الاخبار

الاثنين، 30 يونيو 2014

نظرية المؤامرة

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك



في كل مرة تحلّ علينا كأس العالم لكرة القدم، يجري الحديث فيها عن مؤامرة حيكت بين المانيا الغربية (سابقا) والنمسا لوضع الجزائر خارج مونديال 1982 الذي اقيم في اسبانيا.

حتى الساعة، لا يوجد أي دليل على تلك المؤامرة من قبل أي ممن له صلة بتلك «المباراة المشبوهة».

ربما لم يجر اتصال مباشر بين القيمين على المنتخبين الاوروبيين لاخراج المباراة بالطريقة التي آلت اليها وتمثلت بفوز المانيا بهدف هيرست روبيش، وربما نزل اللاعبون إلى الملعب دون تلقي توجيهات معينة من «رؤسائهم» غير انهم كانوا يعلمون علم اليقين بأن نتيجة معينة ستذهب بفريقيهما إلى الدور التالي، فعملا على تحقيقها.

ينسى البعض خسارة البرازيل امام النروج 1 - 2 في مونديال فرنسا 1998 والتي ادت إلى خروج المغرب خالي الوفاض من الدور الأول على الرغم من أن «راقصي السامبا» كانوا فريقا فتّاكا، فلم الشك هناك والتبرير هنا؟

كان يتوجب على الاتحاد الدولي للعبة منذ 1982 أن يكون بعيد نظر ويدرك ما ستؤول إليه آلية انظمة مسابقاته (وجوب اقامة المباريات في توقيت واحد عملا بمبدأ تكافؤ الفرص) وطالما أن الالمان والنمسويين لم يخالفوا قواعد مكتوبة، بل عملوا على تحقيق مصالحهم، فإن خطوتهم مباحة قانونا غير انها قد تكون مرفوضة اخلاقيا في ما لو تأكد أنه كان ثمة تواطؤ.

لقد فازت الجزائر في ذاك المونديال على المانيا الغربية 2 - 1 ثم خسرت امام النمسا صفر - 2 قبل أن تتغلب على تشيلي 3 - 2.

بفارق الاهداف ودع الفريق العربي تلك البطولة، مع العلم أنه كان متقدما على تشيلي 3 - صفر غير أن تسجيل الخصم هدفين سهّل من مهمة المانيا والنمسا في خطف بطاقتي التأهل.

وفي ختام منافسات المجموعة الثانية، تصدرت المانيا بأربع نقاط (زائد 3 اهداف) امام النمسا بأربع نقاط أيضاً (زائد هدفان) والجزائر بأربع نقاط كذلك (دون فارق بالاهداف).

قد تكون مؤامرة، لكن الظروف والتوقيت ساعداها كي تكون كذلك خصوصا أن مباراة الجزائر مع تشيلي اقيمت في 24 يونيو، فيما اجريت مباراة المانيا مع النمسا في 25 منه أي أن الفريقين الاوروبيين دخلا المواجهة مدركين ما عليهما القيام به.

ولا بد من النظر إلى مسائل التلاعب من زاوية اوسع، فالكثير من المباريات عبر تاريخ كأس العالم شابها شك، ولن ننسى الفوز التاريخي للارجنتين على البيرو في مونديال 1978 بنتيجة 6 - صفر وضمان بلوغها النهائي على ارضها بعد أن كانت تحتاج إلى الفوز 4 - صفر.

كانت البيرو فريقا قوي الجانب ولم يكن من المنطقي استيعاب سقوطه الكبير قبل أن تتكشف بعد سنوات الحقائق التي تحدث بعضها عن اقدام الحكومة الارجنتينية على مدّ نظيرتها البيروفية بـ 50 مليون دولار و35 الف طن من الحبوب كثمن لشراء تلك المباراة.


السبت، 28 يونيو 2014

(مونديال) باجيو قد يكون الحل

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك


لا خلاف على ان روبرتو باجيو يمثل «موهبة» كرة القدم الإيطالية، فقد نجح في جذب الأنظار إليه أينما حلّ وارتحل، مؤكداً ان «المستديرة» في «بلاد السباغيتي» ليست حكراً على الفكر الدفاعي المتحفظ، بل انها خلاّقة على مستوى الحرفنة الهجومية.

بعد اعتزاله العام 2004، اختفى باجيو تماماً عن الأنظار. لم يسعَ الى سلوك درب التدريب، بل قرّ رأيه على أخذ قسط من الراحة بعيداً عن المضمار الذي تبادل وإياه حباً كبيراً.

وقبل سنتين تقريباً، قرر «روبي» الاستقالة من منصبه كمدير فني في الاتحاد الايطالي للعبة.

برر حامل الكرة الذهبية عام 1993 رحيله بخيبة أمل أصابته خلال اداء مهام عمله، وصرح للصحافة المحلية: «حاولت القيام بالمهمة التي أسندت إليَّ، لكن لم يسمح لي بذلك. ولهذا السبب لا أنوي الاستمرار».

أكد المهاجم السابق أنه قدم مشروعا يشتمل على 900 صفحة، لكن يبدو ان الاتحاد المحلي لم يلتفت إلى المقترح على الإطلاق، وقال باجيو الذي دافع عن الوان كل من فيتشنزا وفيورنتينا ويوفنتوس وميلان وبولونيا وانترميلان وبريشيا الايطالية: «لا أحب أن أملأ الفراغ الموجود في أحد المناصب وحسب، بل أحب إنجاز عملي. ولذلك اضطررت للاستقالة. أعشق كرة القدم وبلادي، وأنا مستعد دائما للقيام بأي مبادرة من أجل صالح اللعبة».

ونقل عن جانكارلو أبيتي رئيس الاتحاد قوله في حينها: «روبرتو باجيو شخص يتمتع بالعديد من الصفات الرائعة، كرجل وكشخصية رياضية، لكنه لم يشعر بأنه يشغل الوظيفة التي تناسبه ولم يفاجئني قراره».

لم يحاول الاتحاد التمسك بباجيو الذي اضاع ضربة ترجيح حاسمة امام البرازيل في نهائي كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة، بل ترك «الرجل الهادئ» يرحل دونما محاولة للتشبث به، في مشهد يضاف الى سلسلة من المشاهد التي تؤكد بأن كرة القدم الايطالية تعاني من «فوضى التنظيم»، وان بلوغ نهائي بـ«يورو 2012» لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يعكس تسلسلاً منطقياً لمشروع ما، أضف الى ذلك التخبط على مستوى النوادي ومعاناة الملاعب من القِدم.

ويبدو ان باجيو قد يعود الى لعب الادوار الاولى في كرة القدم الايطالية لأن اسمه مطروح لخلافة تشيزاري برانديللي على رأس الجهاز الفني لمنتخب بلاده اثر النكسة التي تعرض لها الفريق بخروجه من الدور الاول لمونديال 2014

صحيح ان باجيو عُرف بهدوئه الذي كان ينفجر أحياناً في «المستطيل الأخضر»، بيد ان ثمة سراً خلف هذه الشخصية المسالمة.

خلال تواجده في صفوف انتر بين 1998 و2000، وجّه الدعوة الى زميله السابق في الفريق، البرازيلي رونالدو للسير على خطاه واعتناق الديانة البوذية التي سلك دربها قبل سنوات على رغم كونه ينتمي الى بلد كاثوليكي بامتياز.

رأى «دي كوتينيو» في حينه ان البوذية قادرة على انقاذ رونالدو من الهواجس التي تطارده منذ مونديال 1998.

اعتمد قبل توجيه دعوته على بعض الآراء التي كشفت النقاب عن السبب في كثرة الاصابات التي يتعرض لها «روني»، فقال ان ذلك مجرد «وسواس مرضي» اصاب اللاعب وأدى الى شعوره الدائم بالخوف من المباريات، واشار الى ضرورة معالجة المشاكل النفسية التي يعاني منها «الظاهرة» قبل معالجة مشاكله الجسدية وذلك من خلال سلوك درب البوذية.

وقال «فتى ايطاليا الذهبي» ان المرء لا يحتاج في سبيل دخول هذا «العالم العجيب» الى اكثر من سترة وبندقية، وذلك لممارسة الصيد الذي تدعو اليه البوذية في كل مرة يبحث فيه عن التخلص والابتعاد قدر الامكان عن مشاكل يعاني منها، و«قد سلكت هذا الطريق بنفسي منذ فترة طويلة وحصدت الصفاء الروحي».

واكد ان ديانته التي تعتمد على بعض الافكار الغريبة مثل تناسخ الأرواح وتقديس البعوض، هي افضل دواء لشفاء كل من هو مصاب بـ«وسواس مرضي».

وحاول باجيو في حينها تفسير الحالة التي مر بها رونالدو بقوله: «انه ضحية لضغوط كبيرة فاقت طاقته. رأى بأن الجماهير تعلق عليه آمالا كبيرة في كأس العالم، الامر الذي ادى الى خلق نوع من التوتر الشديد الذي ظهر جلياً على اللاعب خصوصا في النهائي امام فرنسا»، وأضاف: «عشت تلك الاجواء من قبل وانا اكثر الناس تفهما للظروف التي يمر بها البرازيلي. سبق لي ان اختبرتها لكني لم اجد الوسيلة الكفيلة لتخطيها الا في البوذية التي عملت على تنقية روحي وجعلها صافية للغاية».

ولم يبدِ باجيو قلقاً من الآراء التي لطالما حذرته من الافراط في صيد الحيوانات البرية والتي من الممكن ان تفسر على انها تعبير عن الوحشية والعدوانية الكامنة فيه حيث قال: «ينظر عدد كبير من الناس الى الصيد على انه عمل وحشي فظيع، الا انه يتيح لي فرصة البقاء صافي الذهن، ويساهم في تحسين ادائي خلال المباريات وحتى في حياتي الشخصية وفي تعاملي مع الناس».

وفي محاولة لاضفاء نوع من الشرعية على تصرفاته، يقول: «عندما ينتقدني الناس بسبب قتلي للحيوانات، فإنهم ينسون ما يقومون به في فصل الصيف عندما يقتلون البعوض دون ادنى شفقة او تفكير في انها روح لا بد لهم من الحفاظ عليها».

لا شك في ان روبرتو كان صادقاً في الدعوة التي وجهها الى رونالدو الذي بقي متمسكاً بمسيحيته وهو لم يحتج الى البوذية بتاتاً العام 2002 ليتخلص من الضغوط ويعود من اصابة هددت مستقبله ويقود البرازيل الى احراز كأس العالم ويتوج هدافا بـ8 اهداف.

ربما سيكون باجيو قادراً أخيراً على اصطحاب نجوم اللعبة في بلاده الى رحلة صيد في حال خلف برانديللي وذلك كي يفرض عليهم «الصفاء الذهني» على مشارف انطلاق تصفيات «يورو 2016» بعد مونديال فاشل على الاصعدة كافة.

الجمعة، 27 يونيو 2014

(مونديال) بدأت مرحلة الجد



 منشور في "الراي" الكويتية

 كتب: سهيل الحوبك


لم يكن هذا هو السيناريو المتوقع لمباريات دور الـ 16 من بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في البرازيل وتختتم في 13 يوليو المقبل.

منتخبات كبيرة عدة دفعت الثمن غاليا جدا في الدور الأول بعد أن حزمت حقائبها قافلة إلى بلادها وهي من كان مقدّرا لها الذهاب بعيدا في النسخة العشرين من المونديال.

وبين 16 فريقا في الدور الثاني، فرضت اوروبا ظهورا متواضعا بستة منتخبات فقط مع انها القارة الاكثر حضورا في البطولة (13).

ثمة اسماء تقليدية من «القارة العجوز» حاضرة في هذا الدور ابرزها هولندا والمانيا فيما عادت فرنسا للظهور وكذلك بلجيكا، كما حققت اليونان ما تصبو إليه وتأهلت للمرة الاولى في تاريخها.

اما سويسرا فكانت مرشحة منذ البداية لمرافقة فرنسا في رحلة التأهل.

اميركا الجنوبية فرضت حضورا قويا بخمسة منتخبات هي البرازيل صاحبة الضيافة والارجنتين وكولومبيا وتشيلي والاوروغواي، فيما عجزت الاكوادور وحدها عن اللحاق بركب المتأهلين عن قارتها.

وللمرة الاولى في تاريخ كأس العالم التي ابصرت النور العام 1930، تتأهل 3 فرق من منطقة الـ «كونكاكاف» (اميركا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي) هي الولايات المتحدة الاميركية والمكسيك وكوستاريكا.

وكانت هندوراس وحدها من تلك المنطقة خرجت مبكرا من المنافسات.

اما افريقيا فقد تمثلت بخمسة فرق في الدور الاول تأهل منها فقط الجزائر ونيجيريا.

قارة اوقيانيا لم يعد لها أي ممثل في «العرس العالمي» وذلك بعد خروج استراليا التي خاضت التصفيات الاسيوية مع العلم أن ممثلي «القارة الصفراء» الاصليين أي اليابان وكوريا الجنوبية وايران ودعوا أيضاً من الدور الأول. إنه فشل اسيوي شامل في مونديال البرازيل.

مباراتان تقامان اليوم في افتتاح الدور الثاني وتعطيان انطباعا كما لو أننا امام بطولة لـ «كوبا اميركا» إذ تلعب البرازيل مع تشيلي، وكولومبيا مع الاوروغواي.

البرازيل مرشحة للتأهل بواقع الارض والجمهور، فيما يلف الغموض المواجهة الثانية.

يوم غد تلتقي هولندا مع المكسيك، وكوستاريكا مع اليونان.

«الطواحين» مرشحة بيد أن رافاييل ماركيز وزملاءه ابانوا عن إرادة صلبة، فيما تخوض كوستاريكا امتحانا اصعب مما واجهته في الدور الأول وذلك امام اليونان بطلة اوروبا 2004.

