الاخبار

الجمعة، 20 يونيو 2014

(مونديال) مقبرة الاسبان

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك


بعدما قرأت موضوعا عبر شبكة الانترنت قبيل انطلاق بطولة كأس العالم 2014 لكرة القدم في البرازيل اكد فيه احدهم بأن اسبانيا حاملة اللقب ستودع المنافسات من الدور الأول، ضحكت في سري وقلت: «أيحلم هذا؟».

جاء التصريح على لسان ماريو كيمبس هداف منتخب الارجنتين ومونديال 1978 خلال تلك البطولة التي توج بها «راقصو التانغو».

ثم بعد يومين، قرأت في أحد المواقع الالكترونية بأن فيسنتي دل بوسكي، مدرب منتخب اسبانيا، لا يخشى على فريقه سوى من التشبع من الالقاب وغياب الحافز اثر تتويجه بثلاثة القاب كبرى منذ العام 2008، فقلت في نفسي: «هذا مجرد كلام».

كيمبس قال كلاما لن يُحاسب عليه، فهو لا يطّلع باي دور في منتخب اسبانيا وقال: «يمر هذا الفريق بمرحلة تغيير اجيال بعد النجاح الذي حققه في جنوب افريقيا، اللاعبون خاضوا عددا كبيرا من المباريات، لذا اتوقع سقوطهم عند عتبة الدور الاول».

اما دل بوسكي فهو الشخص الذي يُلام.

لا يمكن أن يُطلب من هذا الرجل تحقيق الالقاب دون توقف، بيد أن الغريب أن اسبانيا خسرت كل شيء في غضون مباراتين، فلو خرجت من الدور ربع النهائي، لكان بالامكان استماحة العذر لها، اما الخروج من الدور الأول اثر السقوط المذل امام هولندا 1 - 5 ثم الخسارة المستحقة امام تشيلي صفر - 2 فهذا ما لا يمكن هضمه بالنسبة إلى المشجع الاسباني.

كان يملك دل بوسكي وقتا كافيا منذ التتويج بـ «يورو 2012» على حساب ايطاليا كي يبني فريقا جديدا خصوصا أن المواهب في بلاده باتت بمثابة شلال لا ينضب، غير أنه سعى إلى الاعتماد أيضاً وايضا على «الحرس القديم» فدفع الثمن غاليا.

كان يعلم دل بوسكي مسبقا بأن التشبع غلب على التشكيلة، لذا توجب عليه حذف الحقبة القديمة والبناء للمستقبل.

تشافي هرنانديز وايكر كاسياس وجيرارد بيكيه على الاقل باتوا من الماضي، والاعتماد على البرازيلي الاصل دييغو كوستا كأساسي في المباراتين الاوليين خطيئة بحق دافيد فيا المتمرس في هكذا مناسبات.

اخطأ دل بوسكي كثيرا، ليس فقط في حق الفريق بل في حق تاريخه.

صحيح أن الفضل في الثورة الاسبانية يعود إلى سلفه الراحل لويس اراغونيس الذي وضع المنتخب على الطريق السليم من خلال قيادته إلى التتويج بـ «يورو 2008» في النمسا وسويسرا، وصحيح أيضاً أن دل بوسكي اكمل المشوار بنجاح من خلال التتويج مع «لافوريا روخا» بمونديال 2010 و«يورو 2012» إلا أنه كان بالامكان افضل من الخروج من الدور الأول لمونديال 2014.

كان اراغونيس جريئا للغاية بإبعاد راوول غونزاليز وقد واجه عاصفة من الانتقادات إلا أنه اصر على مواقفه، واثمرت قراراته «المجنونة» فريقا لا يهزم ولقبا طال انتظاره.

كان يتوجب على دل بوسكي أن يكون اكثر جرأة، غير أنه ربما خشي من الاقلام الكاتالونية في حال اقدم على اقصاء تشاف «المنتهي» من التشكيلة.

انتهى عهد اسبانيا، كان هذا الواقع منتظرا، تحديدا منذ الخسارة امام البرازيل صفر - 3 العام 2013 في نهائي كأس القارات.

المفارقة أن ذاك السقوط حصل في ملعب «ماراكانا» في ريو دي جانيرو، وها هي تشيلي تقصي اسبانيا من مونديال 2014 في الاستاد التاريخي نفسه.

هي نهاية حقبة غير أن اسبانيا قادرة على النهوض مجددا في حال استدركت سريعا واقعها وعملت على البناء البنّاء على مشارف انطلاق تصفيات «يورو 2016» المقرر نهائياته في فرنسا.

قد تكون اسبانيا خسرت معركة بيد انها لم تخسر الحرب كما يبدو لكثيرين.

ويبقى أن نشير إلى أن تتويج ريال مدريد الاسباني بدوري ابطال اوروبا على حساب جاره اتلتيكو مدريد ومواطنه اشبيلية بكأس «يوروبا ليغ» لم يترجم سطوة في المونديال، فهذا شيء وهذا شيء آخر.

ريو دي جانيرو وتحديدا «ماراكانا» هزّ عرش اسبانيا في نهائي «القارات» و«ماراكانا» نفسه قضى على الاسطورة الاسبانية.

«ماراكانا» هي بحق مقبرة الاسبان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق