الاخبار

السبت، 28 يونيو 2014

(مونديال) باجيو قد يكون الحل

 منشور في "الراي" الكويتية


كتب: سهيل الحويك


لا خلاف على ان روبرتو باجيو يمثل «موهبة» كرة القدم الإيطالية، فقد نجح في جذب الأنظار إليه أينما حلّ وارتحل، مؤكداً ان «المستديرة» في «بلاد السباغيتي» ليست حكراً على الفكر الدفاعي المتحفظ، بل انها خلاّقة على مستوى الحرفنة الهجومية.

بعد اعتزاله العام 2004، اختفى باجيو تماماً عن الأنظار. لم يسعَ الى سلوك درب التدريب، بل قرّ رأيه على أخذ قسط من الراحة بعيداً عن المضمار الذي تبادل وإياه حباً كبيراً.

وقبل سنتين تقريباً، قرر «روبي» الاستقالة من منصبه كمدير فني في الاتحاد الايطالي للعبة.

برر حامل الكرة الذهبية عام 1993 رحيله بخيبة أمل أصابته خلال اداء مهام عمله، وصرح للصحافة المحلية: «حاولت القيام بالمهمة التي أسندت إليَّ، لكن لم يسمح لي بذلك. ولهذا السبب لا أنوي الاستمرار».

أكد المهاجم السابق أنه قدم مشروعا يشتمل على 900 صفحة، لكن يبدو ان الاتحاد المحلي لم يلتفت إلى المقترح على الإطلاق، وقال باجيو الذي دافع عن الوان كل من فيتشنزا وفيورنتينا ويوفنتوس وميلان وبولونيا وانترميلان وبريشيا الايطالية: «لا أحب أن أملأ الفراغ الموجود في أحد المناصب وحسب، بل أحب إنجاز عملي. ولذلك اضطررت للاستقالة. أعشق كرة القدم وبلادي، وأنا مستعد دائما للقيام بأي مبادرة من أجل صالح اللعبة».

ونقل عن جانكارلو أبيتي رئيس الاتحاد قوله في حينها: «روبرتو باجيو شخص يتمتع بالعديد من الصفات الرائعة، كرجل وكشخصية رياضية، لكنه لم يشعر بأنه يشغل الوظيفة التي تناسبه ولم يفاجئني قراره».

لم يحاول الاتحاد التمسك بباجيو الذي اضاع ضربة ترجيح حاسمة امام البرازيل في نهائي كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة، بل ترك «الرجل الهادئ» يرحل دونما محاولة للتشبث به، في مشهد يضاف الى سلسلة من المشاهد التي تؤكد بأن كرة القدم الايطالية تعاني من «فوضى التنظيم»، وان بلوغ نهائي بـ«يورو 2012» لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يعكس تسلسلاً منطقياً لمشروع ما، أضف الى ذلك التخبط على مستوى النوادي ومعاناة الملاعب من القِدم.

ويبدو ان باجيو قد يعود الى لعب الادوار الاولى في كرة القدم الايطالية لأن اسمه مطروح لخلافة تشيزاري برانديللي على رأس الجهاز الفني لمنتخب بلاده اثر النكسة التي تعرض لها الفريق بخروجه من الدور الاول لمونديال 2014

صحيح ان باجيو عُرف بهدوئه الذي كان ينفجر أحياناً في «المستطيل الأخضر»، بيد ان ثمة سراً خلف هذه الشخصية المسالمة.

خلال تواجده في صفوف انتر بين 1998 و2000، وجّه الدعوة الى زميله السابق في الفريق، البرازيلي رونالدو للسير على خطاه واعتناق الديانة البوذية التي سلك دربها قبل سنوات على رغم كونه ينتمي الى بلد كاثوليكي بامتياز.

رأى «دي كوتينيو» في حينه ان البوذية قادرة على انقاذ رونالدو من الهواجس التي تطارده منذ مونديال 1998.

اعتمد قبل توجيه دعوته على بعض الآراء التي كشفت النقاب عن السبب في كثرة الاصابات التي يتعرض لها «روني»، فقال ان ذلك مجرد «وسواس مرضي» اصاب اللاعب وأدى الى شعوره الدائم بالخوف من المباريات، واشار الى ضرورة معالجة المشاكل النفسية التي يعاني منها «الظاهرة» قبل معالجة مشاكله الجسدية وذلك من خلال سلوك درب البوذية.

وقال «فتى ايطاليا الذهبي» ان المرء لا يحتاج في سبيل دخول هذا «العالم العجيب» الى اكثر من سترة وبندقية، وذلك لممارسة الصيد الذي تدعو اليه البوذية في كل مرة يبحث فيه عن التخلص والابتعاد قدر الامكان عن مشاكل يعاني منها، و«قد سلكت هذا الطريق بنفسي منذ فترة طويلة وحصدت الصفاء الروحي».

واكد ان ديانته التي تعتمد على بعض الافكار الغريبة مثل تناسخ الأرواح وتقديس البعوض، هي افضل دواء لشفاء كل من هو مصاب بـ«وسواس مرضي».

وحاول باجيو في حينها تفسير الحالة التي مر بها رونالدو بقوله: «انه ضحية لضغوط كبيرة فاقت طاقته. رأى بأن الجماهير تعلق عليه آمالا كبيرة في كأس العالم، الامر الذي ادى الى خلق نوع من التوتر الشديد الذي ظهر جلياً على اللاعب خصوصا في النهائي امام فرنسا»، وأضاف: «عشت تلك الاجواء من قبل وانا اكثر الناس تفهما للظروف التي يمر بها البرازيلي. سبق لي ان اختبرتها لكني لم اجد الوسيلة الكفيلة لتخطيها الا في البوذية التي عملت على تنقية روحي وجعلها صافية للغاية».

ولم يبدِ باجيو قلقاً من الآراء التي لطالما حذرته من الافراط في صيد الحيوانات البرية والتي من الممكن ان تفسر على انها تعبير عن الوحشية والعدوانية الكامنة فيه حيث قال: «ينظر عدد كبير من الناس الى الصيد على انه عمل وحشي فظيع، الا انه يتيح لي فرصة البقاء صافي الذهن، ويساهم في تحسين ادائي خلال المباريات وحتى في حياتي الشخصية وفي تعاملي مع الناس».

وفي محاولة لاضفاء نوع من الشرعية على تصرفاته، يقول: «عندما ينتقدني الناس بسبب قتلي للحيوانات، فإنهم ينسون ما يقومون به في فصل الصيف عندما يقتلون البعوض دون ادنى شفقة او تفكير في انها روح لا بد لهم من الحفاظ عليها».

لا شك في ان روبرتو كان صادقاً في الدعوة التي وجهها الى رونالدو الذي بقي متمسكاً بمسيحيته وهو لم يحتج الى البوذية بتاتاً العام 2002 ليتخلص من الضغوط ويعود من اصابة هددت مستقبله ويقود البرازيل الى احراز كأس العالم ويتوج هدافا بـ8 اهداف.

ربما سيكون باجيو قادراً أخيراً على اصطحاب نجوم اللعبة في بلاده الى رحلة صيد في حال خلف برانديللي وذلك كي يفرض عليهم «الصفاء الذهني» على مشارف انطلاق تصفيات «يورو 2016» بعد مونديال فاشل على الاصعدة كافة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق