا 4-1 ونيوزيلندا 4 -صفر)، وقعت البرازيل في الدور الثاني ضمن مجموعة واحدة إلى جانب الارجنتين وايطاليا.

تخطى رجال سانتانا الاختبار الأول على حساب جيرانهم الارجنتينيين 3-1 بعد عرض رائع، بيد انهم سقطوا في المباراة الثانية امام ايطاليا وهدافها باولو روسي 2-3 علما أن التعادل كان كافيا لضمان مقعد لهم في نصف النهائي.

ثلاثة اخطاء دفاعية قاتلة وثلاثة اهداف من توقيع روسي وحده انهت مسيرة سانتانا مع منتخب بلاده في كأس العالم الـ 16، إلا أنه ارتأى الشد من ازر لاعبيه المتسببين بالخسارة ليقول: «يحق لكم مغادرة اسبانيا برأس مرفوعة».

وعلى رغم أن العادة جرت في البرازيل على اقالة مدرب المنتخب فور انتهاء أي بطولة لكأس العالم يفشل بنهايتها في ولوج منصة التتويج، فإن سانتانا شكل استثناء على القاعدة بدليل استمراره في منصبه حتى المونديال التالي في المكسيك.

عام 1986، امتلكت البرازيل منتخبا رائعا آخر، بيد انها سقطت في ربع النهائي عقب المباراة المشهودة امام فرنسا في غوادالاخار 3-4 بضربات الترجيح اثر انتهاء الوقتين الاصلي والاضافي بالتعادل 1-1.

هنا طويت صفحة سانتانا مع المنتخب البرازيلي نهائيا واكتفى خلال هذه الحقبة بكونه مدرب أحد افضل المنتخبات في التاريخ والتي فشلت في احراز كأس العالم.ويبقى افضل انجاز في سجل سانتانا متمثلا في قيادته فريق ساو باولو البرازيلي إلى احراز بطولة كأس «ليبيرتادوريس» لنوادي اميركا الجنوبية والكأس القارية مرتين متتاليتين (1992 و1993) قبل أن يصاب بازمة قلبية عام 1996 جرى بعدها بتر جزء من ساقه اليسرى في 2003.

بيليه وغارينشا

عّرف سانتانا، الذي بدأ حياته في الملاعب كحارس للمرمى قبل أن ينتقل إلى مركز الوسط المهاجم، بانه من اعاد الـ «يوغو بونيتو» (اللعبة الجميلة باللغة البرتغالية) إلى الحياة، وقال يوما: «لا شك في أنني كنت سأسعد جدا لو حظيت بشرف قيادة منتخب هولندا بنسخة عام 1974، كان فريقا متكاملا يمنحك الفرصة مثلا «في تحويل يوهان كرويف إلى الجانب الايمن إذا شئت، وان اردت زجه في الجانب الايسر، لكان قادرا على الاجادة بشكل رائع أيضاً. عناصر المنتخب الهولندي كافة كانوا مؤهلين للمشاركة في أي مركز».

ويأسف سانتانا، الذي درب النادي الاهلي السعودي بين 1983 و1985، لواقع أنه «لم احظ بشرف تدريب بيليه وغارينشا، وهما بنظري الوحيدان اللذان يعرفان كل شيء عن كرة القدم منذ الولادة».

من جهته، يقول النجم البرازيلي السابق توستاو: «كرة القدم، تحت قيادة سانتانا، بدت مستديرة اكثر من أي وقت مضى، وذلك نظرا إلى الاسلوب السريع والسلس الذي اعتمده».

اما لياو، حارس المرمى الدولي السابق، فرأى أن رسالة سانتانا يجب أن تكون بمثابة المشعل الذي تتناقله الاجيال، عالم سانتانا لا يؤمن سوى بكرة القدم المشعّة حيث لا مكان للعنف والالتحامات الخشنة».

يروي لياو نفسه عن صديقه الراحل سانتانا رفضه قبول أحد اللاعبين صغار السن خلال امتحان مهاري اجراه أحد النوادي الكبرى على رغم موهبته، وذلك بسبب ميل الصبي اليافع في بعض الاحيان إلى ارتكاب اخطاء عنيفة بحق خصومه، الامر الذي من شأنه - برأي سانتانا - أن يبطئ اداءه فضلا عن تسببه في الحصول على بطاقات ملونة.

محك حقيقي

بعد السقوط المدوي في مونديال 2010، تمت اقالة كارلوس دونغا من منصب المدرب ليقع الاختيار على مانو مينيزيس وذلك حتى بطولة كأس العالم 2014.

حيث الخطأ ممنوع، والفرصة سانحة للخروج من جلباب الاداء المتحفظة وتقديم ما هو مرجو بالتلازم مع التتويج الموعود.

أُقيل مينيزيس، وكان هذا القرار ضروريا بالنسبة إلى الاتحاد البرازيلي بعد نتائج هزيلة للفريق واداء تحت المستوى.

ووقع الخيار على لويز فيليبي سكولاري مدرب «راقصي السامبا» في مونديال 2002.

تحّسن المنتخب وكبرت حظوظه بعد تتويجه بطلا لكأس القارات العام 2013، وبات مرشحا فوق العادة لاحراز كأس العالم على ارضه.

سعت البرازيل إلى تحاشي مأساة 1950 عندما استضافت نهائيات كأس العالم الرابعة (1950) وسقطت في المباراة الختامية امام الاوروغواي 1-2 على استاد «ماراكانا» الشهير، لتفشل بالتالي في انتزاع اول القابها، لكن الالمان اذاقوها مرارة اكبر بعد فوزهم عليها بنتيجة ولا بالأحلام 7-1 في نصف النهائي.

وبعد طي صفحة كأس العالم 2014، يتوجب على البرازيل العودة إلى الجذور وربما البدء في البحث عن نسخة فائزة من الراحل طيب الذكر تيلي سانتانا.

نجومية لاعب لا تعني نجاح مدرب!

منشور في "الراي" الكويتية

كتب: سهيل الحويك

عدد كبير من اللاعبين برز في ارض الملعب وحقق نجاحاً منقطع النظير وذاق من المجد ألذّ طعم. وعندما حاول نقل «نبوغه» الى دكة الاحتياط مدرباً، كان الفشل الذريع مصيره. الارجنتيني دييغو ارماندو مارادونا مثال صارخ على هذه النوعية.

حصل مارادونا على اربع فرص لاثبات نفسه كمدرب مستنداً في ذلك الى سجل باهر كلاعب زاده بريقاً نجاحه في قيادة منتخب بلاده الى اعلى نقطة من منصة التتويج في بطولة كأس العالم الـ13 في المكسيك عام 1986.

في 1994 تسلّم مقدرات نادي مانديو دي كورينتيس الارجنتيني، وبعدها بسنة تولى تدريب مواطنه راسينغ كلوب دون ان يترك بصمة.

وبعد انتظار دام 13 عاما، حصل «بيبي دي اورو» على الفرصة التي لطالما لهث خلفها عندما تولى تدريب «البيسيليستي»، اي منتخب الارجنتين، في 2008 على امل قيادة الفريق الى انتزاع لقب بطولة كأس العالم الـ19 في جنوب افريقيا بعدها بسنتين.

لم تجر الرياح كما اشتهت سفن مارادونا. وبعد دور اول رائع ودور ثان مشجع توجّه بالفوز على المكسيك، غرق «المنتخب السماوي والابيض» في وحول ربع النهائي وسقط شر سقوط امام منتخب الماني لم يرحم خصمه بقيادة ليونيل ميسي بنتيجة كبيرة قوامها أربعة اهداف نظيفة كان لا بد بعدها ان يترجل دييغو من المنصب على رغم اعلانه صراحة رغبته في الاستمرار، بيد ان مشاكل عدة مع خوليو غروندونا، رئيس الاتحاد المحلي، فرضت عليه الرحيل خائبا.

وتمثلت المفاجأة بعودة مارادونا الى النشاط بتوليه تدريب الوصل الاماراتي مطلع موسم 2011-2012، غير ان سوء النتائج والفشل في احراز ألقاب أدّيا الى فسخ العقد من قبل القيمين على النادي وتعيين الفرنسي الراحل برونو ميتسو مكانه.

لم يكمل دييغو الموسمين اللذين نص عليهما العقد ودخل في مشاكل مع ادارة الوصل في خصوص المستحقات المتوجبة للمدرب.

مارادونا ليس الوحيد الذي تألق كلاعب وعانى الامرين كمدرب.

فقد عرف الانكليزي توني ادامس مسيرة رائعة مع ارسنال اللندني اذ قاده الى احراز لقب الدوري الممتاز في اربع مناسبات فضلا عن ثلاث كؤوس محلية.

خاض القائد السابق لـ«المدفعجية» 675 مباراة مع الفريق بالاضافة الى 66 مباراة دولية مع «منتخب الاسود الثلاثة».

تولى تدريب ويكمب وندررز (2003-2004) فهبط الفريق الى الدرجة الثالثة (ليغ 2 في حينه)، قبل ان ينتقل لتولي الدفة في بورتسموث (2008-2009) ويقال بعد أربعة اشهر فقط بسبب سوء النتائج.

حاول خارج الحدود وتحديدا في اذربيجان مدرباً لفريق غابالا (2010-2011) حيث مكث 17 شهرا قبل العودة ادراجه الى انكلترا.

مواطنه «الاسطورة» بوبي تشارلتون عرف مجداً مبيناً مع مانشستر يونايتد كلاعب (ثلاث بطولات دوري، وكأس اوروبية واحدة فضلا عن كأس العالم 1966 مع المنتخب)، واعتبر على مستوى العالم كأفضل لاعب انجبته الملاعب الانكليزية.

كانت له تجربة يتيمة كمدرب مع بريستون نورث اند (1973 الى 1975) لا شك في انه كان يتمنى عدم تعكير سجله الناصع بها لأن الفريق هبط خلالها الى الدرجة الادنى.

بول غاسكوين بصم على نبوغه كلاعب خلال كأس العالم الـ14 في ايطاليا عام 1990 على رغم خروج منتخب بلاده انكلترا من دور الاربعة امام المانيا الغربية سابقا.

تولى «غازا»، الذي شهدت حياته الشخصية اضطرابات تكاد لا تحصى، تدريب كيتيرينغ تاون عام 2005 بيد انه اقيل بعد 40 يوما فقط بسبب قيادته التدريبات وهو مخمور.

الهولندي رود غوليت برز كلاعب في صفوف اي. سي. ميلانو الايطالي (الدوري المحلي 3 مرات وكأس اوروبا مرتين) وكان كابتن «المنتخب البرتقالي» الفائز بقلب بطل «أورو 1988» في المانيا.

صحيح انه قاد تشلسي الانكليزي لاحراز الكأس المحلية عام 1997 كمدرب بيد ان مصيره كان الاقالة في نهاية الامر.

انتقل الى نيوكاسل (1998-1999) حيث اصطدم بنجم الفريق الأول آلن شيرر ففضل الاستقالة.

امضى موسما عابرا (2004-2005) مع فيينورد روتردام الهولندي قبل ان يعبر المحيط الاطلسي لتولي مقدرات تدريب لوس انجليس غالاكسي الاميركي (2007-2008) الذي لم يطب له المقام معه.

وفي 2011، تسلم قيادة فريق تيريك غروزني الشيشاني بيد انه لم يستمر معه لأكثر من 5 اشهر اذ اقيل بعد ان انتقده القيّمون على النادي نتيجة ارتباط اسمه بالحياة الليلية عوض التركيز في عمله.

شيرر نفسه فرض ذاته افضل هداف في الدوري الممتاز (260 هدفا) في صفوف بلاكبيرن روفرز ونيوكاسل يونايتد، فضلا عن هزه الشباك 30 مرة في 63 مباراة دولية.

تولى تدريب نيوكاسل، الفريق الذي شهد انطلاقته، وذلك في 8 مباريات (2008-2009) الا انه فشل في انقاذ الـ«ماغبايز» من الهبوط.

الايرلندي روي كين قام بدور «اللاعب المدرب» في صفوف مانشستر يونايتد تحت قيادة الاسكوتلندي اليكس فيرغوسون، وانتزع سبعة القاب دوري وكأس اوروبية خلال 12 عاما في «اولد ترافورد».

كان مقدرا له ان يلمع كمدرب الا ان تجربه في سندرلاند لم تدم اكثر من موسمين (2006 الى 2008) اذ استقال، قبل ان يتولى تدريب ايبسويتش تاون (2009 الى 2011) ويفشل في الصعود به الى الدوري الممتاز فأقيل في منتصف موسمه الثاني معه.

الالماني لوثار ماتيوس توج مع بايرن ميونيخ بلقب الدوري ثماني مرات ومع انترناسيونالي ميلانو الايطالي مرة فضلا عن فوزه بكأس الاتحاد الاوروبي (يوروبا ليغ حاليا) في مناسبة واحدة مع كل من الفريقين.

خاض 150 مباراة دولية مع منتخب المانيا وكان قائدا للفريق الفائز بكأس العالم 1990.

لم يعرف ماتيوس حياة شخصية مستقرة فقد تزوج اربع مرات ودخل في خلافات عدة اينما حل وارتحل كمدرب.

عجز عن الحصول على الفرصة التي لطالما لهث وراءها والمتمثلة بقيادة احد فرق «البوندسليغه»، وكان مصيره الفشل في محطاته التدريبية المختلفة: رابيد فيينا النمسوي (2001 الى 2002)، بارتيزان بلغراد الصربي (2002 الى 2003)، منتخب هنغاريا (2004 الى 2006)، اتلتيكو باراناينسي البرازيلي (2006)، ريد بول سالزبورغ النمسوي (2006 الى 2007)، ماكابي نيتانيا الاسرائيلي (2008 الى 2009)، ومنتخب بلغاريا (2010 الى 2011).

برز هريستو ستويتشكوف لاعباً في صفوف برشلونة (الدوري الاسباني خمس مرات وكأس اوروبا مرة) ومع منتخب بلاده الذي قاده الى نصف نهائي مونديال 1994 في الولايات المتحدة حيث توج هدافا بالاشتراك مع الروسي اوليغ سالينكو (6 اهداف لكل منهما).

فشل كمدرب في ايصال منتخب بلاده (2004 الى 2007) الى مونديال 2006 في المانيا والى «يورو 2008» في سويسرا والنمسا، وامضى فترة عابرة مع سلتا فيغو الاسباني (2007) شهدت هبوطه في نهاية المطاف، ثم انتقل الى ماميلودي صنداونز الجنوب افريقي (2009 الى 2010) وبعدها الى فريق ليتيكس لوفيك البلغاري.

من جانبه، عُرف الهولندي ماركو فان باستن من خلال اهدافه الرائعة مع اياكس امستردام (الدوري المحلي ثلاث مرات وكأس الكؤوس الاوروبية مرة) وميلان (الدوري اربع مرات وكأس اوروبا ثلاث مرات) ومنتخب بلاده (كأس امم اوروبا 1988).

قاد منتخب بلاده في بداية مسيرته التدريبية (2004 الى 2008) بيد ان الفريق لم يحقق الطموحات في مونديال 2006 و«يورو 2008».

تولى المسؤولية في اجاكس لموسم واحد (2008-2009) انهى فيه الفريق مسابقة الدوري متخلفا بفارق 12 نقطة عن اي. زد. الكمار المتوج بطلا، قبل ان يتولى تدريب هيرينفن الهولندي، ومنه الى الكمار.

مباراة ميسي

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك



* قد تكون مباراة العمر بالنسبة إلى الارجنتيني «الساحر» ليونيل ميسي.

- لماذا؟

• لانها قد توصله إلى خوض المباراة النهائية لبطولة كأس العالم في كرة القدم.

- لكنه حقق كل شيء مع برشلونة الاسباني وحصد كل الالقاب الفردية الممكنة وحطم كل الارقام القياسية.

• أعلم ذلك لكن كأس العالم غير. كأس العالم تضع من يحظى بشرف ملامستها في صلب التاريخ وقمة عناوينه، فكيف إن تعلّق الامر بميسي؟

هو حوار دار بيني وبين نفسي وانا اكتب هذه السطور.

مباراة اليوم بين الارجنتين وهولندا هي الاهم دون شك في مسيرة ميسي على الاطلاق.

يقولون بأن ولوج المباراة النهائية لاي بطولة هو حلم، اما النهائي نفسه فيعتبر مسألة اخرى لان «اي شيء قد يحصل فيها».

لذا يتطلع ميسي إلى موقعة نصف النهائي لمونديال البرازيل على انها الاهم في مسيرته المتخمة بالالقاب مع برشلونة حصرا.

ولاشك في أن «ليو» سيكون مستعدا للتنازل عن كل ما حققه سابقا في مسيرته لمجرد ملامسة كأس العالم التي ستضعه، إن هو طبع عليها قبلة الانتصار في 13 يوليو الحالي على استاد «ماراكانا» في ريو دي جانيرو، في خانة اساطير كرة القدم إلى جانب مواطنه دييغو مارادونا والبرازيلي بيليه.

مباراة اليوم ستضع ميسي تحت ضغوطات جمّة، وستمثل اختبارا لاعصابه وصفاته القيادية على الرغم من أن زميله خافيير ماسيكرانو هو القائد الفعلي قبل أن يتنازل له الاخير عن الشارة خلال مونديال 2010 لعل وعسى يتحسن مردوده، بيد أن ذلك لم يجد نفعا في جنوب افريقيا عندما ودع «راقصو التانغو» المنافسات من ربع النهائي اثر الخسارة الكبيرة امام المانيا صفر - 4.

صحيح أن ميسي سجل اربعة اهداف في الدور الأول (هدف في مرمى البوسنة والهرسك وآخر امام ايران وهدفان امام نيجيريا) كما صنع هدفا امام سويسرا، بيد أنه سيوافق على التنازل عنها كلها في مقابل فوز فريقه اليوم بهدف وحيد لا يسجله بنفسه ولا يتدخل حتى في صناعته.

لم يعد هناك متسع من الوقت امامه لاحراز كأس العالم، فهو في الـ 27 من العمر، أي في قمة العطاء، وسيكون في الـ 31 عندما تستضيف روسيا مونديال 2018، لذا فإن العالم والارجنتين ومنتخب التانغو و«ليو» نفسه ينظرون إلى مباراة اليوم على انها باب دخول «الساحر» إلى دنيا الاساطير أو انها تشكل انهياره نهائيا على اعتابها.

هذه الموقعة هي بحق «مباراة ميسي»، ليس بمواجهة هولندا فحسب، بل بمواجهة سجله وتاريخه وحاضره ومستقبله وقدراته وعبقريته.

هنا واليوم عليه تقديم كل شيء يملك لانها اشبه بالفرصة الاخيرة.

لن يقف أحد في وجه هذا «البرغوث»، ولن يقوى الدفاع الهولندي برمته عليه، ولن يتمكن المدرب الفذّ لويس فان غال من وضع حد له إن كان اليوم في 75 في المئة فقط من عطائه.

هي مباراة اشبه بفاصل تاريخي بين ميسي قبل المباراة النهائية ... وميسي في المباراة النهائية.

جريمة البرازيل 94

منشور في "الراي" الكويتية

كتب: سهيل الحويك

المانيا تواجه البرازيل في عقر دارها ضمن الدور نصف النهائي من كأس العالم 2014 لكرة القدم.

مواجهة تلخص تاريخا في هذه الرياضة الاكثر شعبية في العالم.

البرازيل التي تمثل المتعة في كرة القدم تقابل المانيا التي تعكس الواقعية والقوة.

صحيح أن «راقصي السامبا» خسروا الكثير من بريقهم بيد أن الحماس والرغبة والارض والجمهور تبقى عوامل فعّالة قد تؤدي بهم إلى ولوج المباراة النهائية المقررة في 13 يوليو الحالي في استاد «ماراكانا» الشهير في ريو دي جانيرو.

في الواقع، ما عاد منتخب البرازيل وفيا لمبادئه وهذا حقه. لم يعد يكترث بالارث الذي تناقلته الاجيال. في مونديال 1982 في اسبانيا و1986 في المكسيك، ظهر هذا الفريق وكأنه قادم من كوكب آخر.

اسماء لامعة كالراحل سقراط وجونيور وايدير وفالكاو وايزيدورو وكاريكا وجوسيمار مازالت راسخة في ذاكرة كرة القدم الجميلة إلا انها لم تجلب الكأس للبرازيل.

ومرت نسخة 1990 في ايطاليا مرور الكرام بعد أن ودع «راقصو السامبا» المنافسات من الدور الثاني بالخسارة غير المستحقة امام الارجنتين في مباراة تسيدوها تماما إلا أن تمريرة ساحرة يتيمة من دييغو مارادونا إلى «توأم روحه» كلاوديو كانيجيا افضت إلى هدف فوز اهّل «راقصي التانغو» إلى ربع النهائي.

وجاء مونديال 1994 في الولايات المتحدة، وهنا بدأ التغيير بحيث اعتمد المدرب كارلوس البرتو باريرا على فكر اوروبي اساسه الدفاع المتراص مع اطلاق الحرية الهجومية للثنائي بيبيتو- روماريو.

كان اداء البرازيل عاديا وبعض الاحيان مملا إلا أنه جاء بثماره التي تمثلت بإحراز الكأس العالمية بعد انتظار دام 24 سنة كاملة.

صحيح أن الانتصار جاء على حساب ايطاليا وبأسوأ طريقة ممكنة أي بركلات الترجيح اثر انتهاء الوقتين الاصلي والاضافي بالتعادل السلبي إلا أنه تحقق... وهذا هو الاهم.

التتويج في الولايات المتحدة بهذا الفكر الغريب عن «السحر البرازيلي» كان بمثابة تأكيد على وجوب التخلي عن المبادئ الجمالية والابداعية التي لطالما التصقت بتقاليد «راقصي السامبا».

ذاك التتويج رسّخ واقع أن البرازيل ودّعت «السحر» إلى الابد وهو ما تأكد في السنوات التي تلت.

ففي 1998 خلال مونديال فرنسا وحتى في 2002 في مونديال اليابان وكوريا الجنوبية، حققت البرازيل المركزين الثاني والاول على التوالي بيد انها لم تمتع إلا من خلال ومضات «الظاهرة» رونالدو وريفالدو ورونالدينيو وريكاردو كاكا.

تألق هؤلاء لكن المنتخب ككل لم يكن ساحرا ولم يذكر احدا بـ «عجائب 82 و86».

لا يحق لاحد القاء اللوم على البرازيل لانها لم تعد البرازيل رسميا منذ 1994، فقد قامت بنفسها بإلغاء «السحر» من هويتها.

واليوم تخوض مباراة للتاريخ مع المانيا التي مازالت متمسكة منذ ولادة كرتها بمدرسة اللياقة البدنية والواقعية.

المانيا لم تبدّل شيئا في هويتها، على عكس البرازيل. هذه ليست تهمة وليست اشادة بأي من الطرفين، لان السجلات لا تعترف إلا بالفائز... سواء فاز بقلوبنا وخسر أو خسر قلوبنا وفاز.

أهي عدالة السماء؟

منشور في "الراي" الكويتية

كتب: سهيل الحويك


عندما تلتقي المانيا والبرازيل في مباراة ودية لكرة القدم، تتوقف عقارب زمن هذه اللعبة الشعبية لتشهد على مواجهة تعتبر دون جدال «كلاسيكو العالم»، فكيف وان تواجه العملاقان في الدور نصف النهائي من المونديال؟

كثيرون من مشجعي «ناسيونال مانشافت» تمنّوا فوزا كولومبياً على البرازيل صاحبة الضيافة في كأس العالم الحالية في اطار الدور ربع النهائي كون «راقصو السامبا» ومهما تذبذب مستواهم، يبقون على جانب كبير من الجودة، خصوصا في بطولة هم مستعدون لـ «الموت» في سبيلها، فكيف وهي تُنظّم على ارضهم وبين جماهيرهم؟

بعد المباراة امام تشيلي في الدور الثاني، وتلك الكرة التي سددها ماوريتسيو بينيلاّ في عارضة جوليو سيزار خلال الردهات الاخيرة من الشوط الاضافي الثاني عندما كانت النتيجة تشير إلى التعادل 1 - 1، ادرك الجميع بأن البرازيل لن تخسر على الرغم من سوء مستواها.

توجهت المباراة إلى ركلات الترجيح، فتجاوزها البرازيليون وحجزوا مقعدهم في القطار المؤدي إلى ربع النهائي لمواجهة كولومبيا.

هنا بدا أن رجال المدرب لويس فيليبي سكولاري تحرروا من الضغط و«البكاء» وضعف الشخصية في المباريات السابقة فأمتعوا وفازوا 2 - 1 وواعدوا المانيا في المربع الذهبي بعد أن كانت «الماكينات» ضمنت ظهورها في هذا الدور بفوز «حار» على فرنسا 1 - صفر، مؤكدة حضورها للمرة الرابعة على التوالي في نصف نهائي «العرس العالمي»، وهو ما لم ينجح أحد قبل مونديال 2014 في انجازه.

