منشور في "الراي" الكويتية
كتب: سهيل الحويك
حقيقة مثيرة في عالم الحيوان تشير الى ان الدلفين يبقي احدى عينيه مفتوحة عندما يستسلم للنوم.
هذا هو حال المنتخبين الالماني والفرنسي لكرة القدم في كل مرة يلتقيان بمناسبة مباراة ودية، اذ لا مجال للتساهل أو التراخي في هكذا ظرف يعبق بذكريات حربية وسياسية وحتى رياضية مُرّة مضى عليها الزمن «زمنياً» بيد انها مازالت راسخة في وجدان شعبين مختلفين وربما متنافرين على رغم علم الاتحاد الاوروبي الأزرق بنجومه الـ12 الذي يظللهما، فما بالكم اذا كانت المواجهة بينهما في الدور ربع النهائي من مونديال 2014.
في فبراير 2013، كانت المانيا وفرنسا على موعد مع فصل جديد من فصول «المعارك الودية» التي اسفرت عن فوز تاريخي للـ«ناسيونال مانشافت» بنتيجة 2-1 على «ستاد دو فرانس» في العاصمة باريس ضمن اطار استعدادات الطرفين للتصفيات الاوروبية المؤهلة الى مونديال البرازيل.
اعتقد «الديوك» بأن العقدة ستستمر بعد التقدم عبر ماتيو فالبوينا في الدقيقة 44 بيد ان المنتخب الالماني رد بهدفين في الشوط الثاني حملا توقيعي توماس مولر وسامي خضيرة في الدقيقتين 51 و74 على التوالي.
اللافت ان هذا الفوز جاء على رغم الغيابات المؤثرة في تشكيلة المدرب يواكيم لوف والتي اشتملت على كل من باستيان شفاينشتايغر وماركو رويس وماريو غوتسه ومارسيل شملتسر وميروسلاف كلوزه بداعي الاصابة، كما انه أتى بمثابة رد اعتبار للالمان بعد السقوط على ارضهم امام فرنسا نفسها 1-2 في بريمن في 29 فبراير 2012.
النصر جاء تاريخياً خصوصاً ان الفوز الاخير لالمانيا الموحدة على «الديوك» في عقر دارهم يعود الى مارس 1935، كما ان فرنسا خسرت للمرة الاخيرة امام الالمان في 1987 في مناسبتين، الاولى في مواجهة المانيا الشرقية (صفر- 1) في «بارك دي برانس» في باريس ضمن تصفيات «يورو 88»، والثانية امام المانيا الغربية 1-2 ودياً في العاصمة برلين.
مهما يكن، تبقى مباراة المانيا الغربية وفرنسا في الدور نصف النهائي لمونديال 1982 في اسبانيا الابرز بين الجانبين، وربما الافضل على الاطلاق في ملاعب «المستديرة».
فقد فاز الالمان بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقت الاصلي بالتعادل 1-1 والاضافي 3-3.
وبينما بدأت الاحتفالات الالمانية، تهاوى اللاعبون الفرنسيون على «المستطيل الأخضر» يذرفون الدمع الساخن.
هزيمة لم يكن ليتقبلها منتخب «الديوك» بجيله الذهبي في ثمانينات القرن الماضي والذي كان ينظر اليه باعتباره بين الافضل في تاريخ الكرة الفرنسية.
وعن مرارة تلك الذكرى، قال ميشال بلاتيني الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي للعبة: «لو ادركنا كم كان فريقنا عظيما، لما خسرنا تلك المباراة بتاتاً».
وعاد الفرنسيون مجدداً للسقوط امام الالمان وفي الدور نفسه من مونديال 1986 في المكسيك لكن هذه المرة بهدفين لاندرياس بريمه ورودي فولر لتترسخ عقدة الـ«مانشافت» بالنسبة لـ«الديوك» في كأس العالم.
ديدييه ديشان الفائز باللقب العالمي عام 1998 وبكأس امم اوروبا 2000 تولى مقدرات تدريب منتخب فرنسا خلفاً لزميله السابق لوران بلان، ونجح خلالها في الابقاء على سجله خاليا من الهزائم، الى ان تسلم اخيراً أمام «كتيبة لوف»، لكنه اكد ان فريقه لن يرمي كل ما حققه في الاونة الاخيرة من ثقة واصرار بسبب خسارة تعرض لها في مباراة ودية.
واضاف ان رجاله أدوا المباراة بطريقة جيدة خصوصا امام فريق كبير من قماشة المانيا، «وهو امر جيد بالنسبة لي».
وتابع: «كان الامتحان الجدي الاول بالنسبة لنا في 2013. لعبنا بتناغم وأظهرنا بعضاً مما افتقدناه في العالم الماضي»، واردف قائلا: «(مسعود) اوزيل سبب لنا مشاكل كثيرة بسبب تحركاته في كل ارجاء الملعب».
من جهته، قال لوف: «اوزيل كان ممتازا مع ناديه (السابق ريال مدريد الاسباني) والمنتخب على حد سواء في السنوات القليلة الماضية. كل ما قام به في المباراة كان ممتازا، سواء على مستوى التمريرات او التحركات».
توّجت المباراة الودية بين فرنسا والماينا الاحتفالات والنشاطات الخاصة بالذكرى 50 لمعاهدة الصداقة الفرنسية - الالمانية واقيمت في حضور المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي كان يمني النفس بانتصار على زميلته، أقلّه في ارض الملعب، كون ميزان القوى السياسي والاقتصادي داخل الاتحاد الاوروبي يميل بوضوح لصالح المانيا.
ففي 2012، سجل الميزان التجاري الفرنسي عجزا بقيمة 74 مليار يورو، بينما سجل الميزان الالماني فائضا بقيمة 164 ملياراً.
الجانب الوحيد الذي يتفوق فيه الفرنسيون حاليا يتمثل في معدل الولادات والهرم السكاني، ففي 1963 كان عدد سكان فرنسا 48.6 مليون نسمة والمانيا 74.6 مليون. وفي 2012، بلغ عدد سكان فرنسا 68.4 مليون والمانيا 81.7 مليون، الا ان الدراسات تشير الى ان عدد سكان الاولى سيرتفع الى نحو 80 مليونا في 2050 مقابل تراجع العدد في الثانية الى نحو 75 مليونا.
وجهت الدعوة لعدد من لاعبي «موقعة 82» لحضور المباراة الودية التي اقيمت في باريس بينهم الحارس السابق توني شوماخر الذي تعرض لوابل من صافرات الاستهجان من قبل الجمهور المحلي المنتشر في المدرجات على رغم مرور 31 عاما حينها على الخطأ الفادح الذي ارتكبه في حق باتريك باتيستون خلال كأس العالم في اسبانيا وشهد عليه الـ63 الف متفرج في الملعب والملايين خلف شاشات التلفزة فيما كان الحكم الهولندي تشارلز كورفر الوحيد الذي لم يلحظه.
باتيستون دخل في كوما موقتة بعد «جريمة شوماخر» وخسر اثنين من اسنانه الامامية وتعرض لتهتك في احدى فقرات عموده الفقري.
صافرات الاستهجان في تلك المباراة الودية دليل واضح على ان المشاعر العدائية بين المانيا وفرنسا مازالت مستعرة وإن تحت الرماد، وواقع الحال بين الجانبين يفترض - حتى لدى الاستسلام للنوم - إبقاء عين مفتوحة خلال المناسبات الرسمية أيضاً... على منوال الدلافين.
كتب: سهيل الحويك
حقيقة مثيرة في عالم الحيوان تشير الى ان الدلفين يبقي احدى عينيه مفتوحة عندما يستسلم للنوم.
هذا هو حال المنتخبين الالماني والفرنسي لكرة القدم في كل مرة يلتقيان بمناسبة مباراة ودية، اذ لا مجال للتساهل أو التراخي في هكذا ظرف يعبق بذكريات حربية وسياسية وحتى رياضية مُرّة مضى عليها الزمن «زمنياً» بيد انها مازالت راسخة في وجدان شعبين مختلفين وربما متنافرين على رغم علم الاتحاد الاوروبي الأزرق بنجومه الـ12 الذي يظللهما، فما بالكم اذا كانت المواجهة بينهما في الدور ربع النهائي من مونديال 2014.
في فبراير 2013، كانت المانيا وفرنسا على موعد مع فصل جديد من فصول «المعارك الودية» التي اسفرت عن فوز تاريخي للـ«ناسيونال مانشافت» بنتيجة 2-1 على «ستاد دو فرانس» في العاصمة باريس ضمن اطار استعدادات الطرفين للتصفيات الاوروبية المؤهلة الى مونديال البرازيل.
اعتقد «الديوك» بأن العقدة ستستمر بعد التقدم عبر ماتيو فالبوينا في الدقيقة 44 بيد ان المنتخب الالماني رد بهدفين في الشوط الثاني حملا توقيعي توماس مولر وسامي خضيرة في الدقيقتين 51 و74 على التوالي.
اللافت ان هذا الفوز جاء على رغم الغيابات المؤثرة في تشكيلة المدرب يواكيم لوف والتي اشتملت على كل من باستيان شفاينشتايغر وماركو رويس وماريو غوتسه ومارسيل شملتسر وميروسلاف كلوزه بداعي الاصابة، كما انه أتى بمثابة رد اعتبار للالمان بعد السقوط على ارضهم امام فرنسا نفسها 1-2 في بريمن في 29 فبراير 2012.
النصر جاء تاريخياً خصوصاً ان الفوز الاخير لالمانيا الموحدة على «الديوك» في عقر دارهم يعود الى مارس 1935، كما ان فرنسا خسرت للمرة الاخيرة امام الالمان في 1987 في مناسبتين، الاولى في مواجهة المانيا الشرقية (صفر- 1) في «بارك دي برانس» في باريس ضمن تصفيات «يورو 88»، والثانية امام المانيا الغربية 1-2 ودياً في العاصمة برلين.