فهل يكتب لكوستاريكا بلوغ الدور ربع النهائي بعد فوزها على الاوروغواي 3 - 1 وايطاليا 1 - صفر وتعادلها مع انكلترا صفر- صفر في دور المجموعات؟

في 30 يونيو تلتقي فرنسا مع نيجيريا والمانيا مع الجزائر. ويبدو الفريقان الاوروبيان على الورق اقرب إلى ربع النهائي.

وفي الأول من يوليو، سيضمن ليونيل ميسي ورقة التأهل مع منتخب الارجنتين إلى دور الثمانية إذا تجاوز وزملاؤه سويسرا، وهذا ما هو منتظر، فيما تبدو المواجهة بين بلجيكا والولايات المتحدة غامضة إلى حد ما.


الخميس، 26 يونيو 2014

(مونديال) من سمع "صرخة ساكي"؟


 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك



بعد التتويج المدوي في بطولة كأس العالم 2006، بدا وكأن كرة القدم الايطالية دخلت نفقاً مظلماً بفعل خروج «الآتزوري» من الدور ربع النهائي لـ«يورو 2008» والاقصاء التاريخي من الدور الاول لمونديال 2010.

واستناداً الى المبدأ القائل بأن «البطل لا يموت»، بحثت ايطاليا «جينياً» عن موقعها الضائع في المقدمة، وبدا «يورو 2012» بمثابة خشبة خلاص خصوصا ان المنتخب بلغ النهائي الا انه سقط امام اسبانيا صفر- 4.

كان الاختبار الاول للمدرب تشيزاري برانديللي، بيد ان الاخير وضع نصب عينيه مونديال 2014 فبلغ بفريقه النهائيات، الا انه عجز عن الذهاب بعيداً بعد الخروج المذل من الدور الاول.

لا يمكن النظر الى واقع الكرة الايطالية من خلال نتائج منتخبها فحسب، بل يتوجب وضع الاصبع على جروحات في غير مكان، وهي الخطوة التي اقدم عليها اريغو ساكي، مدرب ميلان و«المنتخب الازرق» سابقاً والذي يصنّف خبيراً في شؤون اللعبة على مستوى العالم.

اطلق ساكي العنان لناقوس الخطر من خلال مقال صحافي قبل سنوات بدأه قائلا: «ينبغي أن يثير الإنذار الذي أطلقه الاتحاد الدولي بشأن مستقبل كرتنا قلق الجميع. أصدر الاتحاد أرقاما مفزعة تؤكد أن إيطاليا لا تتفوق سوى على قبرص في ما يتعلق بمتوسط أعمار اللاعبين وان الثقة في الشباب غائبة»، واضاف: «كان من المعروف أن إيطاليا ليست بلدا للشباب، لكن أحدا لم يكن يشعر بأنها بلد يميل الى اللاعبين الأجانب. في الفترة من 1989 الى 1999 كان هناك ما بين 66 و229 لاعبا أجنبيا فقط في إيطاليا وكانت النوادي المحلية تحقق الكثير من الإنجازات. وصلت فرقنا إلى نهائي دوري أبطال اوروبا في تلك الفترة ثماني مرات وحصدت اللقب في خمس منها، وتأهلت أيضا 10 مرات الى نهائي كأس الاتحاد الأوروبي («يوروبا ليغ» حاليا) وتوجت تسع مرات. اليوم لدينا 1100 لاعب أجنبي لكن النوادي باتت أقل قدرة على المنافسة. لم تصل إلى نهائي دوري الأبطال سوى خمس مرات فازت في ثلاث منها، بينما عجزت عن التأهل الى نهائي كأس الاتحاد الاوروبي بمسماه الجديد».

وتساءل: «لماذا نستمر نحن في التعاقد مع اللاعبين الأجانب على رغم أن الدول المعروف عنها الاعتماد عليهم مثل فرنسا وإسبانيا وإنكلترا وألمانيا تنتهج الآن سياسة معاكسة تماما؟»، وتابع المدرب الذي قاد ايطاليا الى نهائي كأس العالم 1994: «أصبحت الفرق الإيطالية أكبر سنا وأعتقد أن الامر طبيعي في بلد يعشق كرة القدم لكنه لا يعتبرها رياضة ذات قواعد يجب الالتزام بها أو وسيلة لتقديم عروض رياضية ممتعة وممنهجة. كرة القدم بالنسبة لنا ظهور اجتماعي ويجب علينا أن نفوز دائما لنثبت أنه لا ينقصنا شيء بالمقارنة مع دول اكثر تقدما. يعتبر الفوز الحل الوحيد ونحن نبحث عن تحقيقه من خلال الوسائل التي نجيدها وهي الخبث وفن تسيير الأمور. لا يساعد ذلك على خلق مناخ هادئ يسمح بالمنافسة أو بظهور ميزانيات سليمة وتخطيط جيد على المدى البعيد. ومع العجز في ميزانيات النوادي الإيطالية، بات من الواضح أن كل ما يشغل بال هذه الفرق هو البقاء في دائرة الضوء بعيدا عن واجب الإنفاق على المنشآت الرياضية وقطاعات الناشئين التي تمثل المستقبل. ولو أن ما يحدث عندنا يحدث في العالم بأسره لما كان هناك تعاقب جيد في الأجيال ولكتب لكرة القدم الاندثار».

وعرج ساكي على بعض التفاصيل عندما قال: «تستثمر النوادي الإيطالية في المعتاد أقل بكثير (2 إلى 5 في المئة من ميزانيتها) من النوادي الكبرى في أوروبا (من 5 إلى 10 في المئة) على المنشآت وقطاعات الناشئين. ريال مدريد الاسباني ينفق من 35 إلى 40 مليون يورو سنويا على هذا الجانب، مع العلم ان مواطنه برشلونة يتجاوز هذا الرقم. وتعاني الفرق الإيطالية من غياب المنشآت الرياضية الملائمة وغياب أي مشروع فني متكامل لدى مدربي قطاعات الناشئين. أصبحت فرنسا دولة كروية كبرى بعد 1970 عندما أجبر الاتحاد المحلي النوادي على إنشاء مراكز تدريب للشباب (16 إلى 18 سنة) وللمدربين المؤهلين على المنافسة الطويلة والقوية. يدرس الشباب ويتدربون في تلك المراكز خلال اسبوع لعدد من الساعات يعادل عدد الساعات التي يتدرب فيها شبابنا عادة في شهر كامل. وهو ما فعلته ألمانيا بعد 2000 وها هي اليوم تحصد النتائج. لا ينطبق هذا الامر على المنتخبات الإيطالية لا سيما الصغيرة منها. ويبدو لي ذلك طبيعيا في بلد ينظر الى كرة القدم في المقام الأول على أنها لعبة دفاعية وفردية، ويقال فيها إن الفوز يتحقق عن طريق حماية المرمى من الاهداف (وليس تسجيل الاهداف). يحاول الجميع في إيطاليا حل مشكلات رياضة جماعية مثل كرة القدم عن طريق الأفراد وليس الفريق أو الأداء الجماعي».

وختم: «لا شك في أن أمامنا الكثير لنقوم به إذا أردنا تجديد وتطوير أنفسنا في كرة القدم. ينفق اتحادنا المال والوقت من أجل منح المنتخب فرصة لخوض مباريات ودية دولية ومنح لاعبينا الخبرة والمعرفة، لكن منافسة الكبار تحتاج إلى استثمارات أكبر من جانب النوادي وتخطيط وتعاون أكبر يزيدان من معارف وخبرات اللاعبين الشباب. هذا فقط ما يضمن مستقبلا طيبا».

صرخة ساكي شكلت مفترقاً نظرياً بالنسبة لـ«افضل رياضة في العالم»، وهي التسمية التي يحلو للطليان اطلاقها على كرة القدم، بيد انه يبدو ان أحداً لم يسمعها.

الأحد، 22 يونيو 2014

(مونديال) حارس بلا حراسة

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك




واقفاً بين الخشبات الثلاث أبداً، متسلّحاً بالقدرة على لمس الكرة باليد داخل «المنطقة المحرمّة»، يبقى حارس المرمى عنصراً فريداً ومضطلعاً بدور «مختلف» في رياضة كرة القدم.

الانكليزي بول غاردنر، كاتب شهير في مجلة «وورلد سوكر» المتخصصة في اللعبة الاكثر شعبية والذائعة الصيت، اتخذ موقفاً متحفظّاً نوعاً ما من اللاعب ذي القفازين، وذلك عبر مقال تطرق فيه الى ضرورة التحرك ضد الحرّاس الذين يعتبرون العنف احد حقوقهم المكتسبة.

يقول غاردنر (84 سنة): «ثمة ما يجب القيام به بخصوص تلك العلاقة الحميمة بين الحارس والحكم. حارس المرمى عنصر محميٌّ للغاية في كرة القدم، وهذه ضرورة. لكن ان تتجاوز تلك الحماية حدودها وان يرمق الحكّام تدخلات عنيفة من هؤلاء ضد اللاعبين بعين اللا مبالاة، فهذا مرفوض لأن المسألة تجاوزت حد المنطق. هذه ليست حماية، انها أشبه باذن رسمي يحصل عليه الحارس لالحاق الأذى بالغير».

تطرق الكاتب بالتحديد الى ذاك الخطأ الخطير الذي اقترفه الحارس الالماني الغربي (سابقاً) هارالد «توني» شوماخر بحق المدافع الفرنسي باتريك باتيستون خلال الدور نصف النهائي من بطولة كأس العالم الـ12 في اسبانيا عام 1982: «لم يُحتسب أي خطأ، وقرأنا بعدها أن لا حكم الساحة ولا الحكمين المساعدين لاحظوا الواقعة. قد يكون الأمر كذلك، لكني اعتقد شخصياً أن أحداً ما كان ليتحرك حتى ولو بدا الالتحام أوضح مما ظهر عليه».

يرى غاردنر أن ثمة اقتناعاً في حق الحارس بالتقدم بقوة وسرعة نحو الكرات العالية منها خصوصاً والقفز من دون حسابات الى حيث يتجمهر عدد كبير من اللاعبين في سعي لالتقاطها او ابعادها، «وهنا تبقى النتائج التي يخلّفها هؤلاء غير خاضعة للمساءلة»، ويضيف: «قد يصطدمون بأحد زملائهم وربما يعرضون أنفسهم للاصابة. المهم ان امكان معاقبة الحراس يبقى خياراً تحكيمياً صعباً».

ويسرد الكاتب الذي يعرف بتخصصه في كرة القدم في الولايات المتحدة الاميركية، عدداً من الامثلة حول «عنف الحراس»، بينها حادثة وقعت خلال مسابقة دوري ابطال منطقة الـ«كونكاكاف» (اميركا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي) عام 2012، عندما خرج جوش ساوندرز حارس فريق لوس انجليس الاميركي من مرماه وقفز لابعاد كرة ارتقى اليها ايضاً احد لاعبي ميتابان الهندوراسي. كان المشهد مخيفاً اذ اصطدمت ساقا الحارس برأس اللاعب المتقدم بشكل خطير، الا ان الحكم لم يحرّك ساكناً.

وفي الدوري الاميركي للمحترفين «ام ال اس»، جمعت احدى مباريات السنة الجارية بين فريقي نيويورك رد بولز وكولومبوس كرو.

ويتابع غاردنر في سرد وقائع تؤكد ذاك «الامتياز» الذي يحظى به الحراس: «في ديسمبر 2012، اصطدم الحارس الفرنسي هوغو لوريس لاعب توتنهام بصورة خطرة بالاسباني «ميتشو» مهاجم سوانسي سيتي خلال احدى مباريات الدوري الانكليزي الممتاز. لم يحتسب الحكم أي خطأ ضد لوريس، الذي اعترف بُعيد المباراة بأنه خشي تعرض «ميتشو» لاصابة لا تحمد عقباها اثر الالتحام».

ويطرح غاردنر حلولاً: «علينا تبنّي قوانين واضحة. في البداية نضمن حماية الحراس ضد الاخطاء الخطرة. وأرى أنه يجب تفعيل تلك الحماية بصورة أكبر داخل منطقة الست ياردات. ولكن خارجها، يتوجب على هؤلاء ان يعوا أن لا حقوق اضافية او امتيازات لهم خلال الصراع على الكرة، وأنهم لن يحصلوا على معاملة خاصة من الحكام فقط لكونهم حراس مرمى. خبرة غاردنر في مضمار كرة القدم وصوته المسموع في عالم «المستديرة»، يحتمان تحركاً للجنة الحكام في الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا». ولكن هل يكفي تحرّك تلك اللجنة لاعتماد تغيير جوهري في قواعد اللعبة؟ وهل بقي خافياً على تلك اللجنة نفسها هذا الامر طوال هذه السنين؟ وهل يتوجب اقحام «انترناشونال بورد» وهي الجهة المولجة تعديل قوانين اللعبة في هذه المسألة؟

يملك غادرنر وجهة نظر تستحق الدراسة بعمق، الا انه لم يطرحها من باب الرغبة في زيادة عدد الاصابات في المباريات وتفعيل المنحى الهجومي، كما حصل قبل اعوام عندما نادى البعض بتوسيع المرمى وبالغاء التسلل. ما كتبه يدخل في صميم كرة القدم وفي قلب كينونتها.

البعض سيقول «نحبها هكذا»، والبعض الآخر سيدّعي «نحبها وان تغيرت». ولكن مهما قيل يبقى ذاك اللاعب بين الخشبات الثلاث، مرتدياً زياً مختلفاً عنصراً مميزاً وربما «مرفّهاً» أحياناً في رياضة يعتمد فيها خصوصاً على ذراعيه وقبضتيه، فيما تقوم هي أساساً على حركة القدمين بشكل رئيسي.

(مونديال) على الورق ... الى الابد

منشور في "الراي" الكويتية


 كتب: سهيل الحويك


بعد النكسة التي عاشتها كرة القدم الانكليزية في بطولة كأس 2010 في جنوب افريقيا والمرارة التي تجرعها منتخب «الاسود الثلاثة» على يد خصمه الابدي منتخب المانيا في الدور الثاني بنتيجة الخسارة المذلة امامه 1 - 4. وحاولت احدى الصحف البريطانية ترطيب الاجواء المشحونة بين صفوف المشجعين المحليين من خلال تقرير يعيد الفضل بالتتويج الاسباني باللقب العالمي في جنوب افريقيا بالذات إلى المملكة البريطانية المتحدة.

التقرير ذكر بان الفضل في ولادة كرة القدم في اسبانيا في نهاية القرن التاسع عشر يعود إلى البريطانيين.

معلوم أن الحضور البريطاني ينعكس بالتحديد في استخدام تسميات وتعابير انكليزية لاتزال متلازمة مع النوادي الاسبانية حتى اليوم مثل «اف. سي» (اختصارا لـ «كلوب دي فوتبول» الاسبانية)، فضلا عن تسميات اخرى مثل اثلتيك وريكريايشون كلوب.

ويعتقد أن كرة القدم الحديثة وصلت إلى اسبانيا اولا من خلال تعاون بين عمال بريطانيين مهاجرين، البحارة الذين كانوا يزورون البلاد، وطلاب اسبان عائدين من بريطانيا.

ومنذ بداية تلك الحقبة، يضيف التقرير، اصبحت كرة القدم اللعبة الاكثر شعبية في البلاد، اقدم اندية اسبانيا هو هويلفا ريكريايشون كلوب (المعروف بريكرياتيفو هويلفا اليوم) وتأسس في 1889 على يد الطبيب الكسندر ماكاي وعدد من العمال البريطانيين العاملين في شركة «ريو تينتو».

وعلى الرغم من أن نادي جيمناستيك دي تاراغونا ابصر النور في 1886 إلا أنه لم يمتلك فريقا رسميا قبل سنة 1914.

نادي اشبيلية اف. سي. تأسس في 1890، إلا أنه انتظر حتى 1905 ليمتلك فريقا رسميا.

ويقال، بحسب التقرير، أن اول مباراة رسمية في اسبانيا جمعت بين هويلفا ريكرياشون كلوب واشبيلية اف. سي. في استاد «تابلادا هيبودورم»، وذلك في 8 مارس 1890 عندما التقى عمال «ريو تينتو» مع «عمال المياه في اشبيلية» (صفر - 2).

في تلك المواجهة التي استضافتها مدينة اشبيلية، ضم الفريقان لاعبين بريطانيين بالكامل عدا لاعبين اسبانيين اثنين فقط ارتديا زي هويلفا.

يذكر أن انكلترا، التي تعتبر مهد كرة القدم الحديثة، لا يحمل سجلها سوى تتويج يتيم يتمثل ببطولة كأس العالم الثامنة (1966) على ارضها، فيما توجت اسبانيا باللقب العالمي مرة واحدة (2010) بالاضافة إلى ثلاثة القاب في بطولة الامم الاوروبية (1964 و2008 و2012).

وكانت انكلترا ودعت «يورو 2012» من الدور ربع النهائي اثر خسارتها امام ايطاليا بركلات الترجيح، قبل أن يحل علينا مونديال 2014 ويحمل في طياته مفاجأتين ضخمتين بخروج الانكليز والاسبان معا من الدور الأول في سيناريو ما كان على بال أحد خصوصا في ما خصّ «لا فوريا روخا».

صحيح أن الحقبة الاخيرة شهدت ثورة اسبانية على مستوى الاداء والنتائج، الامر الذي زرع نوعا من «الحسد» لدى جيرانها، إلا أن خروج رجال المدرب فيسنتي دل بوسكي من الباب الضيق قد يخفف قليلا على رجال المدرب روي هودجسون مرارة الاقصاء، لانه بنظر التاريخ البريطاني فإن «العين لا تعلو على الحاجب»... على الورق... إلى الابد!

الجمعة، 20 يونيو 2014

(مونديال) مقبرة الاسبان

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك


بعدما قرأت موضوعا عبر شبكة الانترنت قبيل انطلاق بطولة كأس العالم 2014 لكرة القدم في البرازيل اكد فيه احدهم بأن اسبانيا حاملة اللقب ستودع المنافسات من الدور الأول، ضحكت في سري وقلت: «أيحلم هذا؟».

جاء التصريح على لسان ماريو كيمبس هداف منتخب الارجنتين ومونديال 1978 خلال تلك البطولة التي توج بها «راقصو التانغو».

ثم بعد يومين، قرأت في أحد المواقع الالكترونية بأن فيسنتي دل بوسكي، مدرب منتخب اسبانيا، لا يخشى على فريقه سوى من التشبع من الالقاب وغياب الحافز اثر تتويجه بثلاثة القاب كبرى منذ العام 2008، فقلت في نفسي: «هذا مجرد كلام».

كيمبس قال كلاما لن يُحاسب عليه، فهو لا يطّلع باي دور في منتخب اسبانيا وقال: «يمر هذا الفريق بمرحلة تغيير اجيال بعد النجاح الذي حققه في جنوب افريقيا، اللاعبون خاضوا عددا كبيرا من المباريات، لذا اتوقع سقوطهم عند عتبة الدور الاول».

اما دل بوسكي فهو الشخص الذي يُلام.

لا يمكن أن يُطلب من هذا الرجل تحقيق الالقاب دون توقف، بيد أن الغريب أن اسبانيا خسرت كل شيء في غضون مباراتين، فلو خرجت من الدور ربع النهائي، لكان بالامكان استماحة العذر لها، اما الخروج من الدور الأول اثر السقوط المذل امام هولندا 1 - 5 ثم الخسارة المستحقة امام تشيلي صفر - 2 فهذا ما لا يمكن هضمه بالنسبة إلى المشجع الاسباني.

كان يملك دل بوسكي وقتا كافيا منذ التتويج بـ «يورو 2012» على حساب ايطاليا كي يبني فريقا جديدا خصوصا أن المواهب في بلاده باتت بمثابة شلال لا ينضب، غير أنه سعى إلى الاعتماد أيضاً وايضا على «الحرس القديم» فدفع الثمن غاليا.

كان يعلم دل بوسكي مسبقا بأن التشبع غلب على التشكيلة، لذا توجب عليه حذف الحقبة القديمة والبناء للمستقبل.

تشافي هرنانديز وايكر كاسياس وجيرارد بيكيه على الاقل باتوا من الماضي، والاعتماد على البرازيلي الاصل دييغو كوستا كأساسي في المباراتين الاوليين خطيئة بحق دافيد فيا المتمرس في هكذا مناسبات.

اخطأ دل بوسكي كثيرا، ليس فقط في حق الفريق بل في حق تاريخه.

صحيح أن الفضل في الثورة الاسبانية يعود إلى سلفه الراحل لويس اراغونيس الذي وضع المنتخب على الطريق السليم من خلال قيادته إلى التتويج بـ «يورو 2008» في النمسا وسويسرا، وصحيح أيضاً أن دل بوسكي اكمل المشوار بنجاح من خلال التتويج مع «لافوريا روخا» بمونديال 2010 و«يورو 2012» إلا أنه كان بالامكان افضل من الخروج من الدور الأول لمونديال 2014.

كان اراغونيس جريئا للغاية بإبعاد راوول غونزاليز وقد واجه عاصفة من الانتقادات إلا أنه اصر على مواقفه، واثمرت قراراته «المجنونة» فريقا لا يهزم ولقبا طال انتظاره.

كان يتوجب على دل بوسكي أن يكون اكثر جرأة، غير أنه ربما خشي من الاقلام الكاتالونية في حال اقدم على اقصاء تشاف «المنتهي» من التشكيلة.

انتهى عهد اسبانيا، كان هذا الواقع منتظرا، تحديدا منذ الخسارة امام البرازيل صفر - 3 العام 2013 في نهائي كأس القارات.

المفارقة أن ذاك السقوط حصل في ملعب «ماراكانا» في ريو دي جانيرو، وها هي تشيلي تقصي اسبانيا من مونديال 2014 في الاستاد التاريخي نفسه.

هي نهاية حقبة غير أن اسبانيا قادرة على النهوض مجددا في حال استدركت سريعا واقعها وعملت على البناء البنّاء على مشارف انطلاق تصفيات «يورو 2016» المقرر نهائياته في فرنسا.

قد تكون اسبانيا خسرت معركة بيد انها لم تخسر الحرب كما يبدو لكثيرين.

ويبقى أن نشير إلى أن تتويج ريال مدريد الاسباني بدوري ابطال اوروبا على حساب جاره اتلتيكو مدريد ومواطنه اشبيلية بكأس «يوروبا ليغ» لم يترجم سطوة في المونديال، فهذا شيء وهذا شيء آخر.

ريو دي جانيرو وتحديدا «ماراكانا» هزّ عرش اسبانيا في نهائي «القارات» و«ماراكانا» نفسه قضى على الاسطورة الاسبانية.

«ماراكانا» هي بحق مقبرة الاسبان.

الخميس، 19 يونيو 2014

(مونديال) قلق لوف

منشور في "الراي" الكويتية


 كتب: سهيل الحويك


نجحت خطة يواكيم لوف، مدرب منتخب المانيا لكرة القدم، في اول امتحاناته ضمن الدور الأول من مونديال 2014 عندما تغلب فريقه على البرتغال برباعية نظيفة لا غبار عليها.

الاعتماد على اربعة قلوب دفاع في الخط الخلفي (جيروم بواتينغ وماتس هاملز وبير ميرتيساكر وبينيديكت هوفيديس)، زرعُ أحد افضل الاظهرة في العالم في خط الوسط (فيليب لام) واللعب من دون رأس حربة صريح.

ولكن هل يستمر النجاح حليفا لهذا النهج؟

يقول لام قائد المنتخب وفريق بايرن ميونيخ: «ندرك تماما كم نحن قادرون على الآداء بشكل جيد. الثلاثي الهجومي لعب بشكل مثالي امام البرتغال (توماس مولر وماريو غوتسه ومسعود اوزيل)»، ويضيف: «كان انتصارا رائعا لكننا لم نحقق أي شيء حتى الساعة».

اثمرت خطة لوف تماما من خلال مولر صاحب «هاتريك»، هي الـ 49 في تاريخ كأس العالم، فقد قام توماس بدور اللاعب رقم 9 الوهمي.

توني كروس ادى بامتياز دور توجيه اللعب وكان الاكثر تحركا بين زملائه، مستفيدا من التغطية التي قام بها كل من لام وسامي خضيرة في المنطقة الخلفية.

على الاطراف، كان غوتسه مدمرا فيما قدم اوزيل بعض اللمحات رغم أنه لم يستعد كامل مستواه وتألقه الذي جعل منه اغلى لاعب في تاريخ المانيا عندما انتقل من ريال مدريد الاسباني إلى ارسنال الانكليزي مطلع الموسم المنتهي مقابل 50 مليون يورو.

اللافت في تشكيلة لوف تمثل في الرباعي الخلفي الذي لم يكن لاحد أن يتوقع قوامه في مارس أو ابريل الماضيين وتحديدا على مستوى الظهيرين.

خط الدفاع المعتمد امام البرتغال لم يخض أي تجربة باستثناء المباراة الودية الاخيرة التي سبقت المونديال وفاز فيها الالمان على ارمينيا المتواضعة بنتيجة كبيرة 6 - 1.

بدا للبعض بان لوف يخاطر بيد أن الاخير كان يدرك تماما ما الذي يقوم به.

بواتينغ شغل مركز الظهير الايمن لايقاف كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد الاسباني، فيما احتل هوفيديس مركز الظهير الايسر للحد من خطورة لويس ناني نجم مانشستر يونايتد الانكليزي.

من جهته، نجح لام في تحييد جواو موتينيو و«اخراجه» من المباراة.

بدت هذه الخطة مثمرة تماما حتى ما قبل طرد البرازيلي الاصل بيبي اثر «النطحة» الساذجة بحق مولر.

يقول لوف الذي تولى مقدرات «ناسيونال مانشافت» بعيد مونديال 2006 خلفا ليورغن كلينسمان: «الفريق كان موحّدا، ولمسنا تواصلا غير مسبوق بين اللاعبين، لعبنا بثقة ورغبة. الشوط الثاني كان مختلفا تماما عن الأول وسعينا فيه إلى الاحتفاظ بالكرة وتهدئة اللعبة والقيام بالهجمات المرتدة إذا سنحت الفرصة.كان بواتينغ استثنائيا بمواجهة رونالدو».

اسئلة عدة تطرح نفسها اليوم، هل سيستمر لوف في اعتماد النهج نفسه في مبارياته التالية؟ هل من المنطقي أن يغيّر ويعدّل في فريق فائز؟ هل يشرك الصاعد ايريك دورم في مركز الظهير الايسر امام غانا أو امام الولايات المتحدة الاميركية في الجولتين المقبلتين في الدور الأول بعد تألقه في المباريات الودية؟

هل يبقى لام خيارا اول كظهير ايمن للحد من خطورة الجناح الايسر البرازيلي نيمار دا سيلفا، لاعب برشلونة الاسباني، في حال كُتب لالمانيا خوض المباراة النهائية امام منتخب البلد المضيف في 13 يوليو المقبل على استاد «ماراكانا» الشهير في ريو دي جانيرو؟

امازال لباستيان شفاينشتايغر دور في تشكيلة لوف وتحديدا في وسط الملعب؟ هل سيحصل ميروسلاف كلوزه (14 هدفا) على الفرصة لتحطيم الرقم القياسي لعدد الاهداف المسجلة في النهائيات والذي يحمله البرازيلي رونالدو (15 هدفا) بعد غيابه عن المباراة الأولى؟

شدد لوف قبل انطلاق المونديال على أن المداورة بين اللاعبين ليست خيارا مثاليا على الرغم من ضرورته نظرا لما سيعانيه رجاله من صعوبات مناخية تؤثر سلبا على مردودهم.

يبدو المدرب الالماني معذورا في حال قام بتعديلات على تشكيلته الفائزة على البرتغال مع العلم أنه انتقد كثيرا على التغييرات التي قرر اعتمادها وتحديدا الدور الذي اوكله لكروس في مواجهة ايطاليا ضمن الدور نصف النهائي في بطولة كأس الامم الاوروبية 2012.

فقد خسر الالمان امام الـ «سكوادرا آتزوري» 1 - 2 بعد أن كان فريق لوف الافضل في البطولة والمرشح الأول، بيد أن المدرب قام بتغييرات تكتيكية في ضوء خطة تشيزاري برانديللي مدرب منتخب ايطاليا، في وقت كان يتوجب فيه عليه حمل خصومه على التعديل والتفكير في آلية لايقاف «الماكينات».

وصرح لوف: «كمبدأ، لن اعتمد المداورة في الادوار الاقصائية لكأس العالم. سأقوم بذلك حصرا في الجولة الثالثة من الدور الاول إذا كان فريقي ضامنا التأهل إلى الدور الثاني، بيد أنني لا اتوقع أن نحسم تأهلنا مبكرا».

بعد الفوز الكبير على البرتغال، بات على المانيا أن تستنظر بلوغ الدور الثاني مبكرا في حال كُتب لها الفوز على غانا في مباراتها الثانية ضمن المجموعة السابعة.

سيتمكن جمهور الفريق من الاستمتاع ببداية باهرة لالمانيا في كأس العالم بحال التأهل المبكر خصوصا بعد الانتقادات التي طاولت المنتخب خلال الاستعدادات والتي اضيف اليها اصابة ماركو رويس في «ودية ارمينيا» واقصاؤه من تشكيلة الـ 23، التعافي البطيء من الاصابة لكل من لام وشفاينشتايغر وحارس المرمى مانويل نوير، وانتفاء القوة الهجومية الضاربة في ظل غياب ماريو غوميز الذي عانى طويلا من الاصابة ولم يخض سوى عدد قليل من المباريات بعد انضمامه إلى فيورنتينا الايطالي مطلع الموسم 2013 - 2014.

صحيح أن الانتصار الكبير على البرتغال حرّر لوف قليلا، بيد أنه في المقابل سبب له بعض الضيق، خصوصا أن 12 لاعبا آخرين في الدكة ينتظرون دورهم وهم قادرون تماما كأساسيي المباراة الاولى على التألق والعطاء. فهل يقوم «يوغي» بتبديلات، على مسؤوليته، على فريق فائز؟

وفي حال خسرت «تشكيلة مباراة البرتغال» نفسها في الدور ربع النهائي مثلا وودعت البطولة، هل ستفتخر الجماهير الالمانية بأن فريقها ودّع المنافسات وهو مؤمن ومتمسك بأسلوب لم يبدّل فيه منذ انطلاق مونديال 2014؟


الأربعاء، 18 يونيو 2014

(مونديال) لعنة القميص الوطني

 منشور في "الراي" الكويتية

كتب: سهيل الحويك


لم يعد ارتداء القميص الوطني نعمة بالنسبة الى كثيرين من نجوم كرة القدم حول العالم، لا بل تحوّل الى شبه نقمة ذاق طعمها المرير عدد كبير ممن أثبت علو كعبه على مستوى الأندية.

لا خلاف على ان البرازيلي بيليه والارجنتيني دييغو مارادونا والالماني فرانتس بكنباور وقليلين غيرهم ما كانوا ليحتلوا المكانة التي شغلونها في عالم «المستديرة الساحرة» لولا التألق الذي عرفوه ليس فقط في صفوف انديتهم سانتوس ونابولي الايطالي وبايرن ميونيخ توالياً بالتحديد، بل مع منتخباتهم، وخصوصاً في كأس العالم.

نجوم الحقبة الحالية، معظم هؤلاء، نجحوا في فرض اسمائهم مع انديتهم في مقابل فشلهم الذريع مع منتخباتهم.

خير دليل على هذا الواقع الارجنتيني ليونيل ميسي الذي يعتبره البعض افضل ما انجبته الملاعب، ووضعه آخرون في منزلة ارفع من تلك التي يشغلها بيليه ومارادونا على وجه التحديد.

كان ميسي سبباً مباشراً في النجاح الكاسح الذي حققه برشلونة الاسباني في السنوات الأخيرة. كان بمثابة كلمة السر في فريق تاريخي، بيد انه فشل في نقل نبوغه الى منتخب الارجنتين بدليل عجزه عن الذهاب بـ«راقصي التانغو» الى ابعد من ربع نهائي كأس العالم في مناسبتين، المانيا في 2006 وجنوب افريقيا في 2010، أضف الى ذلك السقوط في بطولة «كوبا اميركا» التي استضافتها بلاده العام 2011.

صحيح ان مردود ميسي مع المنتخب آخذ في التحسن في الاونة الاخيرة بدليل النتائج الباهرة التي تحققت في التصفيات الاميركية الجنوبية المؤهلة الى مونديال 2014، أضف الى ذلك هدفه في المباراة الاولى من الدور الاول على البوسنة والهرسك (2-1) في البطولة نفسها، غير ان ذلك ليس في حجم الآمال التي تضعها الجماهير المحلية في «ليو» الذي سيدخل «نادي العظماء» حكماً ويحتل منزلة مارادونا في قلوب الارجنتينيين فقط في حال احرازه كأس العالم.

وسيبقى ميسي بالنسبة الى كثيرين «لاعب نادٍ» طالما انه لم يتوج في المونديال وسيكتفي هو بلقب «اسطورة برشلونة» حصراً وليس «اسطورة» بالمطلق طالما انه لم يترجم نبوغه في «العرس العالمي».

ولا يشذ الانكليزي واين روني عن القاعدة على رغم ان نجمه سطع للمرة الاولى في عداد «منتخب الاسود الثلاثة» خلال «يورو 2004» في البرتغال قبل ان ينتقل من ايفرتون الى مانشستر يونايتد ويثبت بأنه «لاعب ناد» أكثر مما هو لاعب مكتمل لناحية عطاءاته على جبهتي الفريق والمنتخب.

وبعد ان اعتبر «الولد الشقي» بوابة مباشرة لانكلترا كي تنتزع لقبها الدولي الثاني بعد كأس العالم 1966 التي اقيمت على ارضها، فشل روني في خوض اي نهائي سواء في المونديال او في بطولة الامم الاوروبية، ولم يصل بالمنتخب الى ابعد من ربع النهائي.

وفي مونديال 2014، عجز عن قيادة «منتخب الاسود الثلاثة» الى الفوز على ايطاليا في المباراة الاولى من الدور الاول اذ خسر وزملاؤه 1-2.

معلوم ان روني لم يسجل اي هدف حتى اليوم في تاريخ مشاركاته في كأس العالم.

البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي يعتبر احد افضل اللاعبين في تاريخ ريال مدريد الاسباني، فشل هو الآخر في حمل منتخب بلاده فوق منكبيه والتألق معه في البطولات الكبرى.

كان «سي آر 7» كان على وشك الفوز بـ«يورو 2004» لولا رأسية اليوناني انجيلوس خاريستياس في النهائي على ملعب «لا لوش» في لشبونة، وقاب قوسين او ادنى من نهائي «يورو 2012» لولا ضربات الترجيح التي اقصت «برازيل اوروبا» من دور الاربعة امام اسبانيا التي توجت لاحقا.

لطالما عانى رونالدو وزملاؤه في المنتخب خلال الادوار التمهيدية المؤهلة الى البطولات الكبرى، وقد خاضوا الملحق امام السويد لضمان بطاقة العبور الى البرازيل، كما حصل معهم في تصفيات «يورو 2012».

وفي الجولة الاولى من الدور الاول لمونديال 2014، وجه الالمان صفعة قوية لرونالدو بسحقه وفريقه 4 -صفر.

ويبقى المطلوب من «كريستيانو» على مستوى المنتخب اقل مما هو مطلوب من ميسي او البرازيلي نيمار دا سيلفا او حتى روني نظراً الى كون البرتغال لا تحتل موقعاً مرموقاً على هذا صعيد على رغم نجاحها في تقديم اجيال ذهبية من اللاعبين المميزين لعل اوزيبيو ولويس فيغو ورونالدو يشكلون ابرز معالمها.

الهولندي روبن فان بيرسي عاش موسماً رائعاً على المستوى الشخصي مع ارسنال في 2011-2012 قبل ان ينتقل الى مانشستر يونايتد مطلع الموسم 2012-2013 ويقدم اداءً مقنعاً ساهم في منح فريقه لقب الدوري المحلي قبل التقهقر في الموسم الماضي في ظل قيادة المدرب الاسكتلندي ديفيد مويز الذي اقيل.

فان بيرسي الذي نجح في فرض نفسه في فترة من الفترات اللاعب الرقم واحد في صفوف «الشياطين الحمر» في موسمه الاول في «اولد ترافورد»، فشل في لعب الدور نفسه مع منتخب بلاده حتى ما قبل المباراة الاولى لهولندا في كأس العالم 2014 حين تألق بشكل لافت خلال الفوز على اسبانيا 5-1 في مباراة شهدت تسجيله هدفين، الاول منهما هو الافضل حتى الساعة في كأس العالم الراهنة.

من جهته، فرض الايطالي ماريو بالوتيللي نفسه في فترة من الفترات نجما على الجبهتين، اذ انه لم يتوقف عن هز الشباك مع ميلان والمنتخب، قبل ان يتراجع قليلا عن البريق مع النادي اللومباردي على الرغم من كونه لاعباً لا يستغنى عنه.

ومنذ بداية مونديال البرازيل، لمع «سوبر ماريو» وهز الشباك الانكليزية بهدف الفوز في المباراة الاولى تماماً كما تألق في «يورو 2012» عندما احتل منتخب بلاده المركز الثاني.

كأس العالم تمثل أرضية تألق للبعض بينما تعتبر نقمة بالنسبة الى آخرين بيد انها في مطلق الاحوال «ساحة التحدي» الأهم في معادلة كرة القدم.

الثلاثاء، 17 يونيو 2014

(مونديال) ثأر فيلموتس ... برازيلي

منشور في "الري" لكويتية


كتب: سهيل لحويك



قامت مجموعة من المشجعين البلجيكيين ضاقت ذرعا بعدم تأهل منتخب بلادها إلى كأس اوروبا 2012 لكرة القدم في بولندا واوكرانيا بعرض نفسها «للبيع» على موقع «ايباي» الشهير للجيران الهولنديين.

وانشأ المشجعون مجموعة على موقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي «مشجعون بلجيك للبيع لكأس اوروبا 2012» حصدت 20 الف عضو، شرحوا فيها انهم بحاجة إلى فريق يشجعونه، موضحين انهم سيتبرعون بالعائدات لمنظمة الامم المتحدة للطفولة «يونيسيف».

واليوم تبدّل الحال ولا شك في انّ هؤلاء وغيرهم من البلجيكيين يرفعون الرأس فخرا بمنتخب بلادهم الذي بلغ نهائيات مونديال 2014 في البرازيل ويخوض اليوم مباراته الاولى بمواجهة الجزائر، الممثل الوحيد لكرة القدم العربية.

كاتب هذه السطور رشح منتخب بلجيكا منذ مطلع التصفيات الاوروبية المؤهلة إلى كأس العالم ليلعب دورا ما في البرازيل بفضل اسماء لامعة تكتظ بها صفوفه، ويكفي ذكر بعض منها لفرض الرعب في أي خصم يواجهه «الشياطين الحمر».

ففي المرمى يبرز تيبو كورتوا المتألق مع اتلتيكو مدريد الاسباني، فنسان كومباني قائد مانشستر سيتي الانكليزي، وايدين هازار نجم تشلسي اللندني، يضاف اليهم يان فيرتونغن، اكسيل فيتسل، كيفن دي بروين، مروان فيلايني، روميلو لوكاكو، سيمون مينيوليه، دانيال فان بوتين، توماس فيرمايلن وعدنان يانوزاي الذي قرر قبل فترة فقط ارتداء الزي البلجيكي بعد أن كان مخيرا لتمثيل اكثر من بلد واحد.

لكن النجم الأول لهذا المنتخب المنبعث مجددا من تحت رماد النسيان هو بالتأكيد المدرب مارك فيلموتس.

في كل مرة اسمع فيه هذا الاسم تعود بي الذاكرة فورا إلى مونديال 2002 في اليابان وكوريا الجنوبية، وتحديدا إلى مباراة الدور الثاني بين بلجيكا والبرازيل.

فقد سجل فيلموتس نفسه هدفا رأسيا ألغاه الحكم بداعي ارتكاب صاحبه لخطأ قبل هزّ الشباك وذلك عندما كان المنتخب الاوروبي افضل من نظيره الاميركي الجنوبي على ارض الملعب.

لم اقتنع شخصيا بالخطأ بيد أن فيلموتس لم يحرك ساكنا، لم يعترض على قرار الحكم ... قبل أن تنتهي المباراة برازيلية بهدفين نظيفين.

كان من شأن احتساب ذاك الهدف، ربما، أن يغيّر مجرى مباراة، بطولة... وتاريخ.

في اليوم التالي، خرج حكم ذاك اللقاء ليعتذر صراحة من فيلموتس ومنتخب بلجيكا على حد سواء على الغاء الهدف، مؤكدا أن اللاعب لم يرتكب ما يستحق عليه احتساب خطأ ضده.

بعد سنوات، اقتحم فيلموتس (45 عاما) عالم السياسة بعد اعتزال كرة القدم وفي رصيده 70 مباراة دولية شهدت تسجيله 28 هدفا، بيد أن المقام لم يحلُ له فيها فاتجه إلى تدريب فريق سان ترويدن قبل أن يستدعيه المدرب الهولندي ديك ادفوكات لمساعدته في قيادة منتخب بلجيكا في 2009.

جورج ليكنس خلف ادفوكات في المنصب قبل أن يتولى فيلموتس المهمة في مايو 2012 وسط العديد من التساؤلات التي شككت في قدراته.

سُعدت بوصول فيلموتس إلى رئاسة الجهاز الفني لـ «الشياطين الحمر» ووثقت به، خصوصا أن من شأن العمل في السياسة أن يمنح الكثير من الصبر وحسن التعاطي مع الغير، وهو ما يحتاجه بالتحديد أي مدرب.

بنى بهدوء فريقا شابا معززا بعدد من عناصر الخبرة واستغل اختلاف «الثقافات» المتأتي من انتشار لاعبيه في العديد من الاندية الاوروبية الكبرى.

وصل فيلموتس بمنتخب بلاده إلى كأس العالم اثر نتائج باهرة في التصفيات وبعد غياب دام من 2002 وتحديدا منذ تلك المباراة الشهيرة امام البرازيل.

يسعى مارك بالتأكيد إلى الثأر لنفسه من الهدف الملغى في 2002 في البرازيل نفسها، وهو يملك الاسلحة اللازمة لتحقيق مبتغاه وربما إلى وضع بلاده في مركز افضل من الرابع الذي يبقى الابرز في تاريخ بلجيكا وحققته في مونديال 1986 في المكسيك.

الأحد، 15 يونيو 2014

(مونديال /4) فرصة ميسي "الأخيرة"

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك


ماذا يعني أن يحرز الأرجنتيني ليونيل ميسي الكرة الذهبية أربع مرات؟

هل يصنع منه هذا الرقم «أسطورة» من الواجب التسليم بها؟

هل يخوّله ولوج مراتب كبار سبقوه على سلالم المجد، من أمثال مواطنه دييغو أرماندو مارادونا والبرازيلي بيليه والألماني فرانتس بكنبارور وغيرهم؟

لا خلاف على ان لقب «الأسطورة» آخذ في فقدان الكثير من قيمته بعد أن راح يُرمى على هذا وذاك دون أدنى احترام لمعايير بدهية.

تبدو فوضى تماثل فوضى العصور الغابرة عندما كان الحاكم يكذب الكذبة ومن ثم يصدقها ويأمر شعبه بتصديقها.

هذا اللاعب أسطورة لأنه فاز بكأس العالم (كبيليه)، وذاك ليس بالأسطورة لأنه لم يذق لـ«الذهب المونديالي» طعماً (كالألماني كارل هاينتس رومينيغه)، وذاك أسطورة رغم أنه لم يحظ بشرف خوض غمار «العرس العالمي» (كالإيرلندي الشمالي جورج بست)، وآخر أسطورة على رغم أنه «أكل» وفريقه اربعة أهداف في كأس العالم وفشل في هز الشباك أكثر من مرة واحدة على مدار بطولتين عالميتين (ميسي).

رفع القبعات يجوز أينما حلّ إنجازٌ لكن التمادي في تزيينه وتبخيره وتلميعه يجعله ملامساً لـ«أسطورة» فقط بالنسبة لمن ينظر الى المسألة برمّتها من زاوية واحدة.

لوسجل ميسي مئة ألف إصابة لبرشلونة، فإن الواقع لن يتغير مهما فعل لأنه لم يلمس طرف كأس العالم حتى الساعة، لم يذرف دمعاً على لقياها كما فعل بيليه في 1958 في اسوج ولم يحضنها بلهفة الحبيب كما فعل مارادونا في 1986 في المكسيك ولم يمزق بها فضاء المانيا كما فعل بكنباور في 1974، وغيرهم كثيرون.

قد يكون ميسي أسطورة، حقاً هو كذلك، لكنه ليس أسطورة بالمطلق كما بيليه ومارادونا وبكنباور.

هو «أسطورة لبرشلونة» فقط كما هي الحال بالنسبة الى الفرنسي اريك كانتونا بالنسبة الى مانشستر يونايتد الانكليزي، وذلك طالما لم يقد منتخب بلاده الى اعلى نقطة من منصة التتويج في بطولة كأس العالم.

كأس العالم هي المعيار وإلا لما كانت البرازيل أمة كرة القدم بامتياز بفضل ألقابها الخمسة فيها (1958 و1962 و1970 و1994 و2002).

«انه الافضل على الاطلاق»، هذا ما قاله مدرب برشلونة الاسباني السابق وبايرن ميونيخ الالماني الحالي جوسيب غوارديولا عن ميسي، معتبرا بأن اللاعب يستحق ان يكون في مصاف النجوم مثل اسطورة كرة السلة الاميركية وشيكاغو بولز سابقا مايكل جوردان.

واضاف: «كان هناك القلائل مثله (ميسي) في التاريخ من الذين هيمنوا على لعبتهم بهذه الطريقة. ميسي الافضل وهو يظهر ذلك كل ثلاثة ايام (من مباراة الى اخرى). اعتذر من الذين يسعون للجلوس على عرشه، لكن هذا الصبي هو الافضل. نأمل ان نستمتع بلعبه للكثير من الاعوام المقبلة».

وتابع: «الناس قالوا بأن (الارجنتيني - الاسباني الفريدو) دي ستيفانو ومارادونا و(الهولندي يوهان) كرويف كانوا الأفضل خلال فترة لعبهم، والآن، ينطبق الأمر ذاته على ميسي. إنه الشخص الموجود فوق العرش، وفترة بقائه هناك متعلقة به شخصياً».

إن وصف الأفضل في التاريخ قد يكون موضع نقاش من قبل مشجعي أساطير مثل بيليه أو مارادونا، لكن ما لا نقاش فيه أن ميسي أثبت حتى الآن أنه من طينة العمالقة، ويبقى عليه أن ينقل شيئاً من التألق الذي يظهره مع برشلونة إلى المنتخب حيث عَجز حتى الآن عن فرض نفسه على الساحة الدولية.

ويخشى الفرنسي ارسين فينغر، مدرب ارسنال الانكليزي، الاجابة عن السؤال الذي يستفسر عما اذا كان ميسي هو بالفعل افضل لاعب في التاريخ، ويقول في هذا الصدد: «دائما ما اكون حذرا امام هذه التساؤلات لان الموضوع يكاد ان يكون مستحيلا تقريبا»، ويضيف: «في جيله، هو بالطبع الافضل حاليا لان لديه الكثير من المزايا: السرعة، الحرفنة في التخلص من الخصوم، حسن اتخاذ القرارات، الكفاءة، والتواضع. من النادر ان تقع على لاعب بهذه الموهبة لا يملك اي شيء من الغطرسة».

وفي الوقت الذي اعتاد فيه بيليه التصريح بأنه الأفضل على الاطلاق، عبّر مارادونا عن ضيق من المقارنات المستمرة بينه وبين ميسي، واصفاً إياها بالتفاهات التي لا بد من التوقف عنها: «دعوا ميسي يلعب براحة ولا تفرضوا عليه مثل هذه المقارنات عديمة النفع. لا تعقدوا المزيد من المقارنات التي يزج فيها اسم ميسي، بما فيها مقارنته بي. دائما ما تتسم هذه المقارنات بالغباء».

المهم ان ميسي يقف ابتداء من اليوم على مفترق طرق قد يحدد مساره نحو عالم الاسطورة المطلقة.

فهل يلج ذاك العالم انطلاقاً من الاراضي البرازيلية بعد ان فشل في مناسبتين سابقتين في 2006 و2010؟


السبت، 14 يونيو 2014

(مونديال/3) 7 شروط ... يا انكليز

 منشور في "الراي" الكويتية

كتب سهيل الحويك


يقولون إن هناك ثلاثة ثوابت في انكلترا: الموت، الضرائب، وخسارة المنتخب الوطني لكرة القدم بركلات الترجيح.

تبدو تلك الركلات التي قست على الانكليز في مناسبات عدة، ابتداء من نصف نهائي مونديال 1990 في ايطاليا امام المانيا الغربية وصولاً الى ربع نهائي «يورو 2012» في بولندا والنمسا، بمثابة شماعة تعلق عليها كل النكسات التي تجرعها «منتخب الاسود الثلاثة».

يخوض الفريق اليوم بقيادة المدرب روي هودجسون مباراته الاولى في مونديال البرازيل بطموحات محدودة ولكن برغبة كبيرة في اثبات الذات والتخلص من عقدة التتويج اليتيم في 1966 في العاصمة لندن.

ستيفن هاوكينغز، بروفيسور في الفيزياء، وضع «الوصفة السحرية» التي قد توصل الانكليز الى منصة التتويج في مونديال 2014، فقد قام بتحليل دقيق لكل التفاصيل ذات الصلة بالمنتخب منذ 1966، وحدد سبعة شروط يتوجب اخذها في الاعتبار كي يكون هناك حظوظ للفريق بالتألق في البرازيل.

وتوقّع ان يتوج دانيال ستاريدج لاعب ليفربول هدافاً لمنتخب بلاده متقدماً على واين روني، مشيراً الى ان الاول احرز هدفاً في كل 108 دقائق خلال الموسم المنقضي، فيما قام الثاني بالمهمة في كل 144 دقيقة.

ولكن ما هي النقاط السبع التي حددها هاوكينغز؟

1 - القميص الأحمر: من شأن اعتماد هذا اللون منح الفريق دفعة معنوية، فقد حقق الانكليز به نتائج افضل بنسبة 20 في المئة مقارنة بالقميص الابيض التقليدي.

2 - المناخ والارتفاع عن سطح البحر: يلعب المنتخب بصورة افضل في ظل درجة حرارة معتدلة ومشابهة لتلك التي في بلاده. وفي كل مرة ترتفع الحرارة خمس درجات فإن حظوظ الفريق تتراجع بنسبة 59 في المئة. معلوم ان الحرارة في البرازيل اعلى من تلك في انكلترا بشكل العام.

عامل الارتفاع عن سطح البحر يؤثر ايضاً، فعندما يكون أقل من 500 م فإن حظوظ انكلترا تصبح مضاعفة للفوز في المباريات.

وبما ان 12 في المئة فقط من الاراضي البرازيلية ترتفع 600 م عن سطح البحر، فإن ذلك العامل سيلعب في صالح الانكليز.

3 - ركلات الترجيح: يرى هاوكينغز ان القيام بثلاث خطوات او اقل قبل تسديد الركلة يخفض نسبة النجاح في التسجيل بنسبة تتراوح بين 87 و58 في المئة، وحدد ان نجاح المهاجمين فيها يبلغ 80 في المئة مقابل 67 للاعبي الوسط و65 للمدافعين.

ودعا الى التسديد في احدى الزاويتين العلويتين للمرمى (84 في المئة من النجاح)، واشترط على الحراس الانكليز التحرك على الخط خلال تسديد الركلات ضدهم لان ذلك يمنحهم 18 في المئة اضافية من التوفيق لانقاذ مرماهم.

4 - التوقيت: يمتلك منتخب انكلترا فرصة اكبر للفوز عندما تنطلق مبارياته في الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي للبلد المضيف.

5 - القرب من البلاد: يفوز الفريق بنسبة اكبر عندما يخوض مباريات بالقرب من انكلترا لان ذلك يقلل من الارهاق المتأتي من رحلات السفر ولكون اختلاف الثقافات يؤثر عليه سلباً.

هذا العامل، بحسب هاوكينغز، من شأنه القضاء على حظوظ انكلترا التي تخوض المونديال في البرازيل البعيدة وذات الثقافة المختلفة.

6 - اسلوب 4 - 3 - 3: بحسب الاحصاءات، تمكنت انكلترا من الفوز في مبارياتها بنسبة 58 في المئة اذا اعتمدت خطة 4 - 3 - 3 في مقابل 47 في المئة بموجب خطة 4 - 4 - 2.

7 - الحكام الأوروبيون: يرى هاوكينغز بأن الحكام الأوروبيين متعاطفون اكثر مع منتخب انكلترا واشار الى ان الفريق فاز بـ 63 في المئة من مبارياته بقيادة حكام أوروبيين مقابل 38 في المئة بقيادة حكام من خارج القارة «القارة العجوز».

فهل يأخذ هودجسون بدراسة هاوكينغز؟

الجمعة، 13 يونيو 2014

مونديال (2014/2) قميص خاركيه

 منشور في "الراي" اللبنانية


كتب سهيل الحويك

ما زال هدف اندريس انييستا ... وسيبقى راسخاً في ذاكرة مونديال 2010 الذي اقيم في جنوب افريقيا، لا بل في ذاكرة كرة القدم على الاطلاق.

فقبل 4 دقائق من ركلات الترجيح، الدقيقة 116 تحديدا، انسلّ اندريس من الناحية اليمنى وسدد كرة الهدف الذي منح اسبانيا لقبها الأول في كأس العالم.

خلع اللاعب قميصه واحتفل بتحقيق الحلم، فليس من السهل احراز هدف الفوز في مباراة نهائية لأهم بطولة على الاطلاق.

ولكن ماذا كُتب على القميص الابيض الذي كان انييستا يرتديه تحت قميص منتخب اسبانيا؟

كتب عليه اسم «داني خاركيه» لاعب المنتخب الذي توفي في ارض الملعب خلال احدى مباريات فريقه اسبانيول برشلونة في 8 اغسطس 2009.

معروف في اقليم كاتالونيا تلك العدائية بين برشلونة واسبانيول، بيد أن لفتة انييستا لاقت الاستحسان حول العالم، وتحديدا من جماهير اسبانيول التي ما زالت حتى اليوم وستبقى تكنّ الاحترام لاندريس ازاء ما قام به بعيد ذاك الهدف التاريخي.

لقد اعطى انييستا درسا في «الانسانية»، وتعالى على تلك المنافسة اللدودة بين الجارين برشلونة واسبانيول، وأكد بأن كرة القدم قادرة على اطلاق رسائل تسمو فوق أي اعتبار آخر.

رأى كثيرون بأن لفتة انييستا كانت حتى اهم من هدفه الاسطوري، وطغت حتى على تلك المباراة النهائية التي اتسمت بالخشونة من الجانبين وتحديدا الجانب الهولندي الذي اراد قتل الدقائق وصولا إلى ركلات الترجيح أو إلى خطف هدف من هجمة مرتدة.

صحيح أن اريين روبن كان قريبا من التسجيل في مناسبتي، بيد أن الحارس ايكر كاسياس تعملق وانقذ فريقه، فيما لم يكتب لرجال المدرب بيرت فان مارفيك، مدرب هولندا حينها، الوصول إلى «ركلات الحظ» بعد أن هز انييستا شباكهم في اللحظات القاتلة.

واليوم يلتقي المنتخبان في بداية مشوارهما ضمن مونديال 2014.

الظروف اختلفت، والفريقان اختلفا. هي مباراة الافتتاح بالنسبة لهما وليست النهائي، الا أنها قد تحمل بعضا من ذكريات جنوب افريقيا، خصوصا بالنسبة إلى الهولنديين الساعين إلى انطلاقة قوية تعوض خيبتي مونديال 2010 والخروج من الدور الأول في «يورو 2012».

هولندا تغيّرت منذ عودة المدرب لويس فان غال، فيما بقيت اسبانيا كما كانت بقيادة المدرب فيسنتي دل بوسكي وجرى ادخال بعض الاسماء الجديدة إلى تشكيلتها.

من حيث انتهى المنتخبان... ينطلقان في مونديال 2014.

لن يرتدي انييستا اليوم قميصا يحمل تحية لخاركيه هذه المرة، فبعض «البطولات» لا يستحسن أن تتكرر كي لا تفقد رونقها.

ذكرى 2010 ستبقى راسخة بهدف انييستا و«قميص خاركيه»، وستحضر اليوم وإن كذكرى.

الأربعاء، 11 يونيو 2014

مونديال (2014/1) مونديال 2010 ... قبل ان ننسى

منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك


كأن نطحة الفرنسي زين الدين زيدان وضحيتها، ان لم نقل مستثمرها، الايطالي ماركو ماتيراتزي، حدثت قبل عقد من الزمن، مع العلم انها وقعت قبل ثماني سنوات فقط في استاد برلين خلال المباراة النهائية لمونديال ألمانيا 2006 بين «الديوك» و«الآزوري».

وابتداءً من اليوم، ستنظم البرازيل النسخة العشرين من البطولة، وها نحن نعود بالذاكرة الى نهائي مونديال جنوب افريقيا 2010 بين اسبانيا وهولندا لنشعر كما لو انه من حقبة قديمة.

ماذا تركت لنا جنوب افريقيا من ذكريات قبل طي صفحتها الختامية؟

مباراة الافتتاح عاشت تعادل منتخب صاحبة الضيافة مع المكسيك بنتيجة 1-1 وكان هدف الجنوبي افريقي سيفيوي تشابالالا والذي منح «بافانا بافانا» التقدم اكثر من رائع وسيبقى ذكرى لا تنسى بالنسبة الى اللاعب والجماهير على حد سواء.

المباراة الثانية دقت ناقوس الخطر بالنسبة الى فرنسا بعد ان شهدت تعادلا سلبيا لـ «الديوك» مع الاوروغواي.

وها هي كوريا الجنوبية تفاجئ اليونان، بطلة اوروبا 2004، وتسقطها بهدفين رائعين.

«ارجنتين المدرب دييغو ارماندو مارادونا» تقص شريط حملتها بهدف وحيد في مرمى نيجيريا جاء من رأسية ولا اروع من لاعب مرسيليا الفرنسي غابريال هاينتسه الذي اعتزل قبل فترة وجيزة.

انكلترا، المرشحة الاولى لانتزاع اللقب للمرة الثانية في تاريخها بعد 1966، تكتفي بتعادل مخيب مع الولايات المتحدة الاميركية 1-1، في الوقت الذي يفوت فيه منتخب الجزائر، الفريق العربي الوحيد الذي تواجد في جنوب افريقيا وسيتواجد في مونديال البرازيل، فرصة الفوز على سلوفينيا التي باغتت حارسه الشاوشي بهدف حملت جزءا من مسؤوليته كرة «جابولاني» المثيرة للجدل.

غانا تفاجئ صربيا بهدف متأخر من ركلة جزاء ترجمها بنجاح الى هدف اسامواه جيان لاعب العين الاماراتي، فيما كشرت ألمانيا عن انيابها باكرا بسحقها استراليا برباعية رغم غياب قائدها الاصيل ميكايل بالاك عن البطولة نتيجة الاصابة.

هولندا تحسم اللقاء المنتظر مع الدنمارك بهدفين دون رد، واليابان تقض مضجع الكاميروني صامويل ايتو الذي لم يستبعد تتويج منتخب بلاده باللقب قبيل انطلاق المونديال، ورفاقه بهدف. انه انتصار آسيا على افريقيا.

معاناة ايطاليا، حاملة اللقب، تبدأ بتعادل مفاجئ مع البارغواي 1-1، فيما تخطف نيوزيلندا المغمورة نقطة ثمينة من سلوفاكيا في اللحظات القاتلة (1-1). اول هدف لنيوزيلندا في تاريخ مشاركتها واول نقطة ايضا لها ولسلوفاكيا التي كانت تسجل حضورها الاول في «العرس العالمي».

ساحل العاج المحرومة من قائدها ديدييه دروغبا المصاب تبدأ مشوارها بتعادل سلبي مع البرتغال، فيما ترتجف البرازيل امام كوريا الشمالية، الراسخة في مونديال 1966، قبل ان تتجاوزها بصعوبة 2-1.

تشيلي تبدأ الرحلة بفوز ضئيل (1 - صفر) على هندوراس العائدة الى الساحة بعد غياب دام منذ مونديال 1982 فيما تُسجل اول مفاجأة مدوية في مباراة اسبانيا التي استسلمت امام سويسرا بقيادة المدرب الالماني اوتمار هيتسفيلد بهدف وحيد.

تنطلق الجولة الثانية من الدور الاول بسقوط قاتل لجنوب افريقيا امام الاوروغواي صفر - 3، بينما كشفت الارجنتين بوضوح عن نواياها بسحقها كوريا الجنوبية 4-1 وسط تألق غونزالو هيغواين، صاحب ثلاثية، بيد ان ليونيل ميسي تمسك بالصيام عن التسجيل للمباراة الثانية على التوالي.

اليونان تعوض الخسارة في الجولة الاولى وتكبد نيجيريا هزيمة ثانية وبنتيجة 2-1.

فرنسا في مأزق بعد سقوطها امام المكسيك صفر - 2، وصربيا تنتزع الفوز على ألمانيا بهدف في لقاء شهد اضاعة لوكاس بودولسكي ركلة جزاء، هي الاولى التي يضيعها الالمان منذ مونديال 1974، وميروسلاف كلوزه، هداف كأس العالم 2006 برصيده 5 اهداف، يحصل على بطاقة حمراء.

وبدأت المهازل التحكيمية في المباراة بين سلوفينيا والولايات المتحدة. فبعد ان تقدمت الاولى 2 - صفر نجح لاندون دونوفان وزملاؤه في ادراك التعادل قبل تسجيل الهدف الثالث الذي اعتبره طاقم التحكيم تسللا فيما كشفت الاعادة انه سليم.

الجزائر تهز انكلترا المغلوب على امرها وتتقاسم معها نقاط المباراة التي انتهت بالتعادل صفر - صفر، وهولندا تكتفي بهدف وحيد في مرمى اليابان.

غانا واستراليا تتعادلان رغم طرد قائد المنتخب الاوقياني هاري كيويل، والدنمارك تدق المسمار الثاني في نعش الكاميرون 2-1 وتضعها خارج حسابات التأهل الى الدور الثاني.

البارغواي تسيطر على سلوفاكيا وتترجم تفوقها عليها بهدفين دون رد، فيما تنتزع نيوزيلندا نقطة ثانية، هذه المرة من ايطاليا ومدربها الفذ مارتشيلو ليبي، بتعادل الجانبين 1-1.

بطل العالم 2006 في خطر.

البرازيل تتجاوز عقبة ساحل العاج 3-1 مع تسجيل لويس فابيانو لهدف، هو الثاني لفريقه في اللقاء، مستخدما ذراعيه مرتين في لعبة لاحظها الجميع باستثناء الحكم.

البرتغال تقسو على كوريا الشمالية بسباعية وكريستيانو رونالدو يحرز هدفه الاول مع منتخب بلاده بعد طول انتظار.

تشيلي تهزم سويسرا المنقوصة لاعبا بهدف، واسبانيا تسقط هندوراس 2 - صفر دون اقناع.

الجولة الثالثة والاخيرة من الدور الاول تبدأ بإقصاء جنوب افريقيا من البطولة في سابقة لافتة اذ لم يسبق لأي منتخب دولة مضيفة توديع المونديال من دور المجموعات.

هذا الخروج جاء رغم الفوز على فرنسا 2-1.

منتخب «الديوك» ينفجر فضائح وخلافات عقب طرد نيكولا انيلكا من الفريق لشتمه المدرب ريمون دومينيك، وبطل 1998 يعود باكرا الى باريس، في وقت انتزعت فيه الاوروغواي صدارة المجموعة الاولى بفوزها بهدف على المكسيك التي رافقتها الى الدور الثاني، مع العلم ان تعادل الفريقين كان كفيلا بمنحهما بطاقتي التأهل.

الارجنتين تحقق فوزها الثالث وتمضي نحو ثمن الثاني، وضحيتها اليونان استقبلت هدفين وعاد منتخبها الى اثينا قبل ان يتقدم مدربها الألماني اوتو ريهاغل باستقالته.

نيجيريا تواجه كوريا الجنوبية ضمن المجموعة نفسها (الثانية) ليؤدي تعادل الفريقين 2-2 الى تأهل المنتخب الآسيوي الى الدور الثاني للمرة الاولى بعد العام 2002 على ارضه.

نيجيريا تودع جنوب افريقيا بخفي حنين قبل ان يعلن رئيس الدولة تجميد المشاركات الخارجية لمنتخبات البلاد كافة لمدة سنتين ويتراجع عن الخطوة بعد ايام اثر تهديد صريح من الاتحاد الدولي للعبة.

في المجموعة الثالثة، تحقق انكلترا، بعد جهد جهيد، انتصارها الاول في مونديال 2010 على حساب سلوفينيا 1 - صفر، فيما تحرم الولايات المتحدة الاخيرة من مرافقة رجال المدرب الايطاليا الفذ فابيو كابيللو اثر فوزها على الجزائر بهدف متأخر جدا لدونوفان.

انكلترا والولايات المتحدة تكملان المشوار، الجزائر وسلوفينيا تكتفيات بهذا القدر من المشاركة.

استراليا تفاجئ صربيا 2-1 لتسهل مهمة غانا في بلوغ الدور الثاني وفي ان تكون الدولة الافريقية الوحيدة المتأهلة وذلك رغم خسارتها امام ألمانيا بهدف رائع لمسعود اوزيل.

ايطاليا تودع المونديال من الدور الاول بخسارتها الدراماتيكية امام سلوفاكيا التي رافقت البارغواي الى ثمن النهائي اثر تعادل الاخيرة مع نيوزيلندا سلبا مع العلم ان الاخيرة «ودعت» دون ان تتعرض لأي خسارة في انجاز يحسب لهذه الدولة المغمورة كرويا.

الكاميرون تتعرض للخسارة الثالثة وهذه المرة امام هولندا (1-2) التي حصلت على العلامة الكاملة (9 نقاط من 9 ممكنة)، واليابان تسحق الدنمارك 3-1 عن جدارة وترافق المنتخب البرتقالي الى الدور الثاني عن المجموعة الخامسة.

مباراة البرتغال والبرازيل انتهت بتعادل سلبي مخيب ادى الى تأهل الفريقين فيما لم يشفع لساحل العاج فوزها على كوريا الشمالية 3 - صفر بشيء.

اسبانيا تنقذ نفسها بالفوز 2-1 على تشيلي التي رافقتها الى ثمن النهائي، فيما عجزت سويسرا عن الفوز على هندوراس مكتفية بتعادل سلبي.

الدور الثاني ينطلق بفوز صعب للغاية حققته الاوروغواي على كوريا الجنوبية 2-1 وسط اجواء ماطرة.

على خطى الكاميرون العام 1990 والسنغال 2002، غانا ثالث دولة افريقية تبلغ ربع نهائي المونديال وذلك على حساب الولايات المتحدة 2-1.

ألمانيا تسحق انكلترا 4-1 وتلقنها درسا في فنون اللعبة وذلك في مباراة شهدت تسجيل فرانك لامبارد هدفا لـ «منتخب الاسود الثلاثة» عندما كانت النتيجة تشير الى تقدم الـ «مانشافت» 2-1، بيد ان الحكم لم يلحظ الكرة وهي ترتطم بعارضة الحارس مانويل نوير وتسقط داخل المرمى.

هذا الهدف اشعل فتيل الانتقادات ضد السويسري جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي للعبة، مطالبة اياه بضرورة مساعدة الحكام من خلال استخدام الوسائل التكنولوجية.

وفي سهرة اليوم نفسه، تقدمت الارجنتين على المكسيك بهدف لكارلوس تيفيز من تسلل واضح في طريقها الى الفوز 3-1، الامر الذي راكم الانتقادات بحق الحكام، ودفع بلاتر الى توجيه اعتذار رسمي الى انكلترا والمكسيك، بعد فوات الاوان.

هولندا تكمل المشوار بفوز «واقعي» على سلوفاكيا 2-1.

والبرازيل تقنع اخيرا بانتصار رائع على تشيلي ومدربها الارجنتيني مارتشيلو بييلسا.

ركلات ترجيح شهدتها مباراة البارغواي واليابان للمرة الاولى في مونديال 2010 بعد تعادلهما سلبا في الوقت الاصلي والاضافي.

«الترجيحية» تبتسم للبارغواي (5-3) التي بلغت ربع النهائي للمرة الاولى في تاريخها في ظل دموع مدربها الارجنتيني خيراردو مارتينو الذي اشرف على برشلونة الاسباني في الموسم الماضي قبل ان يرحل.

اسبانيا تقدم مباراة قوية امام البرتغال «المستسلمة» وتعبر الى الدور الثاني بهدف دافيد فيا.

ربع النهائي ينطلق بانتصار مدو لهولندا على البرازيل 2-1.

«المنتخب البرتقالي» يتخلص اخيرا من العقدة البرازيلية، و«راقصو السامبا» يفشلون للمرة الثانية على التوالي في ولوج نصف النهائي.

ريكاردو كاكا يودع استاد «بورت اليزابيث» بالدموع، ومدربه كارلوس دونغا ينهي مشواره مع الفريق بعد اربع سنوات على رأس جهازه الفني.

اكثر المباريات المثيرة هي تلك التي جمعت بين الاوروغواي وغانا. علي سولي مونتاري يضع غانا في المقدمة، ودييغو فورلان يدرك التعادل.

تنتهي المباراة 1-1 ويخوض المنتخبان الشوط الاضافي الاول دون تغيير في النتيجة.

وفي الدقيقة الاخيرة من الشوط الاضافي الثاني، يمنع لويس سواريز كرة غانية من ولوج شباك فريقه مستخدما يده، فيحصل على بطاقة حمراء وتمنح ركلة جزاء للفريق الافريقي يضيعها جيان اسامواه، ليحتكم الجانبان الى ركلات الترجيح التي ابتسمت للاوروغواي 4-2.

وبعد سحقها انكلترا 4-1، المانيا تذل الارجنتين برباعية نظيفة اثر عرض رائع وضع رجال المدرب يواكيم لوف على رأس الفرق المرشحة لانتزاع اللقب.

ميروسلاف كلوزه يحرز هدفين رافعا رصيده في البطولة الى اربعة، وفي مشاركاته الثلاث في كؤوس العالم 2002 و2006 و2010 الى 14 هدفا على بعد هدف واحد من البرازيلي رونالدو حامل الرقم القياسي (15).

الاهم من كل ذلك ان ميسي ودع البطولة دون تسجيل اي هدف، ومارادونا يتحدث عن امكان استقالته من المنصب، وقد تركه بالفعل بعد ايام.

البارغواي تضيع ركلة جزاء عبر لاعبها كاردوزو في المباراة امام اسبانيا التي سجلت من علامة الجزاء ايضا هدف التقدم عبر تشابي الونسو بيد ان الحكم طلب إعادة الركلة، إلا ان لاعب ريال مدريد اضاعها هذه المرة.

ومرة جديدة، يمنح فيا الفوز لمنتخب اسبانيا بهدف وحيد مع العلم ان الحكم نفسه حرم البارغواي من هدف صحيح اعتبره جاء من تسلل فيما اوضحت الاعادة انه سليم.

الدور نصف النهائي بدأ بانتصار هولندي مستحق على الاوروغواي 3-2.

هدف هولندا الاول حمل توقيع القائد جيوفاني فان برونكهورست الذي خاض آخر بطولة في مسيرته الرياضية اذ كان يبلغ حينها الخامسة والثلاثين من العمر.

هولندا تبلغ المباراة النهائية للمرة الاولى منذ العام 1978 عندما سقطت امام صاحبة الضيافة الارجنتين 1-3.

اسبانيا تلحق بهولندا الى المباراة النهائية للمرة الاولى اثر فوزها على المانيا بهدف كارليس بويول، و«الماكينات» تفشل في الثأر من «الماتادور» الفائز عليها في نهائي «يورو 2008» بهدف يتيم ايضا.

كأس العالم 2010 لا تشهد احد منتخبات البرازيل وألمانيا والارجنتين وايطاليا في مباراتها النهائية للمرة الاولى منذ سنوات «غابرة»، كما انها ستشهد تتويج فريق جديد.

فعلتها اسبانيا اخيرا وتغلبت على هولندا بهدف حمل توقيع اندريس انييستا في الدقيقة 116 اي قبل ركلات الترجيح بأربع دقائق.

الاسبان يسكرون حتى الثمالة باللقب العالمي الاول وهولندا تبكي ضياع حلم التتويج للمرة الثالثة بعد 1974 و1978.

مونديال (2014/1) الافتتاحية: الليلة يا "سامبا"

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب سهيل الحويك


بعد انتظار دام أربعة أعوام... تطلّ مجدداً علينا بـ«رأسها» وهندامها الذهبيين.

تنتظر بفارغ الصبر فارساً واحداً سيحتضنها في 13 يوليو المقبل على استاد «ماراكانا» في ريو دي جانيرو بعد المباراة النهائية لمونديال البرازيل في كرة القدم والذي ينطلق اليوم.

تراقب الصراع الدائر، تبتسم لفائز قطع شوطاً في سعيه إليها، وتهز الرأس مستكبرة لخاسر لا «يستاهل» المثول أمامها.

لا تؤمن سوى بالبطل، تنتظره ليخطفها مرة كل أربع سنوات، لتتلذذ بتسلمها في أحضانه، فترتعش للمسه الممزوج عرقاً وعشقاً بعد ان قضت أربع سنوات في أحضان غيره علما بأنها قد تمدد عشقها لذاك الغير.

هي ذهبية القلب والقالب، إنما مزاجية الطباع.

تخطف الأنظار طيلة شهر كامل وتصبح حديث الشارع وحديث الصالونات، تحتل صدر الصفحات، تزداد بريقاً كلما اقترب الصراع للفوز بودها من مراحل الحسم.

وبقدر ما هي شامخة بقدر ما هي جاهزة للاستسلام للبطل المتوج.

32 فارساً في سباق مونديال 2014، و64 «مواجهة» على الأراضي البرازيلية التي تستضيف «المعارك» للمرة الثانية بعد ان سبق لها ان قامت بالدور نفسه في 1950 لتتوّج في النهاية البطل صاحب شرف العودة إلى الوطن مكللاً بالغار وتلك «الغنيمة» الذهبية، او لتبقى في «بلاد البن والسامبا» الباحثة عن نجمة سادسة تزيّن بها سجلها الزاخر.

لمدة شهر كامل تُحبس الأنفاس، تدق القلوب ويتحول الاهتمام إلى تلك «المعارك السلمية».

تصبح كرة القدم لغة الدنيا، والأهداف وجبة يومية، واللاعبون ضيوف شرف على مائدتنا وحواراتنا.

لمدة شهر كامل توضع «السياسة» في درج الانتظار، وتتوقف أسهم البورصة عن التلاعب بأعصاب رجال الاقتصاد، ويستسلم رجال الفن للوحات المتعة داخل «مستطيل أخضر»، وتبقى تلك «الجائزة الذهبية» فوق الجميع.

هل ينجح لويز فيليبي سكولاري في قيادة البرازيل لانتزاع اللقب السادس على ارضها بعد 1958 و1962 و1970 و1994 و2002 وطي صفحة «نكسة 1950» امام الاوروغواي الى الأبد؟

هل تفعلها ألمانيا أخيراً بقيادة يواكيم لوف وتنتزع لقباً كانت قريبة جداً منه في 2006 على ارضها وفي 2010 في جنوب افريقيا حيث حلّت ثالثة وتحقق اللقب الرابع بعد 1954 و1974 و1990 او تستكمل اسبانيا هيمنتها على الكرة العالمية والاوروبية وتحتفظ بالكأس الغالية التي حققتها مرة واحدة في 2010؟

هل تنسلّ ايطاليا كعادتها في المحافل الرسمية وتتلذذ بالمجد مرة خامسة بعد 1934 و1938 و1982 و2006 بتعليمات المدرب تشيزاري برانديللي؟

هل يحسم ليونيل ميسي أمره ويدخل عالم الاسطورة «الكاملة» ويقود الارجنتين الى لقبها الثالث بعد ذاك الذي تحقق في 1978 بقيادة دانييلي باساريلا وفي 1986 بقيادة دييغو ارماندو مارادونا؟

هل تفك هولندا العقدة وتحقق لقبها الاول بعقلية المدرب لويس فان غال بعد سقوطها في النهائي في ثلاث مناسبات اعوام 1974 و1978 و2010؟

هل تعود انكلترا لتلعب دور الريادة في رياضة هي من ابتدع قوانينها وتتوج للمرة الثانية بعد 1966 ام تحقق فرنسا المفاجأة بقيادة ديدييه ديشان وتضيف لقباً ثانياً الى ذاك الذي سُجّل ايام زين الدين زيدان في 1998؟

هل تفرض الاوروغواي نفسها رقماً صعباً وتحرز لقباً تنتظره منذ 54 عاماً بعد ان سبق لها ان توجت بالنسخة الاولى في 1930 والرابعة في 1950؟

هل يكفي تواجد كريستيانو رونالدو لمنح البرتغال كأسها العالمية الاولى ام تحقق بلجيكا المفاجأة الكبرى بفضل كوكبتها من النجوم الاكفاء؟

وتبقى آمال الأمة العربية برمّتها معلّقة على الجزائر ممثلها الوحيد في البرازيل.

مهمة «ثعالب الصحراء» لن تكون سهلة، بيد انها ليس مستحيلة فقد أوقعتهم القرعة في مجموعة تضم ايضاً بلجيكا وروسيا وكوريا الجنوبية.

ثمة حنين الى مونديال 1982 في اسبانيا حيث حقق المنتخب الجزائري انتصاراً تاريخيا على المانية الغربية 2-1 قبل تلك المؤامرة الالمانية-النمسوية التي اطاحت به من البطولة.

أهلاً بكأس العالم في «بلاد بيليه»... في البرازيل.

... انطلقت المعركة.

مونديال (2014/1) اومام-بييك "قاهر الارجنتين" ... ملك "الافتتاح"

منشور في "الراي" الكويتية



كتب: سهيل الحويك


لا يخفى على احد الحماسة التي تلف الدولة المضيفة البرازيل على ابواب انطلاق اكبر تظاهرة كروية المتمثلة بكأس العالم 2014 لكرة القدم.

الا انه من الطبيعي ان تتسلل المشاعر المتضاربة الى نفوس المشجعين المحليين الذين ابدوا قلقهم ازاء المباراة الافتتاحية امام كرواتيا اليوم.

وفي ضوء المآسي السابقة التي اصابت منتخبات كبيرة عند قص شريط انطلاق بعض النسخات السابقة.

واذ تصب جميع الترشيحات ناحية تخطي المنتخب البرازيلي نظيره الكرواتي يرفض لوكا مودريتش وزملاؤه هذه التوقعات مصرين على احداث المفاجأة على طريقتهم الخاصة.

وتزخر كرة القدم، عبر تاريخها الطويل، بلحظات تكاد لا تنسى، بل شكلت مداميك قامت عليها اللعبة الاكثر شعبية في العالم، واذا كانت لحظات رفع الكؤوس والدروع على منصات التتويج هي التي ترسخ، فإن بعض الاهداف يبقى ذا وقع في الذاكرة خصوصاً عندما يتلازم مع نفخة عاطفية انسانية تترك الاثر البالغ.

الحكم الفرنسي ميشال فوترو مسيطر تماماً على الوضع رغم «حرارة» المناسبة والحضور الجماهيري الذي ناهز 73780 متفرجاً على مدرجات استاذ «سان سيرو» في مدينة ميلانو.

التعادل السلبي في المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العام الـ 14 (1990) مازال يبني على العرف القائم في لقاءات سابقة لهذه ولكن موقتا، لان الدقيقة 66 حلت وفي خضمها «طار» الكاميروني فرنسوا اومامام -بييك عالياً جداً ليخطف كرة ويلكزها برأسه، حار المرمسى الارجنتيني العملاق نيري البرتو بومبيدو يرتمي على الجهة اليمنى تمهيداً للامساك بكرة بدت في متناوله. الخطأ جزء من اللعبة، وفيه وقع بومبيدو الذي خانته الكرة وتجاوزت خط مرماه في طريقها الى الشباك معلنة تقدم «الاسود غير المروضة» على حامل اللقب بقيادة الاسطورة دييغو ارماندو مارادونا.

في الثامن من يونيو 2014 اختلفت ذاكرة كرة القدم بمرور 24 سنة على هدف اومام - بييك التاريخي الذي يبقى واحدا من المفترقات الراسخة في كيان اللعبة، تماما كما هي لحظات التتويج الخالدة.

قبل اسابيع على ذاك الانتصار المدوي في افتتاح المونديال بهدف كاميروني صاعق على تشكيلة ارجنتينية مدججة بالنجوم. كان اومام - بييك يذرف دموع الفشل في قيادة فريقه ستاد لافالوا الى دوري الدرجة الاولى الفرنسي (ليغ 1) بعد سقوط جارح في الدور الفاصل خلال موسم شهد احراز اللاعب 12 هدفاً.

عاش اومام - بييك ايضاً في ابريل من العام نفسه، قبل اشهر على المونديال، لحظات مرة اخرى تمثلت في تنازل منتخب بلاده عن لقبه بطلاً لكأس الأمم الافريقية التي آلت زعامتها الى الجزائر. لذلك جاءت استعدادات الكاميرون لمشاركتها الثانية في كأس العالم بعد 1982 محبطة للفريق كلاً ولأمام- بييك خصوصاً رغم العروض التي جاءته وتحديداً من نانت الفرنسي وبورتو البرتغالي، ليتحول في النهاية الى رين الفرنسي قبل اسبوع على هدفه التاريخي في المرمى الارجنتيني.

قبيل المباراة الافتتاحية بساعات، رأى اومام -بييك (48 سنة اليوم) ان «العالم ينتظر ان تستقبل شباكنا الكثير من الاهداف ثمة فارق شاسع بيننا وبين الارجنتين وعلى المستويات كلها، لا اؤمن حقيقة بقدرتنا على الصمود.

واعتبر ان الصعوبة في التواصل مع المدرب الروسي فاليري نيومنياكي بسبب حاجز اللغة عزز الشعور بانعدام الثقة في تحقيق المأمول خلال مونديال ايطاليا، وقال: «لا نفهم على الدوام الرسائل التي يريد (المدرب) ايصالها الى اللاعبين.

وعن هدفه التاريخي يقول فرنسوا: «المسألة لا تحتاج الى تفسير. يكاد لا يمر يوم الا ويتحدث فيه احدهم عن 8 يونيو 1990. ذلك الهدف، هدف الفوز على الارجنتين، كان بمثابة الدعاية العالمية بالنسبة اليّ، واتحدث دوما عن ذاك اليوم بسعادة وفرح لانه بات محفوراً في ذاكرة التاريخ».

في الليلة التي سبقت مباراة الافتتاح، لم يكن الوضع مستقراً في المعسكر الكاميرون نتيجة المعضلة في المكفآت بين اللاعبين والاتحاد المحلي للعبة.

حتى ان الحارس العملاق جوزف - انطوان بيل الذي عرف بانتقاداته المستمرة لمسيري كرة القدم في بلاده خسر مركزه في الفريق، بيد ان ذلك تحول الى ذكرى من الماضي عقب الانتصار التاريخي على الارجنتين.

حارس المرمى - توماس نكونو الذي كان يتقاسم واومام - بييك الغرفة نفسها خلال كأس العالم 1990، كشف انه طلب من زميله ان يستسلم للنوم باكراً عشيقة اللقاء: «قلت له اننا سنحتاج اليه لاحراز هدف الفوز على الارجنتين».

وبعد سنوات استنتج اومام -بييك ان «مشكلة المكافآت وحدت مجموعة اللاعبين وانعكست ايجاباً في ارض الملعب».

عقب عزف النشيدين الوطنيين، الارجنتيني والكاميروني، اطلق الحكم صافرة انطلاق مباراة افتاحية بدت غير متوازنة بين منتخب عريق حامل لقب كأس العالم في مناسبتين (1978 و1986) ومنتخب يضم في صفوفه عناصر معظمها من الدوري المحلي.

مارادونا وزملاؤه اقتربوا في مناسبات عدة من هز الشباك الافريقية التي بقيت عصية عليهم، حتى ان نكونوا كشف بعد اللقاء ان «مجرد نجاح لوي - بول مفيدي في تخطي لاعب ارجنتيني ثم اخر منحنا جرعة كبيرة من المعنويات».

الشوط الاول انتهى بالتعادل السلبي نتيجة مشجعة حتى الآن للكاميرون خصوصا ان الضغط الارجنتيني كان جارفا، حتى انه كلف «الاسود غير المروضة» غالياً في الشوط الثاني بعد طرح احد عناصر هاندريه كانا -بييك شقيق اومام، في الدقيقة 62.

ورغم ذلك، نجحت الكاميرون في «معركة الاعصاب والتركيز».

وحانت اللحظة التاريخية في الدقيقة 66 اربع دقائق بعد الطرد، عندما نفذ برتن ايبويلي ضربة حرة من الجهة اليسرى اصطدمت على اثرها الكرة بسيريل ماكاناكي الذي لعبها كيفما كان لتصل الى اومام - بييك يقفز الاخير عالياً فوق الجميع ويظهر كل من خوان سيمون ونيستور فابري وروبرتو سنسيني عاجزين امامه - رأسية اومام - بييك تخدع بومبيدو. الكاميرون تتقدم 1 - صفر وترفض الانحناء امام مارادونا حتى اللحظات الاخيرة التي شهدت تعرض صفوفها لطرد ثان كان ضحيته هذه المرة بنجامان ماسينغ في الدقيقة 89.

بعد هدف التقدم، كان على الكاميرونيين الاحتفاظ بالكرة قدر المستطاع وحرمان الخصم السيطرة، ولعب «العجوز» روجيه ميلا (38 سنة) في تلك المباراة) دوراً حاسماً على هذا الصعيد، وعنه قال اومام - بييك: «كنا نعاني نقصا عددياً وعشنا لحظات عصيبة تحت الضغط، لاشك في ان ميلا ساعدنا كثيرا على الاحتفاظ بالكرة كان الرجل المناسب لاداء هذا الدور، عموما قدم ميلا كأساً عالمية مثالية انطلاقاً من مباراة الفتتاح بالذات».

اما مارادونا المصدوم، فقد صرح بعد اللقاء: «منتخب الارجنتين لم يكن في مستوى الحدث. هذا كل ما في الامر لا نبحث عن اعذار. احيي الاداء الكاميرون».

لقد ارتبط هدف الفوز ارتباطاً وثيقاً بأومام - بييك حتى باتت هوية ومرجعا للتعريف به، وقد اعتبرها «الاجمل في حياتي».

الكاميرون حققت مونديالا مثالياً بلغت فيه الدور ربع النهائي واضعة افريقياً للمرة الاولى في هذه المرحلة المتقدمة من كأس العالم وعندما عاد الفريق الى البلاد، حصل اومام - بييك على تكريم خاص من الرئيس بول بيا تمثل بمنحه رتبة ضابط صف شرفية.

اومام - بييك عاد ليظهر مجددا في نسختين لكأس العالم الـ 15 (1994) في الولايات المتحدة الاميركية والـ 16 (1998) في فرنسا، وهر عرف بتنقلاته الكثيرة بين النوادي اذ لعب ايضاً في صفوف كان ومرسيليا وشاتورو (فرنسا)، واميركا ويوكاتان ميريدا (المكسيك) وسمبدوريا (ايطاليا)، بيد انه لم يتخل بتاتا عن واجبه الوطني مع منتخب بلاده. ويقول في هذا الصدد: «انا بين قلة خاضت غمار كأس العالم ثلاث مرات توالياً».

تقول باتريسيا، زوجة فرنسوا اومام - بييك: «حتى اليوم، ثمة اناس لا يعرفون زوجي شخصياً، الا انهم يتعرفون عليه من خلال ذلك الهدف في المرمى الارجنتيني. لا يتوقفون عن التحدث معه عن ذاك الهدف التاريخي وتلك المباراة التي لا تنسى. ومازال زوجي حاضراً في ذاكرة الناس واعتقد ذلك سيستمر طويلاً».

مونديال (2014/1) خطيئة زيكو فضحتها «القارات»

 منشور في "الراي" الكويتية


 كتب: سهيل الحويك 

بدأت البرازيل بتأريخ الحقبة الراهنة وفق السلم الزمني الآتي: ما قبل وصول لويز فيليبي سكولاري... وما بعد وصوله.

ولا شك في ان ما فرض هذا الواقع الجديد يتمثل في تتويج «بلاد السامبا» بالنسخة التاسعة من بطولة كأس القارات في 30 يونيو 2013 على ارضه وتحديدا في استاد «ماراكانا» الشهير امام 79 الف متفرج.

أصاب المدرب «الديكتاتور» سكولاري العائد الى رئاسة الجهاز الفني للفريق، بعدما سبق له قيادته الى اعلى نقطة من منصة التتويج في مونديال 2002، أكثر من عصفور بحجر واحد. فقد نجح خلال سبعة أشهر فقط منذ توليه المنصب خلفاً لمانو مينيزيس المقال، في وضع أساس للمنتخب المدعو الى احراز كأس العالم على ارضه للمرة السادسة بعد 1958 و1962 و1970 و1994 و2002، كما وُفق في استعادة ثقة الجماهير البرازيلية الحريصة بلاعبي «سيليساو»، ورفع معنويات رجاله اثر انتصارين مستحقين على ايطاليا 4 – 2 في الدور الاول، خصوصاً اسبانيا المرعبة بطلة أوروبا 2008 و2012 والعالم 2010، والمرشحة الأقوى للتتويج بنتيجة كاسحة 3 – صفر في المباراة النهائية.

أسابيع قبل انطلاق كأس القارات، أبدى النجم البرازيلي السابق زيكو خشيته من أن تؤدي النتائج السيئة المتوقعة لمنتخب بلاده في البطولة الى توسيع رقعة عدم الرضا والتباعد بين الجماهير والفريق، على اعتاب مونديال 2014

وقال «الجوهرة البيضاء»، وهو لقب زيكو: «يبدو الشعب في البرازيل بعيداً نفسياً من كأس العالم، بسبب الفساد الذي يسيطر على البلد. هذا الشعب فقد ايمانه بالدولة ويرى كأس العالم مجرد وسيلة للبعض لملء جيوبهم بالملايين».

كان على حق في جانب من حديثه، خصوصاً أن فترة اقامة «القارات» شهدت تظاهرات واحتجاجات مليونية في مناطق مختلفة من البلاد، اعتراضاً على سياسة الحكومة تخصيص ميزانية كبيرة لبناء الملاعب وترميمها، استعداداً لكأس القارات 2013 ومونديال 2014 واولمبياد 2016، وقت أهملت مطالب معيشية ملحّة.

يبدو زيكو، واسمه الكامل ارتور انتونيس كويمبرا، متحمساً كثيراً للعبة التي يعتبر احد ابرز وجوهها حول العالم، وهو يعمل خلف الكواليس كداعم للجنة المنظمة للمونديال: «اتحدث الى رونالدو وهو عضو في اللجنة واقول له دوماً: عليك القيام بما من شأنه إعادة بناء ثقة الناس، لأنه من المهم للشعب ان يتفاعل مع البطولة». وأضاف: «ستمر كأس العالم على خير. سنجد وسيلة لتحقيق النجاح. لكن شيئاً لن يتغير في الوضع القائم حالياً الا اذا قمنا بخطوة ما».

خاض زيكو، المدرب السابق لمنتخبي اليابان والعراق، غمار كأس العالم لاعباً في ثلاث مناسبات في الأعوام 1978 و1982 و1986، بيد انه لم يصب النجاح فيها، علماً ان «فريق 82» يعتبر افضل منتخب لم يحقق اللقب العالمي، وهو بدا متشائماً بحظوظ «سيليساو» في مونديال 2014، عندما قال قبل اسابيع على انطلاق كأس القارات: «بالنظر الى مجموعة اللاعبين الذين نمتلكهم حالياً، لن نفوز بكأس العالم، على رغم الدعم المحلي المتوقع. المشكلة الاساسية تتمثل في كون المونديال مقرراً بعد سنة من الآن، ونحن لا نعرف حتى الساعة عناصر التشكيلة الاساسية خصوصاً ان البعض اعتبر الفريق الحالي قبل «القارات» الأضعف في السنوات الستين الاخيرة من تاريخ البرازيل.

لكن هل يوافق زيكو على هذا الاعتقاد؟ يقول: «نعم، على مستوى النتائج. ويعود السبب في ذلك إلى غياب الاستمرارية»، ورأى أن الجيل السابق من اللاعبين انتهى بعد الخروج من الدور ربع النهائي لكأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، وان الهبوط في المستوى اشتمل على ابرز النجوم، الذين فشل اي منهم في فرض نفسه قادراً على ان يكون العنصر الذي يُبنى المنتخب الجديد من حوله.

وتابع: «لا يزال لاعبو الفريق صغار السن. جيل جديد ظهر في توقيت واحد. من الخطأ وضع مسؤولية المنتخب على كاهل لاعب مثل نيمار الذي يبلغ الحادية والعشرين من العمر فقط، ولم يخض غمار كأس العالم من قبل. نحتاج الى لاعبين سبق لهم خوض تجربة المونديال كي تركَّز الاضواء عليهم، وليس على العناصر الشابة».

وانتقد الاتحاد البرازيلي للعبة لاقالته مينيزيس وتعيين سكولاري مكانه، بالقول: «قاموا بهذه الخطوة في توقيت خاطئ، أي عندما بدأت عناصر فريق مينيزيس تتأقلم بعضها مع البعض. على سكولاري بالتالي ان يبدأ كل شيء من نقطة الصفر». بيد أن هذه الخطوة أثبتت نجاحها بدليل العمل الرائع الذي قام به «بيغ فيل» في فترة وجيزة وصولاً الى اعلى نقطة من منصة التتويج في كأس القارات.

ويرى ان «الأرجنتين هي المرشحة الأولى لانتزاع كأس العالم لأنه بات لديها فريق قوي قائم حول ليونيل ميسي، وقد تفوق على البرازيل في المباريات الاخيرة بينهما»، وقال: «اذا توجت الأرجنتين، اتمنى ألا يأتي ذلك في المباراة النهائية على حساب البرازيل، وإلا سنعيش كارثة جديدة بعد تلك التي قضّت مضاجعنا امام الاوروغواي في المباراة الختامية لمونديال 1950. عندها سيبدو ماراكانا (حيث يقام نهائي كأس العالم 2014) أشبه بالملعب المستسلم للعنة أبدية».

هذا ما جاء على لسان زيكو قبل «القارات»، ولكن بعد البطولة تبيّن ان كل ما قاله يدخل في اطار الخطأ الفادح. فقد توّج منتخب البرازيل باللقب، وبدا أن الجماهير المحلية بدأت باسترجاع ثقتها الضائعة فيه.

أخطأ زيكو عندما استبعد «سيليساو» من قائمة المرشحين لانتزاع كأس العالم، الا ان الفوز على اسبانيا والسيطرة على مجريات النهائي امامها، اكد ان البرازيل دخلت بقوة على خط الصراع على اللقب السادس. وهو تسرّع عندما اعتبر أن عناصر التشكيلة الاساسية لا يزالون مجهولين قبل سنة على المونديال، ذلك لأن «فيليباو» ثبّت مداميك الفريق الذي باتت اهم معالمه جوليو سيزار، ديفيد لويز، مارسيلو، تياغو سيلفا، دانيال الفيش، باولينيو، لويز غوستافو، اوسكار، فريد، هالك، ونيمار دا سيلفا.

اخطأ زيكو ايضاً عندما دعا الى الاعتماد على لاعب خبير لبناء الفريق من حوله، بيد ان سكولاري نفسه قرر البناء حول نيمار الصاعد ونجح في ذلك الى ابعد حد، خصوصاً ان اللاعب المنتقل الى برشلونة الاسباني مطلع الموسم المنقضي قادماً من سانتوس، انتزع جائزة أفضل لاعب في بطولة القارات.

أخطأ زيكو تماماً، كغيره، في مقاربة مسألة منتخب بلاده، ربما لأنه كان ينتمي حينذاك إلى حقبة «ما قبل القارات».

فرضت البرازيل واقعاً جديداً. واقع «ما بعد القارات» الذي فاجأ الملايين، وبينهم زيكو بالتحديد، فهل تذهب الى تحقيق الحلم الاكبر المتمثل بانتزاع كأس العالم للمرة السادسة في تاريخها خلال مونديال 2014؟