ابتسم الالمان وان في سرهم بعد حصول قائد منتخب البرازيل قلب الدفاع ثياغو سيلفا على بطاقة صفراء، هي الثانية له في البطولة ويتعّين عليه بالتالي أن يغيب عن دور الاربعة.

قد تكون عدالة السماء التي شاءت تعويض المانيا عمّا حدث في مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان.

في تلك البطولة، حصل ميكايل بالاك نجم المانيا المطلق مع الحارس اوليفر كانّ على بطاقة صفراء في نصف النهائي امام كوريا الجنوبية وحُرم من خوض مباراة القمة التي فازت فيها البرازيل بهدفي رونالدو.

وها هو سيلفا يحصل على بطاقة صفراء ويغيب امام المانيا.

واللافت اكثر من كل ذلك أن بالاك سجل هدف فوز الـ «مانشافت» على «محاربي التايغوغ» 1 - صفر في مونديال 2002، فيما احرز سيلفا نفسه هدف التقدم للبرازيل على «لوس كافيتيروس» مساء اول من امس.

يشعر الالمان بنوع من الرضا ازاء هذا الغياب.

ولكن عندما علموا بأن نيمار دا سيلفا سيفوّت ما تبقى من عمر المونديال بسبب اصابة خطيرة في العمود الفقري تعرض لها في المباراة امام كولومبيا، تسمّروا في اماكنهم، حائرين بين الاسف، والسعادة المستترة.

الاسف انطلاقا من الروح الرياضية الواجبة، والسعادة المستترة انطلاقا من مبدأ تكافؤ الفرص، خصوصا أن نيمار هو النجم البرازيلي الأول وكذلك الحال بالنسبة لماركو رويس الذي يعتبر افضل لاعب الماني في الوقت الراهن بيد أنه غاب عن كأس العالم اثر اصابة تعرض لها في المباراة الودية الاخيرة لـ «الماكينات» امام ارمينيا (6 - 1).

هو التعادل التام، مع فارق أن البرازيل تلعب على ارضها ولن تفوت الفرصة... بانتظار عدالة سماوية أخرى.

الاثنين، 7 يوليو 2014

مونديال المعاناة

منشور في "الراي" الكويتية 

 كتب: سهيل الحويك


ينحصر اللقب العشرون من بطولة كأس العالم 2014 لكرة القدم بين اربعة اسماء كبيرة، بلغت الدور نصف النهائي بعد معاناة في نسخة اعتبرت احدى اكثر النسخ اهدافا واثارة وتقاربا في المستوى.

البرازيل صاحبة الضيافة عانت الكثير امام المكسيك (صفر- صفر) في الدور الأول وامام تشيلي (1-1 ثم 3-2 بركلات الترجيح) في دور الـ 16.

المانيا ذاقت الامرين امام غانا (2-2) في دور المجموعات وامام الجزائر (2-1 بعد التمديد) في الدور الثاني.

هولندا كادت أن تودع البطولة من الدور الثاني لولا الصحوة المتأخرة امام المكسيك (2-1) ومن دور الثمانية لولا ركلات الترجيح التي ابتسمت لها على حساب كوستاريكا (صفر-صفر ثم 4-3).

الارجنتين لم تقدم ما هو منتظر منها وعانت هي الاخرى لتجاوز سويسرا في الدور الثاني (1 -صفر) وبلجيكا في ربع النهائي (1 - صفر ايضا).

واليوم يجد هذا الرباعي نفسه امام معركة حقيقية قبل ولوج المباراة النهائية المقررة في 13 يوليو الحالي على استاد «ماراكانا» في ريو دي جانيرو.

البرازيل والمانيا ستبذلان كل ما لديهما في المواجهة المرتقبة بينهما غدا الثلاثاء، وكذلك الحال بالنسبة إلى هولندا والارجنتين اللتين تلتقيان بعد غد الاربعاء، تمهيدا لكشف الستار عن هوية الفارسين اللذين سيتبارزان في المشهد الختامي.

يصح القول في مونديال 2014 أن البطل سيولد من رحم المعاناة.

وشاءت الاقدار أن يشهد دور الاربعة مواجهتين بين اميركا الجنوبية واوروبا في دلالة على استمرار سطوة هاتين القارتين على مقدرات اللعبة منذ انطلاقها في العام 1930.

هي المنتخبات الاربعة الاقوى في العالم حاليا دون شك.

البرازيل تبقى البرازيل وهي بلا شك تكتسب قوة مضاعفة كونها تلعب على ارضها وبين جماهيرها وان خسرت «جوهرتها» نيمار دا سيلفا بداعي الاصابة وقائدها ثياغو سيلفا بداعي الايقاف.

المانيا تبقى المانيا الحاضرة دائما في الاستحقاقات الكبرى والتي حققت رقما قياسيا نادرا تمثل ببلوغها الدور نصف النهائي للمرة الرابعة على التوالي.





الارجنتين تحولّت إلى منافسة جدية ونفضت غبار الماضي عنها بفضل «الساحر» ليونيل ميسي الذي انقذها اخيرا من عقدة الخروج من الدور ربع النهائي.

امّا هولندا فهي بلا شك اثبتت بأنها الاكثر امتاعا وحيوية في البطولة بفضل فكر مدربها الفذ لويس فان غال، واستحقت عن جدارة سحب البساط من تحت اقدام الاسبان الذين لم يخسروا اللقب العالمي فحسب بل طووا صفحة مجيدة من تاريخهم.

إذاً نحن امام الرباعي الافضل في العالم، فلمن ستُقرع الاجراس في نهاية المطاف؟

السبت، 5 يوليو 2014

انعدام رؤية؟

 منشور في "الراي" الكويتية

كتب: سهيل الحويك

يُعرف عن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيف بلاتر، بكونه صاحب الأفكار «الدخيلة» على اللعبة الأكثر شعبية في العالم، ولعل أبرزها ما جرى طرحه قبل سنوات ويتمحور على تنظيم بطولة كأس العالم مرة كل سنتين، وليس كل اربع سنوات كما هو معمول به منذ ولادتها في 1930.

من جانبه، بدا رئيس الاتحاد الأوروبي للعبة الفرنسي ميشال بلاتيني، أكثر تعقّلاً حتى عندما طرح فكرة توزيع مباريات بطولة كأس الأمم الاوروبية 2020 على 13 دولة مختلفة للمرة الأولى في تاريخ المسابقة العريقة التي ابصرت النور العام 1960.

اقترح بلاتيني الفكرة بهدف تقليص التكاليف من خلال استخدام الملاعب والتجهيزات الرياضية والبنى التحتية الموجودة فعلاً في ملاعب «القارة العجوز»، وأيضاً للاحتفال بالذكرى الستين للبطولة، الا انه بدا «خارج النص» تماماً قبل أيام عندما «رمى» بفكرة أخرى ترمي الى توجيه دعوة الى منتخب اميركي جنوبي وربما آخر آسيوي للمشاركة في «يورو 2020».

ادخال تعديل بهذه الأهمية سيدفع عدداً من الاتحادات الوطنية الاوروبية، ان لم نقل كلها، الى الاعتراض لأن الفكرة برمّتها تفتقد المنطق. وان حصل ووجهت الدعوة الى المنتخب البرازيلي أو الأرجنتيني القادرين بحق على التفوق على منتخبات أوروبية عتيدة وتُوِّج أحدهما باللقب، فهل يعقل اذذاك أن تتبنّى الصحف على صدر صفحاتها الأولى عنواناً يقول: «البرازيل بطلةٌٌ لأوروبا»؟

لطالما كان لـ«القارة العجوز» خصوصيتها، ويتوجب على بلاتيني الذي خلف السويدي لينارت يوهانسون في سدة رئاسة «يويفا» ان يحافظ على موقع بطولة كأس الأمم الأوروبية، كثاني أهم بطولات المنتخبات بعد كأس العالم بالتأكيد، وتفادي تعريضها للخدش كما يحصل مع بطولة كأس الأمم الأميركية الجنوبية. فقد دأب الاتحاد الاميركي الجنوبي للعبة بين الفينة والأخرى، على توجيه دعوات لدول واقعة خارج «منطقته» الجغرافية والرياضية للمشاركة في مسابقته الأهم.

في احدى المرات، خاضت اليابان غمار «كوبا أميركا»، فيما تظهر المكسيك بصورة دورية في البطولة على رغم كونها تقع في منطقة «الكونكاكاف» (أميركا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي)، وكذلك الحال بالنسبة الى الولايات المتحدة الاميركية وهندوراس. بدت البطولة في كل مرة يخوض غمارها منتخب من «خارج الحدود» وكأنها دورة ودية تفتقد الجدية، اذ كيف سيستوعب «مجتمع كرة القدم» مثلاً أن تتوج «اليابان بطلة لأميركا الجنوبية»؟ وكيف سيتقبل السجل الذهبي تأريخاً من هذا النوع؟

يذكر ان اليابان خاضت غمار نسخة 2011 الأخيرة من البطولة في الارجنتين التي شهدت تتويج الأوروغواي على حساب البارغواي في النهائي.

ومن حسن حظ اميركا الجنوبية ان بطولتها العريقة التي انطلقت العام 1916 وتعتبر الاقدم على صعيد المنتخبات في العالم، لم تشهد تتويجاً لغير «أصحاب الحق»، أقلّه حتى اليوم.

تخسر «كوبا اميركا» الكثير من صدقيتها في كل مرة تسمح بمشاركة دخلاء في منافساتها، ولا شك في أن على بلاتيني القاء نظرة على هذا الواقع البعيد كل البعد عن اي منطق قبل طرح فكرته رسمياً.

اليابان نفسها أنقذت بطولة كأس الامم الآسيوية 2011 في قطر عندما حرمت استراليا، الغريبة عن «القارة الصفراء»، تزعم الأخيرة (فازت عليها 1 - صفر في النهائي).

تقع استراليا في قارة اوقيانيا، بيد انها تقدمت بطلب لتصبح ضمن الجسم الآسيوي بهدف الحصول على فرصة أكبر لبلوغ نهائيات كأس العالم، وخصوصاً انها حرمت طويلاً «العرس العالمي» نتيجة أنظمة الاتحاد الدولي التي تحتم على بطل التصفيات الاوقيانية خوض ملحق، لطالما جمعه بمنتخبات اعلى منه كعباً من قارة أخرى.

ستستضيف استراليا، التي باتت آسيوية الهوى ابتداء من 2005، بطولة «أمم آسيا» سنة 2015، وستحظى بفرصة ذهبية للتتويج باللقب نظراً الى توزع غالبية لاعبي منتخبها على النوادي الأوروبية، الا ان المشكلة ستفرض نفسها في حال انتزعت الكأس الفضية، اذ ستصبح بطلةً لقارة لا تنتمي اليها جغرافياً. وكان بلاتر وعد اوستراليا بمقعد مؤهل مباشرة لكأس العالم عن قارة اوقيانيا، فما كان منها الا ان شكرته من خلال المساهمة في تجديد انتخابه رئيسا لـ«فيفا».

بلاتر فاز في الانتخابات ثم رضخ لضغوط الاتحاد الاميركي الجنوبي الذي رأى ان حصول اوقيانيا على مقعد مباشر تمّ على حسابه. تراجع السويسري عن قرار منح اوقيانيا المقعد المباشر، فوجدت استراليا نفسها كالمطعون في الظهر. ويقال ان بلاتر شعر بخطر فقدان دعم احد الاتحادات «الحليفة» الكبرى، لذا راح يعمل خلف الكواليس مع القيمين على الاتحاد الآسيوي بغية اقحام استراليا في منظومة الأخير، حيث الطريق الى تأهل دائم للمونديال أمر شبه مؤكد.

قد يكون الاتحاد الأوروبي وافق على انضمام اسرائيل الى عائلته بعدما تقطعت السبل بمنتخبها، اثر «طرده» من الأسرة الآسيوية بضغط من الدول العربية حينذاك، بيد ان أوروبا تعي جيداً ان اسرائيل لا يمكنها بتاتاً أن تهدد سطوة الكبار كألمانيا وانكلترا وايطاليا واسبانيا وفرنسا وهولندا، وتحديداً في بطولة كأس الأمم والبطولات الخاصة بالنوادي.

هي دروس تفيد بأن لكل قارة خصوصية، ولا بد من طرح اسئلة قبل طرح افكار، ابرزها: من يشارك عن اوروبا في بطولة كأس القارات في قطر اذا توج «راقصو السامبا» أو «راقصو التانغو» بـ«يورو 2020»؟

قد لا يكون بلاتيني على رأس الاتحاد الأوروبي حينذاك، لكن ما قد يحصل سيكون احد أركان ارثه... الذي لن ولا يشرّف «قارة عجوز» لطالما اعتزت بخصوصيتها.

كوستاريكا في زي نيفيل ودي ماتيو


منشور في "الراي" الكويتية





كتب: سهيل الحويك


لن تُنسى صورة غاري نيفيل وهو يصفق دعماً لزملائه في منتخب انكلترا لكرة القدم بعيد الخسارة الدراماتيكية امام فرنسا 1-2 في الجولة الاولى من دور المجموعات ضمن بطولة كأس الامم الاوروبية الثانية عشرة التي استضافتها البرتغال في العام 2004.

فقد تقدم «منتخب الاسود الثلاثة» على استاد «لا لوش» في لشبونة في الدقيقة 38 من رأسية لفرانك لامبارد إثر ركلة حرة لعبها المتخصص ديفيد بيكهام.

لاحت فرصة ذهبية امام الانكليز لحسم مسألة الفوز في الدقيقة 73 عندما حصلوا على ركلة جزاء اثر خطأ ارتكب بحق واين روني داخل المنطقة المحرمة تقدم بيكهام نفسه لتنفيذها بيد ان الحارس الفرنسي فابيان بارتيز وقف لها بالمرصاد حارما انكلترا من هدف اكيد.

صمدت انكلترا على رغم ذلك حتى الدقيقة 90 الاخيرة والتي شهدت حصول الفرنسيين على ضربة حرة انبرى لها زين الدين زيدان و«زرعها» في المرمى هدف تعادل.

وفي الدقيقة الثالثة من الوقت المحتسب بدل ضائع، تعرض تييري هنري للعرقلة داخل المنطقة الانكليزية فحصل على ركلة جزاء لعبها زيدان في شباك الحارس ديفيد جيمس مانحا فريقه فوزا وثلاث نقاط ولا بالإحلام.

بدا الانكليز وكأنهم حزموا حقائب العودة إلى لندن عقب هذه الهزيمة الموجعة في المباراة الاولى، بيد ان نيفيل كان الوحيد «الحيّ» بين زملائه، إذ عمد إلى تحفيز اللاعبين وخصوصا ان الفريق لم يفقد كل امل في التأهل إذ كانت تتبقى امامه مباراتان.

عادت انكلترا، بقيادة المدرب السويدي السابق زفن غوران اريكسون، وتغلبت على سويسرا 3 -صفر وعلى كرواتيا 4-2 فاحتلت المركز الثاني في المجموعة الثانية خلف فرنسا بالذات، بيد انها اصطدمت بالبرتغال المضيفة في الدور ربع النهائي وخسرت امامها 5-6 بضربات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الاصلي والاضافي بالتعادل 2-2 في مباراة مجنونة.

كان تصرف نيفيل بعد الخسارة امام فرنسا درسا ليس فقط في كيفية عدم الاستسلام بل في الايمان بإمكان التعويض لاحقاً.

ثمة دائما فرصة ثانية ليس في كرة القدم فقط، بل في الحياة بشكل عام.

من جانبه، اثبت الايطالي روبرتو دي ماتيو، المدرب الموقت لـتشلسي في العام 2012، بأن تجاوز برشلونة الاسباني والقضاء على بايرن ميونيخ الالماني في عقر داره امران جائزان، ليس هذا فحسب بل اكد ان ذلك ممكن في حال اعتماد التكتل الدفاعي سلاحا أوحد.

اثمرت الخطة، فقد تجاوز رجاله فريق برشلونة بصعوبة في نصف النهائي قبل الفوز على بايرن ميونيخ في عقر داره بضربات الترجيح بعد التعادل 1-1 في الوقتين الاصلي والاضافي، ليتوج تشلسي بطلا لاوروبا للمرة الاولى في تاريخه امام مالكه الملياردير الروسي رومان ابراموفيتش.

لم يلق الفريق اللندني الثناء على انجازه القاري فانتقده الهولندي يوهان كرويف وقال بأنه يفضل الخسارة على الفوز بـ«اسلوب تشلسي»، لكن التاريخ سيذكر تتويج الـ«بلوز» وليس تصريح كرويف.

ارى غاري نيفيل بالزي الكوستاريكي اليوم اذ لطالما رمق العالم هذا المنتخب المغمور وغيره بنظرة استهزاء بيد انه بلغ الدور ربع النهائي من مونديال 2014 وها هو يواجه هولندا اليوم في الدور ربع النهائي، فيما ودعت ايطاليا بطلة 1934 و1938 و1982 و2006 وانكلترا بطلة 1966 المنافسات من الدور الاول والاوروغواي بطلة 1930 و1950 من الدور الثاني، وهي الفرق التي ذاقت الامرين من المنتخب القادم من اتحاد الـ«كونكاكاف» (اميركا الوسطى والشمالية والبحر الكاريبي).

هي مباراة ليس فقط على مقعد في نصف النهائي، بل أنها بمثابة ثأر وتعويض لكوستاريكا وغيرها من المنتخبات المصنفة «صغيرة».

كوستاريكا هي صرخة، كما كانت الجزائر بالتمام والكمال. صرخة تؤكد ان فوز الصغير على الكبير متاح.

اما دي ماتيو فقد استحضرته هنا لاشير الى ان هذا المدرب الايطالي القادم من الظل راهن على فريقه على الرغم من انه كان يفتقد الى مقومات تحقيق اللقب الاوروبي المرموق امام برشلونة ومواطنه ريال مدريد وبايرن ميونيخ، بيد انه وضع خطة معينة وتمسك بها، غير آبه إن كانت مستحبة من الجمهور ام لا، وحقق من خلالها اول لقب قاري للـ«بلوز».

بهاتين العقليتين قد تحقق كوستاريكا المفاجأة الكبرى وتصل الى نصف نهائي مونديال 2014.

الجمعة، 4 يوليو 2014

واقع موحِل

 منشور في "الراي" الكويتية

كتب: سهيل الحويك


بين الأول من نوفمبر 1906 والسابع عشر من الشهر عينه لسنة 2010 اكثر من 104 سنوات بقليل بيد انها تبدو مساحة زمنية تضيق عندما يقتصر الحديث فيها عن نقطة بداية وخط نهاية.

التاريخ الأول شهد المباراة الاولى على الاطلاق التي تجمع ما بين المنتخبين «الجارين» الفرنسي والانكليزي، فيما التاريخ الثاني عاش المباراة الاخيرة بينهما على ملاعب كرة القدم.

يكاد الفارق الزمني بين اللقاءين يمثل وحده كل الفارق، غير أن القصة لا تنتهي هنا، ففي المواجهة الاولى سحق منتخب انكلترا مضيفه الفرنسي «الطري العود» بنتيجة هدف مقابل لا شيء في العاصمة «الاروع» باريس، وفي الثانية، تفوق «الديوك» على «منتخب الاسود الثلاثة» 2 - 1 على استاد «ويمبلي» في العاصمة الضبابية لندن.

في الأول من نوفمبر 1906، سقطت فرنسا سقوطا كبيرا، وان وديا، امام انكلترا بـ 15 هدفا «نظيفا».

ليس الخسارة الاكبر في تاريخ «الزرق» الذين تبقى هزيمتهم امام الدنمارك 1 - 17 في لندن يوم 22 اكتوبر 1908 حاملة لواء «الاثقل على الاطلاق»، بيد انها تبقى الاكثر ايلاما على الاراضي الفرنسية.

لم تكن الخسارة تتسم بالفداحة يومذاك خصوصا انها جاءت على يد المدرسة الانكليزية التي يعود لها الفضل في اختراع كرة القدم، أو اقله المدرسة التي اطلقت اللعبة بطابعها الحديث.

في اجواء غلبت عليها الامطار الغزيرة التي روت ارضية استاد «بارك دي برانس» في باريس طوال المباراة، احرز الانكليز ما معدله هدفا في كل ست دقائق.

ارنست ويبر، أحد الصحافيين الفرنسيين الحاضرين، حاول تخفيف وطأة الخسارة عندما كتب لصحيفة «أوتو»: من الجانب الفرنسي لاحظنا شجاعة محدودة وفخرا خجولا. اما الرغبة في فرض الذات فكانت ظاهرة. نعذر لاعبينا عندما يكون الخصم من طينة المنتخب الانكليزي. ولكن عندما يكون الفارق كبيرا للغاية، وتستحيل معه أي محاولة للصمود، ويتحول المشهد مجرد درس في فنون اللعبة، فإن المسألة برمتها توشم بوشم السخرية».

وفي المقالة نفسها، اشار ويبر إلى حقيقة أن «اللاعبين الباريسيين الخمسة الذين ضمهم الفريق، واللاعبين الستة الآخرين القادمين من خارج العاصمة، لم تكن لديهم الرغبة والارادة في اللعب معا»، واضاف: «ماذا يعني أن يقرر أحد اللاعبين الباريسيين إلا يمرر الكرة إلى أي من زملائه غير الباريسيين، فقط لان تشكيلة الفريق لم ترُقه؟ هذا ما استنتجه شخصيا واستخلصته من اللقاء. الباريسيان فيربوج وسيبريه يمرران الكرة بينهما حصرا، فرنسوا وسارتورويس القادمان من خارج العاصمة يقومان بالامر نفسه».

اللافت أنه بعد مرور 90 عام على تلك المباراة، تكرر الامر مجددا في «المنتخب الازرق» بين لاعبي الغريمين التاريخيين اولمبيك مرسيليا وباريس سان جرمان.

صحف اخرى تحدثت عن الهزيمة بـ 15 هدفا، وقالت احداهما: «اظهر منتخب فرنسا ضعفا كبيرا. لم يعد من ذاك اللقاء باية نقطة ايجابية. لم نؤمن بتاتا بقدرة لاعبينا على الفوز، إلا أننا لم نتوقع هذا السقوط الكارثي».

بعض التعليقات مالت نحو تخفيف وطأة الهزيمة النكراء، فراحت تشدد على مهارات منتخب انكلترا: «لعب الانكليز كما يجب، أي بامتياز، تابعنا تمريراتهم «الفطرية» الدقيقة. لاحظنا مدى التفاهم بينهم، ذاك التفاهم الطبيعي. عكس اللقاء الاحاسيس نفسها التي فرضها ناديا كورينثيانز اللندني وساوثمبتون الانكليزيان خلال زيارتيهما السابقتين.

ففي عام 1903، وبعد زيارة الفريقين لفرنسا، تحوّلت المدرسة الانكليزية مرجعا لكرة القدم الجميلة بالنسبة إلى الجماهير المحلية.

لذا بدت مباراة 1906 بين فرنسا وانكلترا وكأنها امتياز وشرف بالنسبة إلى الاولى، علما أن اقناع الاتحاد الانكليزي بالموافقة على حضور منتخبه إلى باريس لخوض ذاك اللقاء الودي استلزم مفاوضات مضنية خصوصا أن المنتخب الفرنسي لم يضم حينذاك إلا اللاعبين هواة، ولم يخض قبله اكثر من اربع مباريات دولية: ثلاث امام بلجيكا، خسر الفرنسيون اثنتين منها وتعادلوا في واحدة، ولقاء فازوا فيه على سويسرا.

ارنست ويبر نفسه كتب قبل يومين على المباراة وتحديدا في 30 اكتوبر: «انها أحد الاحداث الرياضية المتفجرة، بمجرد الاعلان عن اقامة المباراة انهالت طلبات الحصول على التذاكر على الجهة المنظمة»، بيد أن 1500 متفرج فقط حصلوا على شرف الوجود في «بارك دي برانس» لمتابعة النجوم الانكليز بأم العين، وحرص لاعبو المنتخب المضيف على استقبال افراد الفريق الانكليزي وهم يترجّلون من القطار عند محطة «سان لازار».

الجانب الفرنسي ارتدى الزي الاحمر، ونجح في الصمود ربع ساعة بفضل القائد بيار ألمان، قبل أن ينهار «الديكون» وتستقبل شباكهم هدفين سريعين حملا توقيع ستانلي هاريس.

وقبل صافرة نهاية الشوط الأول بثوان، سجل الفرنسيون دخولهم الأول إلى منطقة الجزاء الانكليزية، إلا أن النتيجة كانت تشير حينذاك إلى تقدم واضح للضيوف 6 - صفر.

وقال أحد الاعلاميين الفرنسيين: «كان منتخب انكلترا يحظى بتصفيق الحضور عند التسديد نحو المرمى وليس لدى اهتزاز الشباك، بفضل الثقة الكبيرة في قدرة لاعبيه على التسجيل في كل محاولة».

ومع انطلاق الشوط الثاني، وجّه ماريوس روييه اول تسديدة فرنسية في المباراة نحو المرمى الانكليزي، إلا أن الحارس ارنست براود كان لها بالمرصاد، علما أن لمسته لتلك الكرة كانت الاولى له في اللقاء.

منتخب انكلترا، الذي ارتدى زيا ابيض اللون، انهى مهرجان اهدافه الـ 15 في الدقيقة 87 في وقت بدأت معه الجماهير بمغادرة الملعب.

حصة الاسد في اللقاء كانت من نصيب هاريس مع سبعة اهداف، بينما احرز فيفيان وودورد اربعة.

الحصيلة كانت مرشحة للازدياد، وتحديدا في الدقيقة 66 عندما لمس الفرنسي فيرنان كانيل الكرة بيده داخل منطقة الجزاء، ليحتسب الحكم ضربة جزاء «بنالتي»، سددها وودورد عنوّة خارج الخشبات الثلاث لاقتناعه بان لمس الكرة لم يكن مقصودا.

كانت تلك اللمحة بالنسبة إلى الحضور بمثابة الدرس البريطاني في الروح الرياضية.

بعد اللقاء، بات الفارق الشاسع بين المدرستين المتراميتين على ضفتي بحر المانش اكثر وضوحا، فالانكليز محترفون والمدربون في انكلترا متفرغون لعملهم الرياضي، بينما الفرنسيون هواة يتدربون بمفردهم ولا يتجمعون إلا قبل المباريات.

وما يزيد الطين بلة أن الاتحاد الانكليزي للعبة لم يمنح المباراة امام فرنسا الصفة الرسمية مستندا في ذلك إلى الواقع الهاوي لمنتخب الاخيرة.

يذكر أن الاتحاد الانكليزي نفسه انتظر حتى عام 1947 ليمنح مباراة تجمع بين منتخبه ونظيره الفرنسي الصفة الرسمية.

اليوم، لايزال التاريخ يحفظ أن تلك المباراة حظيت بنجاح شعبي وجماهيري منقطع النظير في فرنسا، فضلا عن منحها «منتخب الديوك» الفرصة لتحديد واقعه وتسجيل الانطلاقة اللازمة نحو التحسن والتطور. كتب ويبر: «ألحقوا بنا هزيمة قاسية ونكراء. فلنشكرهم، اسدوا لنا خدمة جليلة من خلال اظهار تأخرنا في عالم كرة القدم. كان هذا الدرس واجبا محتوما على لاعبينا».

لم يتمكن الفرنسيون، على رغم الدرس، من الثأر عندما حلوا ضيوفا على الانكليز في لندن يوم 23 مارس 1908، إذ سقطوا بـ 12 هدفا نظيفا.

توجّب على فرنسا أن تنتظر حتى الخميس 5 مايو 1921 لتنزل الخسارة الاولى بانكلترا 2 - 1 امام 30 الف متفرج تجمهروا في استاد «بيرشينغ» (فرنسا)، في اليوم نفسه الذي صودف مرور مئة عام على رحيل نابوليون بونابرت!

في 17 نوفمبر 2010، حلّ المنتخب الفرنسي، بقيادة المدرب لوران بلان، ضيفا على نظيره الانكليزي، بقيادة الايطالي فابيو كابيلو، في مباراة ودية على استاد «ويمبلي» في لندن.

كريم بنزيمة، لاعب ريال مدريد الاسباني، وضع «الديوك» في المقدمة في الدقيقة 16، قبل أن يضيف ماتيو فالبوينا، لاعب اولمبيك مرسيليا، هدفا ثانيا في الدقيقة 55.

وانتظر الانكليز حتى ما قبل نهاية المباراة بأربع دقائق لتسجيل هدف رد الاعتبار عبر «العملاق» بيتر كراوتش.

صحيح أن انكلترا هي مهد كرة القدم، بيد انها لم تفز بكأس العالم سوى مرة واحدة، وذلك على ارضها عام 1966، تماما كفرنسا عام 1998 على ارضها أيضاً، علما أن سجل الاخيرة يتضمن لقبين اوروبين تحققا في 1984 و2000 بينما لم يسبق للاولى أن نالت شرف التتويج القاري.

صحيح أن الانكليز شكلوا المجتمع المخملي لكرة القدم مطلع القرن العشرين، غير أن نهاياته شهدت تهافتا من نواديهم على اللاعبين الفرنسيين الذين برز منهم خصوصا اريك كانتونا مع مانشستر يونايتد.

اضف أن واقع الحال تبدّل اليوم بحيث أن منتخب فرنسا بات يضم لاعبين من جذور افريقية وعربية وغيرها، بعيدا من التفرقة ما بين باريسي وآخر قادم من خارج العاصمة، بصرف النظر عن «الخروج عن النص» الذي سجل في كزس العالم الـ 19 في جنوب افريقيا.

التقى المنتخبان الانكليزي والفرنسي 90 مرة حتى اليوم، كانت الغلبة فيها للاول في 48 مناسبة، مقابل 35 للثاني، فيما كان التعادل عنوان سبع مواجهات.

قد تكون ابرز المباريات الـ 90 تلك التي التقى فيها الجانبان ضمن بطولتي كأس العالم وكأس الامم الاوروبية، إلا أن الفارق ما بين المواجهة الاولى بينهما في 1906 والمواجهة الاخيرة في 2010 يكمنّ في ما كان عليه الحال قبل 104 اعوام وما امسى عليه بعدها، بين بلد اخترع كرة القدم... وبلد تعلمها منه.

ومونديال 2014 دليل على الواقع الراهن، فمنتخب فرنسا يخوض اليوم مباراة ضمن الدور ربع النهائي امام المانيا، فيما تكتفي انكلترا التي ودع منتخبها البطولة من الدور الأول، بالمتابعة من بعيد.

في كرة القدم لا يكفي أن تتشدّق بتاريخك المجيد، إذ عليك العمل على حاضرك.

امثولة فرنسية برسم البلد الذي «صنع» كرة القدم.

(مونديال) معركة ... للتاريخ

 منشور في "الراي" الكويتية

كتب: سهيل الحويك



حقيقة مثيرة في عالم الحيوان تشير الى ان الدلفين يبقي احدى عينيه مفتوحة عندما يستسلم للنوم.

هذا هو حال المنتخبين الالماني والفرنسي لكرة القدم في كل مرة يلتقيان بمناسبة مباراة ودية، اذ لا مجال للتساهل أو التراخي في هكذا ظرف يعبق بذكريات حربية وسياسية وحتى رياضية مُرّة مضى عليها الزمن «زمنياً» بيد انها مازالت راسخة في وجدان شعبين مختلفين وربما متنافرين على رغم علم الاتحاد الاوروبي الأزرق بنجومه الـ12 الذي يظللهما، فما بالكم اذا كانت المواجهة بينهما في الدور ربع النهائي من مونديال 2014.

في فبراير 2013، كانت المانيا وفرنسا على موعد مع فصل جديد من فصول «المعارك الودية» التي اسفرت عن فوز تاريخي للـ«ناسيونال مانشافت» بنتيجة 2-1 على «ستاد دو فرانس» في العاصمة باريس ضمن اطار استعدادات الطرفين للتصفيات الاوروبية المؤهلة الى مونديال البرازيل.

اعتقد «الديوك» بأن العقدة ستستمر بعد التقدم عبر ماتيو فالبوينا في الدقيقة 44 بيد ان المنتخب الالماني رد بهدفين في الشوط الثاني حملا توقيعي توماس مولر وسامي خضيرة في الدقيقتين 51 و74 على التوالي.

اللافت ان هذا الفوز جاء على رغم الغيابات المؤثرة في تشكيلة المدرب يواكيم لوف والتي اشتملت على كل من باستيان شفاينشتايغر وماركو رويس وماريو غوتسه ومارسيل شملتسر وميروسلاف كلوزه بداعي الاصابة، كما انه أتى بمثابة رد اعتبار للالمان بعد السقوط على ارضهم امام فرنسا نفسها 1-2 في بريمن في 29 فبراير 2012.

النصر جاء تاريخياً خصوصاً ان الفوز الاخير لالمانيا الموحدة على «الديوك» في عقر دارهم يعود الى مارس 1935، كما ان فرنسا خسرت للمرة الاخيرة امام الالمان في 1987 في مناسبتين، الاولى في مواجهة المانيا الشرقية (صفر- 1) في «بارك دي برانس» في باريس ضمن تصفيات «يورو 88»، والثانية امام المانيا الغربية 1-2 ودياً في العاصمة برلين.

مهما يكن، تبقى مباراة المانيا الغربية وفرنسا في الدور نصف النهائي لمونديال 1982 في اسبانيا الابرز بين الجانبين، وربما الافضل على الاطلاق في ملاعب «المستديرة».

فقد فاز الالمان بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقت الاصلي بالتعادل 1-1 والاضافي 3-3.

وبينما بدأت الاحتفالات الالمانية، تهاوى اللاعبون الفرنسيون على «المستطيل الأخضر» يذرفون الدمع الساخن.

هزيمة لم يكن ليتقبلها منتخب «الديوك» بجيله الذهبي في ثمانينات القرن الماضي والذي كان ينظر اليه باعتباره بين الافضل في تاريخ الكرة الفرنسية.

وعن مرارة تلك الذكرى، قال ميشال بلاتيني الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي للعبة: «لو ادركنا كم كان فريقنا عظيما، لما خسرنا تلك المباراة بتاتاً».

وعاد الفرنسيون مجدداً للسقوط امام الالمان وفي الدور نفسه من مونديال 1986 في المكسيك لكن هذه المرة بهدفين لاندرياس بريمه ورودي فولر لتترسخ عقدة الـ«مانشافت» بالنسبة لـ«الديوك» في كأس العالم.

ديدييه ديشان الفائز باللقب العالمي عام 1998 وبكأس امم اوروبا 2000 تولى مقدرات تدريب منتخب فرنسا خلفاً لزميله السابق لوران بلان، ونجح خلالها في الابقاء على سجله خاليا من الهزائم، الى ان تسلم اخيراً أمام «كتيبة لوف»، لكنه اكد ان فريقه لن يرمي كل ما حققه في الاونة الاخيرة من ثقة واصرار بسبب خسارة تعرض لها في مباراة ودية.

واضاف ان رجاله أدوا المباراة بطريقة جيدة خصوصا امام فريق كبير من قماشة المانيا، «وهو امر جيد بالنسبة لي».

وتابع: «كان الامتحان الجدي الاول بالنسبة لنا في 2013. لعبنا بتناغم وأظهرنا بعضاً مما افتقدناه في العالم الماضي»، واردف قائلا: «(مسعود) اوزيل سبب لنا مشاكل كثيرة بسبب تحركاته في كل ارجاء الملعب».

من جهته، قال لوف: «اوزيل كان ممتازا مع ناديه (السابق ريال مدريد الاسباني) والمنتخب على حد سواء في السنوات القليلة الماضية. كل ما قام به في المباراة كان ممتازا، سواء على مستوى التمريرات او التحركات».

توّجت المباراة الودية بين فرنسا والماينا الاحتفالات والنشاطات الخاصة بالذكرى 50 لمعاهدة الصداقة الفرنسية - الالمانية واقيمت في حضور المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي كان يمني النفس بانتصار على زميلته، أقلّه في ارض الملعب، كون ميزان القوى السياسي والاقتصادي داخل الاتحاد الاوروبي يميل بوضوح لصالح المانيا.

ففي 2012، سجل الميزان التجاري الفرنسي عجزا بقيمة 74 مليار يورو، بينما سجل الميزان الالماني فائضا بقيمة 164 ملياراً.

الجانب الوحيد الذي يتفوق فيه الفرنسيون حاليا يتمثل في معدل الولادات والهرم السكاني، ففي 1963 كان عدد سكان فرنسا 48.6 مليون نسمة والمانيا 74.6 مليون. وفي 2012، بلغ عدد سكان فرنسا 68.4 مليون والمانيا 81.7 مليون، الا ان الدراسات تشير الى ان عدد سكان الاولى سيرتفع الى نحو 80 مليونا في 2050 مقابل تراجع العدد في الثانية الى نحو 75 مليونا.

وجهت الدعوة لعدد من لاعبي «موقعة 82» لحضور المباراة الودية التي اقيمت في باريس بينهم الحارس السابق توني شوماخر الذي تعرض لوابل من صافرات الاستهجان من قبل الجمهور المحلي المنتشر في المدرجات على رغم مرور 31 عاما حينها على الخطأ الفادح الذي ارتكبه في حق باتريك باتيستون خلال كأس العالم في اسبانيا وشهد عليه الـ63 الف متفرج في الملعب والملايين خلف شاشات التلفزة فيما كان الحكم الهولندي تشارلز كورفر الوحيد الذي لم يلحظه.

باتيستون دخل في كوما موقتة بعد «جريمة شوماخر» وخسر اثنين من اسنانه الامامية وتعرض لتهتك في احدى فقرات عموده الفقري.

صافرات الاستهجان في تلك المباراة الودية دليل واضح على ان المشاعر العدائية بين المانيا وفرنسا مازالت مستعرة وإن تحت الرماد، وواقع الحال بين الجانبين يفترض - حتى لدى الاستسلام للنوم - إبقاء عين مفتوحة خلال المناسبات الرسمية أيضاً... على منوال الدلافين.

الخميس، 3 يوليو 2014

(مونديال) المانيا-فرنسا ... الصدفة خير من الف ميعاد

منشور في "الراي" الكويتية

كتب: سهيل الحويك


30 سنة فصلت بين موقعة المانيا الغربية «السابقة» وفرنسا في الدور نصف النهائي من بطولة كأس العالم الـ12 لكرة القدم في اسبانيا العام 1982 واللقاء الودي الذي جمع المانيا «الموحدة» وفرنسا نفسها في مايو 2012 في مدينة بريمن.
شتّان ما بين المواجهتين.
الاولى ما زال يشهد عليها استاد «رامون سانشيز بيزخوان» في أشبيلية باعتبارها من أفضل، لا بل أفضل مباراة كرة قدم على الاطلاق بالنسبة الى كثيرين، بالنظر الى صفتها المؤهلة الى نهائي المونديال وبالاستناد الى السيناريو المجنون الذي تنقلت فيه بطاقة التأهل من حضن «الديوك» الى جيب الـ«ناسيونال مانشافت» في اكثر من مناسبة قبل ان يخوض الجانبان وللمرة الاولى في تاريخ كؤوس العالم «فقرة» ضربات الجزاء الترجيحية التي ابتسمت لألمانيا.

كان الأجدى بالاتحادين الالماني والفرنسي للعبة، الاول بقدر أكبر من الثاني كونه خرج فائزا من «موقعة 82»، العمل على تخليد ما يعتبره الملايين «مبارة القرن العشرين» من خلال اقامة احتفالية سنوية بين الفريقين للتذكير بما هي المواجهة الأكثر استحقاقاً لتفسير معاني كرة القدم الحقيقية، مع استثناء الخطأ الفادح الذي اقترفه الحارس الالماني هارالد انطون (توني) شوماخر بحق اللاعب الفرنسي باتريك باتيستون وشهد عليه الـ63 الف متفرج في الملعب والملايين خلف شاشات التلفزة فيما كان الحكم الهولندي تشارلز كورفر الوحيد الذي لم يلحظه.
باتيستون دخل في كوما موقتة بعد «جريمة شوماخر» وخسر اثنين من اسنانه الامامية وتعرض لتهتك في احدى فقرات عموده الفقري.
لم تكن المباراة الودية التي اقيمت في «فيزر ستاديوم» الخاص بنادي فيردر بريمن في 2012 لتذكّر أحداً بـ«موقعة 82» ولم تقم تحت عنوان استعادة بعض الذكريات من المواجهة الراسخة في ذاكرة كرة القدم. الصدفة وحدها وضعتها في ذاك التاريخ.
لم توجه الدعوة الى رموز مباراة 1982 من أمثال هيرست روبيش صاحب الضربة الترجيحية الحاسمة وكارل هاينتس رومينيغه الذي نزل بديلا في الدقائق الأخيرة وقلص الفارق الى 2-3 وكلاوس فيشر بطل المقصية الخلفية التي انفجرت في مرمى الحارس جان لوك ايتوري هدف تعادل 3-3 لا ينسى.
لم يحضر من الجانب الفرنسي ميشال بلاتيني، رئيس الاتحاد الاوروبي للعبة حاليا، ولا حتى «القزم المبدع» الان جيريس صاحب هدف الـ3-1 أو جان تيغانا أو ماريوس تريزور اللاعب الاسمر الذي مزّق شباك شوماخر بتسديدة طائرة كسر فيها التعادل 1-1.
في نصف نهائي مونديال 82، تقدم الالمان عبر بيار ليتبارسكي في الدقيقة 17 قبل ان يعادل «الديوك» بضربة جزاء لبلاتيني نفسه بعدها بتسع دقائق.
انتهت المباراة بوقتها الاصلي، فخاض الفريقان شوطين اضافيين تقدم فيهما الفرنسيون 3-1 بفضل تريزور (92) وجيريس (98).
اعتقد العالم بأن المانيا استسلمت. لم يكن الوضع كذلك بالنسبة الى مدرسة كروية قائمة على الايمان بحظوظها حتى اللحظة الأخيرة. رومينيغه يقلص الفارق (102) وفيشر يعادل الأرقام (108).
في ضربات الترجيح، الاولى في تاريخ كأس العالم، ينجح في هز الشباك من الجانب الالماني كل من مانفريد كالتز، بول برايتنر، ليتبارسكي، رومينيغه، وروبيش ويخطئ اولي شتيليكه.
من الجانب الفرنسي، سجل جيريس، مانويل اموروس، دومينيك روشتو وبلاتيني، وأخطأ ديدييه سيس وماكسيم بوسيس.
بعد 30 سنة، اجتمعت المانيا وفرنسا في ذكرى منسيّة وسط غياب نصف العديد الاساسي للـ«مانشافت»، وتحديدا باستيان شفاينشتايغر، فيليب لام، لوكاس بودولسكي، مانويل نوير، وبير ميرتيساكر، وغياب كريم بنزيمة من كتيبة «الديوك».
فازت فرنسا بهدفي اوليفييه جيرو في الدقيقة 21 وفلوران مالودا في الدقيقة 68، واكتفت المانيا بتذليل الفارق الى 1-2 عبر كاكاو في الوقت المحتسب بدل ضائع.
شوهد اللاعبون الفرنسيون يرفعون اشارات النصر بعد لقاء «فيزر ستاديوم»، فيما بدا الأسى على الالمان.
بعد مرور 30 سنة على نصف نهائي مونديال 82 الذي لا ينسى، كان الأجدى اعادة شريط المباراة بين المانيا الغربية وفرنسا على اقامة مباراة بالصدفة بين الطرفين في تاريخ قريب من «موقعة أشبيلية» لأن ثمة تواريخ تستحق احتراماً أكبر من قبل أبطالها.
لكن الغريمين سيلتقيان غدا الجمعة في ربع نهائي مونديال 2014 بعد مرور 32 سنة على «موقعة 82»، وستكون الصدفة وحدها صاحبة فضل في عودة حتمية الى ذكريات اجمل وربما افضل مباراة في تاريخ كرة القدم على الاطلاق.

... بالمنطق

 منشور في "الراي" الكويتية

كتب: سهيل الحويك



* تاريخياً تملك ألمانيا الافضلية على فرنسا لبلوغ الدور نصف النهائي في مونديال 2014 لكرة القدم، بيد أن الاحتمالات تبقى مفتوحة على مصراعيها.
وكانت ألمانيا تغلبت على فرنسا بالذات في المناسبتين الاخيرتين ضمن كأس العالم، الاولى في نصف نهائي 1982 في اسبانيا بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقت الاصلي 1 - 1، والاضافي 3 - 3، والثاني في الدور نفسه من نسخة 1986 في المكسيك بنتيجة 2 - صفر مع العلم أن «الديوك» كانوا المرشحين لولوج النهائي عقب تفوقهم في دور الثمانية على البرازيل في مباراة مشهودة.
اللافت أن ألمانيا التي اعتبرت إحدى ابرز الفرق في التصفيات الاوروبية المؤهلة إلى كأس العالم ستواجه فريقا متأهلا من الملحق وبصعوبة، وعلى الرغم من ذلك تبقى الحظوظ متكافئة بين الجانبين.
فقد حلت فرنسا ثانية في مجموعتها ضمن التصفيات القارية خلف اسبانيا وتعيّن عليها مواجهة اوكرانيا في الملحق، فخسرت في كييف صفر - 2، قبل أن تعوض 3 - صفر في باريس وتحجز تذكرتها في القطار المؤدي إلى البرازيل.
وسيفتقد «الديوك» في هذه المباراة إلى فرانك ريبيري الذي استبعد من لائحة الـ 23 لاعبا بسبب الاصابة خصوصا أنه يدرك مكنونات قوة الخصم اذ ينتمي إلى صفوف بايرن ميونيخ الالماني الذي يشكل لاعبوه العمود الفقري في «ناسيونال مانشافت».


* البرازيل قد تتأهل على حساب كولومبيا كونها تلعب على ارضها وبين جمهورها بيد أن اداءها المرتبك امام تشيلي في الدور الثاني طرح اكثر من علامة استفهام على جدارتها بالمضي قدما نحو لقب سادس.
وتعتبر كولومبيا خصما قوي الجانب، ربما اكثر صعوبة حتى من تشيلي بفعل صلابتها الدفاعية وقوتها الهجومية على حد سواء.


 * المباراة بين بلجيكا والارجنتين يساورها الغموض إلى حد ما.
زملاء ليونيل ميسي لم يجدوا أنفسهم حتى اليوم امام اختبار جدي، فقد تغلبوا على البوسنة والهرسك 2 - 1، وايران 1 - صفر ونيجيريا 3 - 2 في الدور الأول، وسويسرا 1 - صفر في الدور الثاني.
وبالتالي قد يُعتبر لقاء بلجيكا التي تعج صفوفها بالنجوم الامتحان الجدي الاول لرجال المدرب اليخاندرو سابيلا.
في المقابل، لن يشكل مفاجأة فوز بلجيكا بقيادة مدربها مارك فيلموتس على الارجنتين إلا أن عليها العمل على الاستفادة من الفرص بعد الكم الهائل الذي اضاعته منها في المباراة امام الولايات المتحدة.
ويجدر بفيلموتس اعادة الثقة بروميلو لوكاكو الذي بدا «خارج اطار التغطية» في الدور الأول قبل أن ينفجر تألقا امام رجال المدرب الالماني يورغن كلينسمان ويصنع هدفا ويسجل آخر.


* لا شك في أن لويس فان غال، مدرب منتخب هولندا، درس بعناية خصمه الكوستاريكي وأعد العدة لاقصائه من الدور ربع النهائي.
هي فرصة ذهبية لـ «الطواحين» لولوج نصف النهائي بيد أن عليهم الحذر من كوستاريكا التي تصدرت «مجموعة الموت» بفوزها على الاوروغواي 3 - 1 وايطاليا 1 - صفر وتعادلها مع انكلترا صفر- صفر قبل أن تقصي اليونان من دور الـ 16 بتغلبها عليها بركلات الترجيح 5 - 3 بعد انتهاء الوقت الاصلي والاضافي بالتعادل 1 - 1.
باتت اوراق كوستاريكا مكشوفة ولن يغفر الهولنديون لفان غال ولاعبيه فشلهم في تخطي عقبة ربع النهائي التي تبدو في متناولهم.

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

«نطحة زيدان» ... عزّزت صورة «بطل العالم للحكام»

منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك


 
ثماني سنوات مرة على «نطحة زيدان» الشهيرة لماركو ماتيراتزي التي فرضت نفسها في المشهد الختامي لمونديال 2006 في المانيا، لا بل تفوقت اهمية على صورة فابيو كانافارو، قائد منتخب ايطاليا، وهو يرفع عاليا كأس العالم في كرة القدم بنسختها الـ 18 في سماء استاد برلين الاولمبي.

الملايين حول العالم تابعوا تلك اللحظة المفصلية من عمر نهائي المونديال حيث لعب رجل بـ «زي اسود» دور القاضي العادل في حسمها، أنه الحكم الارجنتيني هوراسيو إليزوندو.

في العاشر من ديسمبر 2006، اطلق إليزوندو (43 سنة حينذاك) آخر ثلاث صافرات في مسيرته التحكيمية الحافلة.

بدا على الرجل، الذي يلقب في بلاده «بطل العالم للحكام»، بعض من اسى عندما احتبس دموع الوداع.

المباراة تجمع بين بوكا جونيورز ولانوس على ملعب «بومبرنيرا» الشهير في قلب العاصمة بوينس آيرس في اطار بطولة الدوري المحلي.

مواجهة حاسمة على اللقب، وبالتالي شرف جديد اعتاده إليزوندو خلال 22 سنة من الخدمة في الملاعب دعي خلالها إلى قيادة عدد وفير من المباريات الكبيرة.

قبيل انطلاق «مباراته الاخيرة»، دخل الحكم الدولي ارض الملعب ليجد في وسطه ثلاثة اطفال، اطفاله، مرتدين قمصانا كتب عليها «شكرا أبي».

كان المشهد عاطفيا بامتياز خصوصا إذا ما اضيفت إليه التحية العاصفة من 35 الف مشجع ضاقت بهم مدرجات «بومبرنيرا» لشخص نادرا ما حظي وأترابه من الحكام بترحيب مماثل في ظروف عادية.

عشية المباراة التي ختم بها سنة حافلة بالانجازات، اكتفى هوراسيو بالقول: «انها نقطة نهاية لموسم ناجح جدا بالنسبة اليّ. فقد قمت بادارة مباريات كبيرة، لاسيما نهائي كأس العالم. اشعر بالفخر لان ذلك جعل مني أحد افضل الحكام في العالم. اقول ذلك بكل تواضع».

نهائي مونديال 2006 والبطاقة الحمراء التي رفعها بنفسه في وجه الفرنسي زين الدين زيدان، حدثان مفصليان في مسيرته منحاها بعدا اضافيا.

قاد إليزوندو عددا من المباريات من شأنها أن تبث الفخر في أي مدرب، بينها مواجهات في بطولة كأس العالم للناشئين (تحت 17 سنة) والشباب (تحت 20 سنة)، واخرى في دورة الالعاب الاولمبية 2004 في اثينا وفي بطولتين لـ «كوبا اميركا»، فضلا عن عدد من مباريات الـ «كلاسيكو» الشهير بين بوكا جونيورز وغريمه التقليدي ريفر بلايت، ومباريات نهائية لكأس ليبرتادوريس لنوادي اميركا الجنوبية، لكن كزس العالم تبقى مسألة اخرى وتتميز بطعم مختلف، خصوصا عندما يدعى الحكم، أي حكم، إلى قيادة خمسة لقاءات في غضون بطولة واحدة، بما فيها مباراة الافتتاح والمباراة النهائية.

من مونديال 2006 يتذكر هوراسيو «خصوصا مباراة الافتتاح لانها بالتأكيد الاهم لاي حكم. المباراة الافتتاحية هي ما يعطي المؤشر لما يمكن انتظاره من البطولة ككل. كانت المهمة كبيرة بالنسبة اليّ أن اقود اللقاء بين منتخب البلد المضيف وكوستاريكا، ولكن أن يجري اختيارك لقيادة مباراة الافتتاح ثم تسند اليك مهمة قيادة المباراة النهائية، هنا تصبح المسألة اكبر بكثير»، علما انها المرة الوحيدة التي يقوم فيها حكم بعينه بقيادة المباراتين الافتتاحية والنهائية في مونديال واحد منذ انطلاق بطولة كأس العالم عام 1930.

تحول هوراسيو «بطلا قوميا» في بلاده بعد مونديال المانيا الذي شهد خروجا مبكرا للارجنتين امام منتخب البلد المضيف عند محطة الدور ربع النهائي.

ولكن بعيدا من بلاد التانغو، عّرف هوراسيو واتسعت شهرته تحديدا لكونه الرجل الذي وضع نقطة نهاية «حمراء» لمسيرة زيدان في الملاعب.

عن تلك المباراة النهائية العاصفة، يقول: «قبيل دخولنا واللاعبين ارض الملعب، شعرت بان الايطاليين اكثر استرخاء من الفرنسيين الذين كانوا على درجة عالية من التركيز والهدوء، لم يتبادلوا حتى الكلمات التشجيعية في ما بينهم، خاض الفريقان مباراة بروحية جيدة على رغم الضغوط المفروضة عليهما»، إلى أن نفذ زيدان «النطحة» الشهيرة.

يضيف: «الحكم الرابع هو من لفتني إلى التعدي الذي ارتكبه اللاعب رقم 10 ابيض»، في اشارة إلى زيدان الذي ارتدى وزملاؤه الزي الابيض في النهائي، فيما احتفظ منتخب ايطاليا بالزي الازرق المعتاد. ويتابع: «لا اعلم ما إذا كان الحكم الرابع لحظ الحادثة من خلال جهاز التلفزة الخاص به. هذا لا يهم طالما أنه كان متأكدا مما جرى. لم اتردد بتاتا في اشهار تلك البطاقة الحمراء. لكن بصراحة، تفاجأت من فعلة زيدان، قبل أي مباراة، اقوم بتحليل اللاعبين خصوصا من يتميز منهم بالخشونة. عندما حضّرت هذا النهائي، مررت على زيدان مرور الكرام لان ثمة ما يشبه الاجماع العالمي على رفعة اخلاقه».

وبعيد عودته إلى بلاده، كان على هوراسيو الارتباط بوكيل اعمال يهتم بمصالحه خصوصا أن طلبات اجراء لقاءات اعلامية معه من جانب قنوات عالمية من داخل الارجنتين انهالت عليه من كل حدب وصوب.

وقيل أن الرجل حقق ثروة في تلك الفترة بعدما حدد وكيل اعماله مبلغ 6500 يورو للقاء الاعلامي الواحد، اضف إلى ذلك دعوته إلى قيادة المباريات في الشرق الاوسط وتحديدا في قطر، واداءه دور البطولة في عدد من الاعلانات، وحلوله ضيف شرف على مؤتمرات عدة في اميركا الجنوبية ألقى خلالها سلسلة من المحاضرات ذات الصلة بالتحكيم.

يقول وكيل اعماله مبررا سعي إليزوندو لاستغلال الشهرة التي اكتسبها بعد «نطحة زيدان»: «علينا أن نتفهم إليزوندو. كان عليه استغلال الظرف ليؤمن مستقبله ومستقبل ابنائه. أي والد كان ليفعل الامر نفسه».

بعد مباراة بوكا جونيورز ولانوس، رفض إليزوندو عروضا عدة لقيادة المباريات وصلته من مختلف انحاء العالم، مفضلا ممارسة الغولف واشباع نهمه إلى الشعر.

منذ نهائي مونديال 2006، اتجه عدد كبير من الشباب الارجنتيني نحو التحكيم بالهام من إليزوندو نفسه، حتى أن الاتحاد المحلي للعبة اضطر في مرحلة ما إلى اقفال باب التسجيل بعدما تعدّت طلبات الراغبين في دخول هذا العالم الحد المعقول.

الكثير من الصبية يحلمون بمسيرة مشابهة لتلك التي عرفها إليزوندو، وقد يصل احدهم أو بعضهم إلى المستوى الذي بلغه الاخير، بيد أن ثمة «نطحة» شهيرة لا شك في انها ساهمت في الدفع بهوراسيو خطوات إلى الامام، نطحة قد لا تتكرر في المدى المنظور خلال مباراة نهائية لبطولة كأس العالم.

معلومة



فاز الحكم الايطالي المعتزل بيارلويجي كولينا بجائزة افضل حكم في التاريخ من الاتحاد الدولي لتاريخ واحصاءات كرة القدم وذلك في 18 يناير 2010.

وذكرت صحيفة «ماركا» الرياضية الاسبانية أن الاتحاد يمنح الحكام نقاطا من اجل اختيار افضل حكم سنويا منذ العام 1987، وبتجميع تلك النقاط تصدر كولينا القائمة برصيد 86 نقطة بفارق 20 نقطة كاملة عن الالماني المعتزل ماركوس ميرك صاحب المركز الثاني.

وجاء في المركز الثالث الحكم الدنماركي بيتر ميكلسين ثم المجري ساندور بوهل في المركز الرابع ولكل منهما 62 نقطة.

بالصدفة يا لوف

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك

كانت الخطة واضحة للغاية: «دعوا الالمان يتناقلون الكرة في ما بينهم قدر ما يشاؤون وعندما تسنح الفرصة، شنّوا عليهم هجمات مرتدة. نخطف هدفا، وبعدها نتّحد جميعا في الدفاع ونصعد إلى الدور ربع النهائي».

هذه كلمات من الممكن لأي كان أن يستنتجها من خلال الخطة التي لعب بها الجزائريون امام الالمان في الدور الثاني من كأس العالم 2014 لكرة القدم.

هي كلمات لربما وجهها المدرب البوسني - الفرنسي وحيد خليلودزيتش للاعبيه قبل المباراة امام «ناسيونال مانشافت».

كانت خطة ذكية للغاية، فقد نجح «محاربو الصحراء» في احراج «الماكينات» خصوصا في الشوط الأول واقتربوا في غير مناسبة من هز شباك مرمى الحارس مانويل نوير.

غابت المانيا بصورة شبه كاملة عن الصورة في الشوط الأول قبل أن تتحسن بعض الشيء في الثاني وتشكل خطورة على الحارس رايس مبولحي الذي تعملق لابقاء شباكه نظيفة.

انتهت المباراة، وهنا بدا أن الالمان افضل، فهم لطالما عرفوا بلياقتهم البدنية وقدرتهم على العطاء حتى آخر دقيقة من أي تحدّ تجري دعوتهم للخوض فيه.

مارس رجال المدرب يواكيم لوف ضغطا كبيرا على المرمى وكوفئوا بهدف اندري شورله الذي سجله بالكعب على طريقة الجزائري رابح ماجر في مرمى بايرن ميونيخ الالماني عندما كان يلعب ضمن صفوف بورتو البرتغالي وذلك في نهائي دوري ابطال اوروبا 1987 مانحا فريقه التعادل 1 - 1 قبل أن يسجل البرازيلي خواري هدف الفوز.

هدف مسعود أوزيل لم يكن بتلك الروعة إلا أن اللاعب استحقه نظرا للمجهود الذي بذله طيلة الدقائق الـ 120.

بدا خلال اللقاء أن المانيا «قامت بشيء ما» لتقلب الطاولة على الجزائر.

اقحام شورله مطلع الشوط الثاني كان ضروريا، ومن ثم كان المدرب يواكيم لوف محظوظا للغاية اثر اصابة شكوردان مصطفي، فقد اضطر إلى اعادة فيليب لام إلى مركزه الاصلي ظهيرا ايمن وزج بسامي خضيرة في الارتكاز.

بدا الالمان عندها اسياد الملعب، وكأن نفحة من الحيوية اعادت اليهم الروح المفقودة.

في الواقع، ينبغي على لوف التمسك بهذه الخطة في ما هو آت من تحديات بعد أن فشلت خطته الاساسية غير مرة سواء في المباريات الودية أو حتى في مونديال 2014.

هي صدفة خير من الف ميعاد يتوجب على لوف البناء عليها، فالمباراة امام الجزائر كانت درسا، ولولا تراجع اللياقة البدنية لـ «محاربي الصحراء» لكان هناك كلام آخر.

"موندياليتو 1980" ... في ظل كأس العالم

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك
قبل اكثر من 33 سنة بأشهر معدودة، وتحديدا في 10 يناير 1981، انتزعت الاوروغواي على ملعبها التاريخي «سنتيناريو» في العاصمة مونتيفيديو لقب بطلة «كأس الذهب لابطال العالم» في كرة القدم، المعروفة اكثر باسم «موندياليتو».

ارتكزت البطولة على فكرة لمّ الشمل بين ابطال كأس العالم السابقين (الاوروغواي 1930 و1950، ايطاليا 1934 و1938، المانيا الغربية 1954، و1974، البرازيل 1958 و1962 و1970، والارجنتين 1978) في صراع نخبوي بينها، بيد أن انكلترا (بطلة العالم 1966) ارتأت عدم خوض غمار الحدث، فحلّت هولندا مكانها على خلفية حلولها وصيفة في النسختين السابقتين من كأس العالم (1974 في المانيا الغربية و1978 في الارجنتين).

الـ «موندياليتو» لم يعرف سوى نسخة واحدة، إلا أن ذكراه تبقى راسخة في وجدان كرة القدم.

بعد 50 سنة على استضافتها وفوزها بكأس العالم الاولى عام 1930، وبعد 30 سنة على تتويجها «الدراماتيكي» الثاني على استاد «ماراكانا» الشهير في ريو دو جانيرو على حساب البرازيل 2 - 1، عادت الاوروغواي إلى دائرة الضوء.

ففي عام 1980، احرز نادي ناسيونال مونتيفيديو الاوروغواني لقبه الثاني في بطولة كأس «ليبرتادوريس» (التي توازي كأس دوري الابطال في اوروبا)، قبل أن يفوز على نوتنغهام فوريست الانكليزي 1 - صفر في طريقه لانتزاع الكأس القارية (كأس الـ «انتركونتيننتال») في العاصمة اليابانية طوكيو.

وبعد غياب الـ «سيليستي» عن بطولة كأس العالم الـ 11 (1978) التي اقيمت في ضيافة الارجنتين بعد اقصائها من جانب بوليفيا، رفضت الاوروغواي (3 ملايين نسمة فقط وقتذاك) الاعتراف بنهايتها الكروية.

وجاءت الذكرى الخمسون على انطلاق بطولة كأس العالم مناسبة سانحة لها للثأر، ليس من أحد، بل من السنين العجاف التي عاشتها منذ 1950.

ولدت فكرة اقامة بطولة تجمع المنتخبات التي سبق لها الفوز بكأس العالم في وقتها بالنسبة إلى الاوروغواي التي اعطت موافقتها الفورية على المشاركة في الحدث، تماما كما الارجنتين والبرازيل والمانيا الغربية وايطاليا، فيما اعتذرت انكلترا ليجري تعويضها بهولندا وصيفة النسختين السابقتين من المونديال العاشر (1974) والحادي عشر (1978).

اتخذ القرار باقامة الـ «موندياليتو» في الاوروغواي في نهاية 1980 كي لا يتعارض مع مواعيد اخرى في روزنامة النوادي والمنتخبات، على أن تنطلق المنافسات في 30 ديسمبر وتمتد حتى 10 يناير 1981، وتقام المباريات كلها على ملعب «سنتيناريو» الذي انشئ خصيصا لاستضافة النسخة الاولى من كأس العالم في 1930.

لاشك في أن الـ «موندياليتو»، الذي بلغت كلفة بث مبارياته تلفزيونيا في اوروبا مليون دولار اميركي فقط، جذب الانظار إليه كبطولة لمنتخبات النخبة، الامر الذي حفز النظام الديكتاتوري في الاوروغواي خلال تلك الحقبة على استغلال الحدث بهدف الترويج لحكمه.

معظم الدول الاميركية الجنوبية كانت تعيش تحت نير انظمة ديكتاتورية دموية، اتفقت كلها على فكرة استغلال كرة القدم لتكون بمثابة الواجهة القوية امام شعوبها والعالم.

النظام العسكري البرازيلي استغل تماما التتويج المدوي في كأس العالم التاسعة (1970) وانطلق منه لبث الشعار الشهير: «لن يتمكن أحد من ايقاف هذا البلد بعد الآن».

وفي الارجنتين، استغل النظام العسكري، من خلال زمرة الديكتاور خورخي فيديلا، استضافة كأس العالم لغايات دعائية اراد منها تلميع صورته في الوقت الذي كان الآلاف من المعارضين لحكمه يتعرضون للابادة في الثكنات العسكرية أو يجري رميهم احياء في المحيط.

كان نظام الحكم في الاوروغواي يريد استغلال الـ «موندياليتو» لمآرب مماثلة.

على الصعيد الرياضي، نجح المنتخب المضيف بقيادة المدرب روكي مازبولي والنجم هوغو دي ليون والمهاجم فالديمار فيكتورينو، نجم البطولة وهدافهما (3 اهداف)، في انتزاع اللقب بعد فوزه بمبارياته كلها.

وجاء التتويج الاوروغواي كبيرا خصوصا أن «الخصوم» حضروا إلى مونتيفيديو معززين بابرز نجومهم، فقدضمن الارجنتين، بطلة العالم 1978، كلا من الحارس اوبالدو فيلول، القائد دانيال باساريللا، اوزفالدو ارديليس والهداف ماير كيمبس، بقيادة المدرب سيزار لويس مينوتي.

ولابد من الاشارة إلى الموهبة الارجنتينية الصاعدة المتمثلة بدييغو ارماندو مارادونا الذي خاض غمار الـ «موندياليتو» متسلحا بفوزه قبل اشهر بكأس العالم للشباب، وكان مارادونا يستعد لمغادرة نادي ارجنتينوس جونيورز حيث ترعرع إلى بوكا جونيورز العريق.

البرازيل توجهت إلى الاوروغواي واضعة نصب عينيها اللقب، لذا استدعي مدرب منتخبها الراحل تيلي سانتانا عددا من النجوم ابرزهم زي سيرجيو، جونيور، تونينيو سيريزو وسقراطس.

ايطاليا والمانيا اعتمدتا تشكيلتين خاضتا بعد سنة ونصف سنة نهائي بطولة كأس العالم الـ 12 (1982) في مدريد.

تشكيلة ايطاليا بقيادة المدرب الراحل انزو بيرزوت ضمت ثمانية لاعبين من الفريق الفائز بعد سنتين بكأس العالم وهم: كلاوديو جنتيلي، شيريا، انطونيو كابريني، اوريالي، ماركو تارديللي، برونو كونتي، انطونيو غراتزياني، واليساندرو التوبيللي.

اما تشكيلة الـ «ناسيونال مانشافت» بقيادة المدرب الراحل يوب درفال فضمت سبعة لاعبين ممن خسروا نهائي المونديال نفسه وهم: الحارس هارالد «طوني» شوماخر، كارل - هاينتس فورستر، مانفريد كالتس، هورست هروبيش، كارل - هاينتس رومينيغه، هانزي موللر وهانز - بيتر بريغل.

وحدها هولندا، بقيادة المدرب يان زفاركرويس، ضمت تشكيلة متجددة بالكامل مقارنة بتلك التي خسرت نهائي مونديال 1978 مع ثلاثة استثناءات تمثلت بمشاركة ايرني براندتس، ويللي وريني فان در كيركوف.

ولاشك في أن التظاهرات التي شهدتها هولندا ضد مشاركة «المنتخب البرتقالي» في «الاوروغواي الديكتاتورية» دفعت بعدد من النجوم إلى مقاطعة الـ «موندياليتو» تماما كما حدث ابان مونديال 1978.

اقيمت المباراة النهائية في 10 يناير 1981 وجمعت الاوروغواي والبرازيل التي تفوقت في مجموعتها على الارجنتين بفارق الاهداف فقط.

اراد البرازيليون الثأر من الاوروغواي امام 71250 متفرجا بعد «نكسة 1950» في «ماراكانا».

باريوس وضع اصحاب الارض في المقدمة عند الدقيقة 50، قبل أن يعادل سقراط النتيجة من ضربة جزاء بعد 12 دقيقة.

وحمل هدف الفوز الغالي للاوروغواي توقيع فيكتورينو قبل عشر دقائق على صافرة النهاية بيد أن هذا التتويج لم تكن له اثار ايجابية على المدى القصير إذ فشل الفريق في حجز مقعد له في مونديال 1982.

الديكتاتورية الاوروغوايانية، وعلى رغم نجاح البطولة لم تتمكن من تفادي الشعارات المنددة بالنظام والتي رفعت في المدرجات خلال المباريات، كان ذلك بمثابة واحدة من شرارات بداية سقوط الانظمة الديكتاتورية في اميركا الجنوبية.

في بطولة كأس العالم الـ 19 (2010) في جنوب افريقيا، حققت الاوروغواي المفاجأة من خلال بلوغ الدور نصف النهائي بفضل نجوم عدة امثال دييغو فورلان، افضل لاعب في البطولة، ولويس سواريز، الامر الذي دفع بكثيرين إلى اعتبار الانجاز مجرد فورة لا صلة لها ببلد ذي تاريخ حافل وسجل متخم بالالقاب.

عاد كثيرون إلى التتويج في مونديالي 1930 و1950، بيد أن كثيرين اغفلوا أن الاوروغواي تتشارك والارجنتين بلقب اكثر دولتين فوزا بالالقاب العالمية (19 لقبا لكل منهما).

واضافة إلى لقبين في كأس العالم، احرزت الاوروغواي ذهبية كرة القدم الاولمبية في مناسبتين، و14 لقبا في بطولة «كوبا اميركا» من دون أن ننسى بالطبع لقب الـ «موندياليتو».

نتائج المباريات



الدور الأول:

المجموعة الأولى:

الاوروغواي - هولندا 2 - صفر

الاوروغواي - ايطاليا 2 - صفر

ايطاليا - هولندا 1 - 1

● تأهلت الاوروغواي للنهائي لتصدرها المجموعة.

المجموعة الثانية:

الارجنتين - المانيا الغربية 2 - 1

الارجنتين البرازيل 1 - 1

البرازيل - المانيا الغربية 4 - 1

● تأهلت البرازيل للنهائي لتصدرها المجموعة.

المباراة النهائية:

الاوروغواي - البرازيل 2 - 1

صدفة شنايدر ... وانتقام روبن

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك



بلغت هولندا الدور ربع النهائي من بطولة كأس العالم 2014 لكرة القدم بعد «مباراة مجنونة» امام المكسيك التي تقدمت بهدف رائع حمل توقيع جيوفاني دوس سانتوس حتى الردهات الاخيرة من اللقاء، قبل أن تعود «الطواحين» إلى الدوران وتخطف تعادلا مستحقا ... ثم فوزا عزيزا.

لا شك في أن الصدفة لعبت دورها في هذا الانتصار المشهود، ليس فقط لناحية سيناريو المباراة، بل بالنظر إلى ادوار من تحقق على ايديهم.

ويسلي شنايدر، كان خارج حسابات المدرب الهولندي لويس فان غال قبل انطلاق البطولة بسبب تراجع مستواه ضمن صفوف غلطة سراي التركي.

جاءت الاصابة التي تعرض لها رافاييل فان در فارت، نجم هامبورغ الالماني، لتجبر فان غال على استدعاء شنايدر بيد أن الاخير لم يقدم الآداء الباهر في الدور الأول وبقي في ظل تألق مواطنيه آريين روبن وروبن فان بيرسي.

كانت المكسيك متقدمة بهدف وهولندا تلهث لتعديل النتيجة، وفجأة ظهر شنايدر ليلعب دور البطولة من خلال تسجيل هدف الخلاص من تسديدة قوية ومركزة انقذت رأس فان غال والفريق برمتّه.

هي إذاً صدفة أن يحرز لاعب لم يكن في الحسبة هدفا بهذه الاهمية، وضمن بطولة من قماشة كأس العالم.

من جانبه، استمر روبن في اداء الدور الرئيسي ضمن «المنتخب البرتقالي» وأقلق دفاعات المكسيك قبل أن يستحصل على ركلة جزاء جاء منها هدف الفوز والتأهل في الوقت المحتسب بدل ضائع.

اللافت أن روبن لم يسدد الركلة رغم تخصصه في هذا الجانب، لم يرد تحمل المسؤولية مع انها شكلت فرصة سانحة كي يرفع رصيده إلى 4 اهداف.

«لعنة ركلة الجزاء المهدرة امام تشلسي» الانكليزي في الشوط الاضافي الأول من نهائي دوري ابطال اوروبا 2012 بمواجهة الحارس التشيكي بتر تشيك ما زالت ترهب روبن ومدربيه على الرغم من نجاحه بتسجيل عدد منها مع فريقه بايرن ميونيخ الالماني بعد «نكسة اليانز آرينا» امام الـ «بلوز».

قام كلاس يان هونتيلار مهاجم شالكه الالماني، بتسديد ركلة الجزاء امام المكسيك على الرغم من أنه نزل بديلا لفان بيرسي، وكشف روبن أنه هو من طلب من زميله القيام بالمهمة، كما كان لفان غال دور في اختيار المسدد. لم يخش المدرب اضاعة الفرصة الذهبية لحسم بلاده التأهل ولم يسترجع ما حصل مع البرازيلي زيكو عندما فوت على منتخب بلاده في ربع نهائي مونديال 1986 امام فرنسا فرصة التقدم 2 - 1 في الدقائق الاخيرة اثر اضاعته ركلة جزاء امام تعملق الحارس جويل باتس.

سدد زيكو في وقت لم يكن فيه جاهزا بدنيا كونه نزل بديلا لاحد اللاعبين، تماما كما هونتيلار، قبيل احتساب المخالفة لفريقه.

ويبدو روبن الذي يشهد مستواه تطورا هائلا في الموسمين الماضيين، عاقد العزم على تعويض «كل شيء».

في 2012، اضاع ركلة جزاء وخسر البايرن اللقب الاوروبي المرموق، بيد أنه عاد بعد سنة واحدة وسجل بنفسه هدف الفوز لـ «البافاري» في مرمى بوروسيا دورتموند (2 - 1) في «نهائي ويمبلي» الشهير.

وفي 2010 اعتبر أحد اسباب هزيمة هولندا في نهائي كأس العالم امام اسبانيا بفعل الفرص السهلة التي اضاعها امام الحارس ايكر كاسياس.

وها هو اليوم يفرض نفسه أحد نجوم البطولة ويقود هولندا إلى ربع النهائي، وربما إلى ابعد من ذلك وتحديدا إلى منصة تتويج لم يسبق لابناء قومه أن وطئت لهم قدما فيها.