مهما يكن، تبقى مباراة المانيا الغربية وفرنسا في الدور نصف النهائي لمونديال 1982 في اسبانيا الابرز بين الجانبين، وربما الافضل على الاطلاق في ملاعب «المستديرة».
فقد فاز الالمان بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقت الاصلي بالتعادل 1-1 والاضافي 3-3.
وبينما بدأت الاحتفالات الالمانية، تهاوى اللاعبون الفرنسيون على «المستطيل الأخضر» يذرفون الدمع الساخن.
هزيمة لم يكن ليتقبلها منتخب «الديوك» بجيله الذهبي في ثمانينات القرن الماضي والذي كان ينظر اليه باعتباره بين الافضل في تاريخ الكرة الفرنسية.
وعن مرارة تلك الذكرى، قال ميشال بلاتيني الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي للعبة: «لو ادركنا كم كان فريقنا عظيما، لما خسرنا تلك المباراة بتاتاً».
وعاد الفرنسيون مجدداً للسقوط امام الالمان وفي الدور نفسه من مونديال 1986 في المكسيك لكن هذه المرة بهدفين لاندرياس بريمه ورودي فولر لتترسخ عقدة الـ«مانشافت» بالنسبة لـ«الديوك» في كأس العالم.
ديدييه ديشان الفائز باللقب العالمي عام 1998 وبكأس امم اوروبا 2000 تولى مقدرات تدريب منتخب فرنسا خلفاً لزميله السابق لوران بلان، ونجح خلالها في الابقاء على سجله خاليا من الهزائم، الى ان تسلم اخيراً أمام «كتيبة لوف»، لكنه اكد ان فريقه لن يرمي كل ما حققه في الاونة الاخيرة من ثقة واصرار بسبب خسارة تعرض لها في مباراة ودية.
واضاف ان رجاله أدوا المباراة بطريقة جيدة خصوصا امام فريق كبير من قماشة المانيا، «وهو امر جيد بالنسبة لي».
وتابع: «كان الامتحان الجدي الاول بالنسبة لنا في 2013. لعبنا بتناغم وأظهرنا بعضاً مما افتقدناه في العالم الماضي»، واردف قائلا: «(مسعود) اوزيل سبب لنا مشاكل كثيرة بسبب تحركاته في كل ارجاء الملعب».
من جهته، قال لوف: «اوزيل كان ممتازا مع ناديه (السابق ريال مدريد الاسباني) والمنتخب على حد سواء في السنوات القليلة الماضية. كل ما قام به في المباراة كان ممتازا، سواء على مستوى التمريرات او التحركات».
توّجت المباراة الودية بين فرنسا والماينا الاحتفالات والنشاطات الخاصة بالذكرى 50 لمعاهدة الصداقة الفرنسية - الالمانية واقيمت في حضور المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي كان يمني النفس بانتصار على زميلته، أقلّه في ارض الملعب، كون ميزان القوى السياسي والاقتصادي داخل الاتحاد الاوروبي يميل بوضوح لصالح المانيا.
ففي 2012، سجل الميزان التجاري الفرنسي عجزا بقيمة 74 مليار يورو، بينما سجل الميزان الالماني فائضا بقيمة 164 ملياراً.
الجانب الوحيد الذي يتفوق فيه الفرنسيون حاليا يتمثل في معدل الولادات والهرم السكاني، ففي 1963 كان عدد سكان فرنسا 48.6 مليون نسمة والمانيا 74.6 مليون. وفي 2012، بلغ عدد سكان فرنسا 68.4 مليون والمانيا 81.7 مليون، الا ان الدراسات تشير الى ان عدد سكان الاولى سيرتفع الى نحو 80 مليونا في 2050 مقابل تراجع العدد في الثانية الى نحو 75 مليونا.
وجهت الدعوة لعدد من لاعبي «موقعة 82» لحضور المباراة الودية التي اقيمت في باريس بينهم الحارس السابق توني شوماخر الذي تعرض لوابل من صافرات الاستهجان من قبل الجمهور المحلي المنتشر في المدرجات على رغم مرور 31 عاما حينها على الخطأ الفادح الذي ارتكبه في حق باتريك باتيستون خلال كأس العالم في اسبانيا وشهد عليه الـ63 الف متفرج في الملعب والملايين خلف شاشات التلفزة فيما كان الحكم الهولندي تشارلز كورفر الوحيد الذي لم يلحظه.
باتيستون دخل في كوما موقتة بعد «جريمة شوماخر» وخسر اثنين من اسنانه الامامية وتعرض لتهتك في احدى فقرات عموده الفقري.
صافرات الاستهجان في تلك المباراة الودية دليل واضح على ان المشاعر العدائية بين المانيا وفرنسا مازالت مستعرة وإن تحت الرماد، وواقع الحال بين الجانبين يفترض - حتى لدى الاستسلام للنوم - إبقاء عين مفتوحة خلال المناسبات الرسمية أيضاً... على منوال الدلافين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق