الاخبار

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

«نطحة زيدان» ... عزّزت صورة «بطل العالم للحكام»

منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك


 
ثماني سنوات مرة على «نطحة زيدان» الشهيرة لماركو ماتيراتزي التي فرضت نفسها في المشهد الختامي لمونديال 2006 في المانيا، لا بل تفوقت اهمية على صورة فابيو كانافارو، قائد منتخب ايطاليا، وهو يرفع عاليا كأس العالم في كرة القدم بنسختها الـ 18 في سماء استاد برلين الاولمبي.

الملايين حول العالم تابعوا تلك اللحظة المفصلية من عمر نهائي المونديال حيث لعب رجل بـ «زي اسود» دور القاضي العادل في حسمها، أنه الحكم الارجنتيني هوراسيو إليزوندو.

في العاشر من ديسمبر 2006، اطلق إليزوندو (43 سنة حينذاك) آخر ثلاث صافرات في مسيرته التحكيمية الحافلة.

بدا على الرجل، الذي يلقب في بلاده «بطل العالم للحكام»، بعض من اسى عندما احتبس دموع الوداع.

المباراة تجمع بين بوكا جونيورز ولانوس على ملعب «بومبرنيرا» الشهير في قلب العاصمة بوينس آيرس في اطار بطولة الدوري المحلي.

مواجهة حاسمة على اللقب، وبالتالي شرف جديد اعتاده إليزوندو خلال 22 سنة من الخدمة في الملاعب دعي خلالها إلى قيادة عدد وفير من المباريات الكبيرة.

قبيل انطلاق «مباراته الاخيرة»، دخل الحكم الدولي ارض الملعب ليجد في وسطه ثلاثة اطفال، اطفاله، مرتدين قمصانا كتب عليها «شكرا أبي».

كان المشهد عاطفيا بامتياز خصوصا إذا ما اضيفت إليه التحية العاصفة من 35 الف مشجع ضاقت بهم مدرجات «بومبرنيرا» لشخص نادرا ما حظي وأترابه من الحكام بترحيب مماثل في ظروف عادية.

عشية المباراة التي ختم بها سنة حافلة بالانجازات، اكتفى هوراسيو بالقول: «انها نقطة نهاية لموسم ناجح جدا بالنسبة اليّ. فقد قمت بادارة مباريات كبيرة، لاسيما نهائي كأس العالم. اشعر بالفخر لان ذلك جعل مني أحد افضل الحكام في العالم. اقول ذلك بكل تواضع».

نهائي مونديال 2006 والبطاقة الحمراء التي رفعها بنفسه في وجه الفرنسي زين الدين زيدان، حدثان مفصليان في مسيرته منحاها بعدا اضافيا.

قاد إليزوندو عددا من المباريات من شأنها أن تبث الفخر في أي مدرب، بينها مواجهات في بطولة كأس العالم للناشئين (تحت 17 سنة) والشباب (تحت 20 سنة)، واخرى في دورة الالعاب الاولمبية 2004 في اثينا وفي بطولتين لـ «كوبا اميركا»، فضلا عن عدد من مباريات الـ «كلاسيكو» الشهير بين بوكا جونيورز وغريمه التقليدي ريفر بلايت، ومباريات نهائية لكأس ليبرتادوريس لنوادي اميركا الجنوبية، لكن كزس العالم تبقى مسألة اخرى وتتميز بطعم مختلف، خصوصا عندما يدعى الحكم، أي حكم، إلى قيادة خمسة لقاءات في غضون بطولة واحدة، بما فيها مباراة الافتتاح والمباراة النهائية.

من مونديال 2006 يتذكر هوراسيو «خصوصا مباراة الافتتاح لانها بالتأكيد الاهم لاي حكم. المباراة الافتتاحية هي ما يعطي المؤشر لما يمكن انتظاره من البطولة ككل. كانت المهمة كبيرة بالنسبة اليّ أن اقود اللقاء بين منتخب البلد المضيف وكوستاريكا، ولكن أن يجري اختيارك لقيادة مباراة الافتتاح ثم تسند اليك مهمة قيادة المباراة النهائية، هنا تصبح المسألة اكبر بكثير»، علما انها المرة الوحيدة التي يقوم فيها حكم بعينه بقيادة المباراتين الافتتاحية والنهائية في مونديال واحد منذ انطلاق بطولة كأس العالم عام 1930.

تحول هوراسيو «بطلا قوميا» في بلاده بعد مونديال المانيا الذي شهد خروجا مبكرا للارجنتين امام منتخب البلد المضيف عند محطة الدور ربع النهائي.

ولكن بعيدا من بلاد التانغو، عّرف هوراسيو واتسعت شهرته تحديدا لكونه الرجل الذي وضع نقطة نهاية «حمراء» لمسيرة زيدان في الملاعب.

عن تلك المباراة النهائية العاصفة، يقول: «قبيل دخولنا واللاعبين ارض الملعب، شعرت بان الايطاليين اكثر استرخاء من الفرنسيين الذين كانوا على درجة عالية من التركيز والهدوء، لم يتبادلوا حتى الكلمات التشجيعية في ما بينهم، خاض الفريقان مباراة بروحية جيدة على رغم الضغوط المفروضة عليهما»، إلى أن نفذ زيدان «النطحة» الشهيرة.

يضيف: «الحكم الرابع هو من لفتني إلى التعدي الذي ارتكبه اللاعب رقم 10 ابيض»، في اشارة إلى زيدان الذي ارتدى وزملاؤه الزي الابيض في النهائي، فيما احتفظ منتخب ايطاليا بالزي الازرق المعتاد. ويتابع: «لا اعلم ما إذا كان الحكم الرابع لحظ الحادثة من خلال جهاز التلفزة الخاص به. هذا لا يهم طالما أنه كان متأكدا مما جرى. لم اتردد بتاتا في اشهار تلك البطاقة الحمراء. لكن بصراحة، تفاجأت من فعلة زيدان، قبل أي مباراة، اقوم بتحليل اللاعبين خصوصا من يتميز منهم بالخشونة. عندما حضّرت هذا النهائي، مررت على زيدان مرور الكرام لان ثمة ما يشبه الاجماع العالمي على رفعة اخلاقه».

وبعيد عودته إلى بلاده، كان على هوراسيو الارتباط بوكيل اعمال يهتم بمصالحه خصوصا أن طلبات اجراء لقاءات اعلامية معه من جانب قنوات عالمية من داخل الارجنتين انهالت عليه من كل حدب وصوب.

وقيل أن الرجل حقق ثروة في تلك الفترة بعدما حدد وكيل اعماله مبلغ 6500 يورو للقاء الاعلامي الواحد، اضف إلى ذلك دعوته إلى قيادة المباريات في الشرق الاوسط وتحديدا في قطر، واداءه دور البطولة في عدد من الاعلانات، وحلوله ضيف شرف على مؤتمرات عدة في اميركا الجنوبية ألقى خلالها سلسلة من المحاضرات ذات الصلة بالتحكيم.

يقول وكيل اعماله مبررا سعي إليزوندو لاستغلال الشهرة التي اكتسبها بعد «نطحة زيدان»: «علينا أن نتفهم إليزوندو. كان عليه استغلال الظرف ليؤمن مستقبله ومستقبل ابنائه. أي والد كان ليفعل الامر نفسه».

بعد مباراة بوكا جونيورز ولانوس، رفض إليزوندو عروضا عدة لقيادة المباريات وصلته من مختلف انحاء العالم، مفضلا ممارسة الغولف واشباع نهمه إلى الشعر.

منذ نهائي مونديال 2006، اتجه عدد كبير من الشباب الارجنتيني نحو التحكيم بالهام من إليزوندو نفسه، حتى أن الاتحاد المحلي للعبة اضطر في مرحلة ما إلى اقفال باب التسجيل بعدما تعدّت طلبات الراغبين في دخول هذا العالم الحد المعقول.

الكثير من الصبية يحلمون بمسيرة مشابهة لتلك التي عرفها إليزوندو، وقد يصل احدهم أو بعضهم إلى المستوى الذي بلغه الاخير، بيد أن ثمة «نطحة» شهيرة لا شك في انها ساهمت في الدفع بهوراسيو خطوات إلى الامام، نطحة قد لا تتكرر في المدى المنظور خلال مباراة نهائية لبطولة كأس العالم.

معلومة



فاز الحكم الايطالي المعتزل بيارلويجي كولينا بجائزة افضل حكم في التاريخ من الاتحاد الدولي لتاريخ واحصاءات كرة القدم وذلك في 18 يناير 2010.

وذكرت صحيفة «ماركا» الرياضية الاسبانية أن الاتحاد يمنح الحكام نقاطا من اجل اختيار افضل حكم سنويا منذ العام 1987، وبتجميع تلك النقاط تصدر كولينا القائمة برصيد 86 نقطة بفارق 20 نقطة كاملة عن الالماني المعتزل ماركوس ميرك صاحب المركز الثاني.

وجاء في المركز الثالث الحكم الدنماركي بيتر ميكلسين ثم المجري ساندور بوهل في المركز الرابع ولكل منهما 62 نقطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق