الاخبار

الأربعاء، 9 يوليو 2014

جريمة البرازيل 94

منشور في "الراي" الكويتية

كتب: سهيل الحويك

المانيا تواجه البرازيل في عقر دارها ضمن الدور نصف النهائي من كأس العالم 2014 لكرة القدم.

مواجهة تلخص تاريخا في هذه الرياضة الاكثر شعبية في العالم.

البرازيل التي تمثل المتعة في كرة القدم تقابل المانيا التي تعكس الواقعية والقوة.

صحيح أن «راقصي السامبا» خسروا الكثير من بريقهم بيد أن الحماس والرغبة والارض والجمهور تبقى عوامل فعّالة قد تؤدي بهم إلى ولوج المباراة النهائية المقررة في 13 يوليو الحالي في استاد «ماراكانا» الشهير في ريو دي جانيرو.

في الواقع، ما عاد منتخب البرازيل وفيا لمبادئه وهذا حقه. لم يعد يكترث بالارث الذي تناقلته الاجيال. في مونديال 1982 في اسبانيا و1986 في المكسيك، ظهر هذا الفريق وكأنه قادم من كوكب آخر.

اسماء لامعة كالراحل سقراط وجونيور وايدير وفالكاو وايزيدورو وكاريكا وجوسيمار مازالت راسخة في ذاكرة كرة القدم الجميلة إلا انها لم تجلب الكأس للبرازيل.

ومرت نسخة 1990 في ايطاليا مرور الكرام بعد أن ودع «راقصو السامبا» المنافسات من الدور الثاني بالخسارة غير المستحقة امام الارجنتين في مباراة تسيدوها تماما إلا أن تمريرة ساحرة يتيمة من دييغو مارادونا إلى «توأم روحه» كلاوديو كانيجيا افضت إلى هدف فوز اهّل «راقصي التانغو» إلى ربع النهائي.

وجاء مونديال 1994 في الولايات المتحدة، وهنا بدأ التغيير بحيث اعتمد المدرب كارلوس البرتو باريرا على فكر اوروبي اساسه الدفاع المتراص مع اطلاق الحرية الهجومية للثنائي بيبيتو- روماريو.

كان اداء البرازيل عاديا وبعض الاحيان مملا إلا أنه جاء بثماره التي تمثلت بإحراز الكأس العالمية بعد انتظار دام 24 سنة كاملة.

صحيح أن الانتصار جاء على حساب ايطاليا وبأسوأ طريقة ممكنة أي بركلات الترجيح اثر انتهاء الوقتين الاصلي والاضافي بالتعادل السلبي إلا أنه تحقق... وهذا هو الاهم.

التتويج في الولايات المتحدة بهذا الفكر الغريب عن «السحر البرازيلي» كان بمثابة تأكيد على وجوب التخلي عن المبادئ الجمالية والابداعية التي لطالما التصقت بتقاليد «راقصي السامبا».

ذاك التتويج رسّخ واقع أن البرازيل ودّعت «السحر» إلى الابد وهو ما تأكد في السنوات التي تلت.

ففي 1998 خلال مونديال فرنسا وحتى في 2002 في مونديال اليابان وكوريا الجنوبية، حققت البرازيل المركزين الثاني والاول على التوالي بيد انها لم تمتع إلا من خلال ومضات «الظاهرة» رونالدو وريفالدو ورونالدينيو وريكاردو كاكا.

تألق هؤلاء لكن المنتخب ككل لم يكن ساحرا ولم يذكر احدا بـ «عجائب 82 و86».

لا يحق لاحد القاء اللوم على البرازيل لانها لم تعد البرازيل رسميا منذ 1994، فقد قامت بنفسها بإلغاء «السحر» من هويتها.

واليوم تخوض مباراة للتاريخ مع المانيا التي مازالت متمسكة منذ ولادة كرتها بمدرسة اللياقة البدنية والواقعية.

المانيا لم تبدّل شيئا في هويتها، على عكس البرازيل. هذه ليست تهمة وليست اشادة بأي من الطرفين، لان السجلات لا تعترف إلا بالفائز... سواء فاز بقلوبنا وخسر أو خسر قلوبنا وفاز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق