7 ابريل/نيسان 2014
(منشور في جريدة النهار اللبنانية)
كتب سهيل الحويك
كان يُعتقَد على نطاق واسع أن بايرن ميونيخ الالماني سيحظى بزيارة سهلة الى "اولد ترافورد"، تاركاً خلفه عبارة "مرّ من هنا"، تعبيراً عن المآسي التي سيخلّفها وتظهر على ملامح "مانشستر يونايتد عجوز"، يعيش مرحلة انتقالية انطفأ خلالها المشعل المنتقل من يد "السير" الاسكوتلندي اليكس فيرغيسون الى مواطنه ديفيد مويز القادم مطلع الموسم الحالي من افرتون الى الفريق الشمالي.
المباراة التي جمعت "يونايتد" بضيفه بايرن الثلثاء الماضي فرضت انقساماً عمودياً وافقياً في تحديد المستفيد من التعادل 1-1، ضمن مرحلة الذهاب من الدور ربع النهائي لمسابقة دوري ابطال أوروبا في كرة القدم.
تعادلٌ ايجابيٌ خارج الديار يعتبر نتيجة مشجعة للغاية بالنسبة الى الزائر، بيد ان مرور "الشياطين الحمر" بفترة صعبة وتقهقرهم الخطير في ترتيب الـ"برميير ليغ"، مقابل تألق بايرن وحسمه "البوندسليغه" قبل سبع جولات على الختام (رقم قياسي)، وتقديمه عروضاً جعلت كبار اوروبا يتمنّون تحاشيه، كلها عوامل جعلت من "تعادل الثلثاء" انتصاراً بيّناً لواين روني وزملائه.
اين فاز مانشستر وكيف خسر بايرن؟
تقوم خطة المدرب الاسباني خوسيب غوارديولا منذ توليه دفة القيادة في برشلونة وصولاً الى ميونيخ، على الاستحواذ على الكرة وحرمان الخصم إياها.
هذا الامر يستلزم لاعبي ارتكاز على مستوى رفيع. وفي لقاء الاياب الاربعاء المقبل في "اليانز ارينا"، سيفتقد بايرن ثلاثة عناصر يشغلون ذاك المركز الحيوي هم الاسباني خافي مارتينيز للايقاف عقب نيله بطاقة صفراء في جولة الذهاب اضيفت الى اخرى حصل عليها سابقاً، ومواطنه تياغو الكانتارا الذي تعرض لاصابة خطرة في الدوري المحلي امام هوفنهايم (3-3) انهت موسمه في المبدأ، وباستيان شفاينشتايغر بعد تعرضه للطرد اثر خطأ لا يستحق الانذار الثاني ارتكبه ضد روني.
وبذلك يكون "بيب" قد خسر عناصر مهمة من سلاحه الفتّاك، وهذا يصبّ تماماً في خانة مانشستر يونايتد الذي افتقد هدافه الاول الهولندي روبن فان بيرسي ذهاباً ولن يستعيده اياباً بداعي الاصابة، بيد ان انتزاعه التعادل في "اولد ترافورد" دون "روبنهود" لن يشكل عقدة نقص بالنسبة اليه.
صحيح ان غوارديولا خرج متفائلاً من مباراة الذهاب، الا ان تجربة البايرن على ارضه مع الفرق الانكليزية خلال السنوات القليلة الماضية لا تبشّر بالخير.
ففي نهائي المسابقة القارية المرموقة 2012، سقط الفريق البافاري على ارضه امام تشلسي اللندني بضربات الترجيح.
وفي الدور الثاني من نسخة الموسم الماضي، فاز رجال المدرب السابق يوب هاينكس على ارسنال في "ستاد الامارات" 3-1 ذهاباً قبل ان يسقطوا امامه 0-2 في "اليانز ارينا".
وفي دور المجموعات من منافسات الموسم الجاري، وبعدما كان بايرن ضامناً تأهله للدور الثاني، سقط على ارضه امام مانشستر سيتي 2-3 بعدما كان متقدماً بإصابتين نظيفتين.
وعلى رغم هذه الايجابيات التي قد تصب في خانة "الشياطين الحمر"، يبقى بايرن واقعياً المرشح لبلوغ دور الاربعة، متسلحاً بالجماهير التي ستؤم "اليانز ارينا" ويشكل حضورها ضغطاً على لاعبين اعتادوا هذه الاجواء الصعبة.
كل الضغط سيكون ملقىً على عاتق رجال غوارديولا، ويتوجب على الفرنسي فرانك ريبيري تحديداً تعويض ادائه المخيب ذهاباً.
يُنتظر ان يعمد مويز الى الخطة نفسها التي اتبعها في "اولد ترافورد" والمتمثلة باتباع أسلوب دفاعي محكم بدأ من روني وداني ويلبيك، ومنع البايرن من التسديد من خارج منطقة الجزاء والاختراق من العمق والاكتفاء بتناقل الكرة والاستحواذ عليها دون طائل، علماً ان نسبته بلغت في جولة الاياب 70 في المئة.
يراهن مويز على مرور الوقت في "اليانز ارينا" دون تمكن المضيف من التسجيل، الامر الذي سيربك اصحاب الارض ، والذي قد يستغله "يونايتد" لخطف اصابة تفرز تأهلاً تاريخياً لنصف النهائي.
وفي حال خروج بايرن، فإن شبح السقوط في نهائي 1999 امام الفريق الانكليزي نفسه سيعود الى التحليق.
لم يخض اي من لاعبي الفريق البافاري الحالي ذاك اللقاء الذي تقدم فيه "العملاق البافاري" بإصابة ماريو باسلر حتى اللحظات الاخيرة التي شهدت خطف "الشياطين الحمر" اصابتين عبر تيدي شيرينغهام والنروجي اولي غونار سولسكيار، بيد انهم جميعاً علموا به وبالتأكيد لا يريدون استذكاره بعد غد.
الغاني سامويل كوفور نجم بايرن السابق كان حاضرا في ذاك اللقاء الذي حصل فيه على جائزة افضل لاعب، واعاد قبل ايام سبب الخسارة الدراماتيكية الى التبديل المتأخر الذي اجراه المدرب اوتمار هيتسفيلد، عندما أخرج لوثار ماتيوس قبل النهاية بعشر دقائق واقحم تورستن فينك مكانه.
قدم ماتيوس احدى افضل أمسياته في ستاد "نوكامب" الخاص ببرشلونة في ذاك النهائي، وقال كوفور: "لو كنت مكانه، لكنت خضت تلك المباراة حتى آخر قطرة من دمي. انه نهائي دوري ابطال أوروبا. اي لاعب يحلم بملامسة المجد، ولا شك في ان بقاء ماتيوس في الملعب كان سيغير النتيجة النهائية". اضاف: "جاء (ماتيوس) الى غرفتي في الليلة التي سبقت المباراة، وقال: اذا سيطرنا على (الانكليزي اندي) كول و(الترينيدادي دوايت) يورك، فسنحرز اللقب".
ثم قال: "تساءل الناس عن سبب استبدال ماتيوس. تمّ ذلك وفق خطة مدروسة لانه اعطى كل ما لديه وهو في سن 38 عاماً. هذه كانت الخطة. نزل فينك للمساهمة في السيطرة على الكرة في وسط الملعب. هذا ما اعتاد القيام به طوال الموسم، لكن الامور لم تجر كما كنا نشتهي".
ويستطرد: "حتى يومنا هذا، لم اشاهد تسجيل المباراة. حاول اللاعبون جميعاً تخطي النهائي. لم يكن الامر سهلاً عندما توجّهنا الى غرفة تبديل الملابس دون تلك الكأس التي لامسناها. لم يتمكن احد من تصديق ما حصل. كانت لحظة حزينة للغاية في غرفة تبديل الملابس. لم اكترث سوى بالمشجعين الذين آمنوا بنا حتى اللحظة الاخيرة. فزت بجائزة لاعب المباراة لكن ذلك لم يكن له اي معنى في مقابل رؤية المشجعين يذرفون دموع الخيبة".
عام 2000، خرج بايرن من نصف نهائي المسابقة القارية الأم، وبعدها بسنة واحدة، حقق الفريق الثأر لنفسه وانتزع اللقب على حساب فالنسيا الاسباني بضربات الترجيح وكان كوفور حاضرا كلاعب أيضاً.
لن تعيش كرة القدم لحظة مجنونة كتلك التي عاشتها في نهائي 1999، وعبّر عنها كوفور بصورة مثالية عندما استسلم لعشب "نوكامب " وراح يضرب كفه فيه باكياً.
لا شك في ان خروج بايرن من دوري الابطال 2014 بعد غد على رغم انه اعتبر المرشح الابرز لانتزاع اللقب في بداية الموسم، لن يوازي مأسوياً نهائي 1999، الا انه سيدخل في سجل اللحظات الاكثر سوءاً في تاريخ النادي. فلننتظر المباراة، وصلنعشها كما ينبغي. لقاء في حجم موقعة وأكثر!
(منشور في جريدة النهار اللبنانية)
كتب سهيل الحويك
كان يُعتقَد على نطاق واسع أن بايرن ميونيخ الالماني سيحظى بزيارة سهلة الى "اولد ترافورد"، تاركاً خلفه عبارة "مرّ من هنا"، تعبيراً عن المآسي التي سيخلّفها وتظهر على ملامح "مانشستر يونايتد عجوز"، يعيش مرحلة انتقالية انطفأ خلالها المشعل المنتقل من يد "السير" الاسكوتلندي اليكس فيرغيسون الى مواطنه ديفيد مويز القادم مطلع الموسم الحالي من افرتون الى الفريق الشمالي.
المباراة التي جمعت "يونايتد" بضيفه بايرن الثلثاء الماضي فرضت انقساماً عمودياً وافقياً في تحديد المستفيد من التعادل 1-1، ضمن مرحلة الذهاب من الدور ربع النهائي لمسابقة دوري ابطال أوروبا في كرة القدم.
تعادلٌ ايجابيٌ خارج الديار يعتبر نتيجة مشجعة للغاية بالنسبة الى الزائر، بيد ان مرور "الشياطين الحمر" بفترة صعبة وتقهقرهم الخطير في ترتيب الـ"برميير ليغ"، مقابل تألق بايرن وحسمه "البوندسليغه" قبل سبع جولات على الختام (رقم قياسي)، وتقديمه عروضاً جعلت كبار اوروبا يتمنّون تحاشيه، كلها عوامل جعلت من "تعادل الثلثاء" انتصاراً بيّناً لواين روني وزملائه.
اين فاز مانشستر وكيف خسر بايرن؟
تقوم خطة المدرب الاسباني خوسيب غوارديولا منذ توليه دفة القيادة في برشلونة وصولاً الى ميونيخ، على الاستحواذ على الكرة وحرمان الخصم إياها.
هذا الامر يستلزم لاعبي ارتكاز على مستوى رفيع. وفي لقاء الاياب الاربعاء المقبل في "اليانز ارينا"، سيفتقد بايرن ثلاثة عناصر يشغلون ذاك المركز الحيوي هم الاسباني خافي مارتينيز للايقاف عقب نيله بطاقة صفراء في جولة الذهاب اضيفت الى اخرى حصل عليها سابقاً، ومواطنه تياغو الكانتارا الذي تعرض لاصابة خطرة في الدوري المحلي امام هوفنهايم (3-3) انهت موسمه في المبدأ، وباستيان شفاينشتايغر بعد تعرضه للطرد اثر خطأ لا يستحق الانذار الثاني ارتكبه ضد روني.
وبذلك يكون "بيب" قد خسر عناصر مهمة من سلاحه الفتّاك، وهذا يصبّ تماماً في خانة مانشستر يونايتد الذي افتقد هدافه الاول الهولندي روبن فان بيرسي ذهاباً ولن يستعيده اياباً بداعي الاصابة، بيد ان انتزاعه التعادل في "اولد ترافورد" دون "روبنهود" لن يشكل عقدة نقص بالنسبة اليه.
صحيح ان غوارديولا خرج متفائلاً من مباراة الذهاب، الا ان تجربة البايرن على ارضه مع الفرق الانكليزية خلال السنوات القليلة الماضية لا تبشّر بالخير.
ففي نهائي المسابقة القارية المرموقة 2012، سقط الفريق البافاري على ارضه امام تشلسي اللندني بضربات الترجيح.
وفي الدور الثاني من نسخة الموسم الماضي، فاز رجال المدرب السابق يوب هاينكس على ارسنال في "ستاد الامارات" 3-1 ذهاباً قبل ان يسقطوا امامه 0-2 في "اليانز ارينا".
وفي دور المجموعات من منافسات الموسم الجاري، وبعدما كان بايرن ضامناً تأهله للدور الثاني، سقط على ارضه امام مانشستر سيتي 2-3 بعدما كان متقدماً بإصابتين نظيفتين.
وعلى رغم هذه الايجابيات التي قد تصب في خانة "الشياطين الحمر"، يبقى بايرن واقعياً المرشح لبلوغ دور الاربعة، متسلحاً بالجماهير التي ستؤم "اليانز ارينا" ويشكل حضورها ضغطاً على لاعبين اعتادوا هذه الاجواء الصعبة.
كل الضغط سيكون ملقىً على عاتق رجال غوارديولا، ويتوجب على الفرنسي فرانك ريبيري تحديداً تعويض ادائه المخيب ذهاباً.
يُنتظر ان يعمد مويز الى الخطة نفسها التي اتبعها في "اولد ترافورد" والمتمثلة باتباع أسلوب دفاعي محكم بدأ من روني وداني ويلبيك، ومنع البايرن من التسديد من خارج منطقة الجزاء والاختراق من العمق والاكتفاء بتناقل الكرة والاستحواذ عليها دون طائل، علماً ان نسبته بلغت في جولة الاياب 70 في المئة.
يراهن مويز على مرور الوقت في "اليانز ارينا" دون تمكن المضيف من التسجيل، الامر الذي سيربك اصحاب الارض ، والذي قد يستغله "يونايتد" لخطف اصابة تفرز تأهلاً تاريخياً لنصف النهائي.
وفي حال خروج بايرن، فإن شبح السقوط في نهائي 1999 امام الفريق الانكليزي نفسه سيعود الى التحليق.
لم يخض اي من لاعبي الفريق البافاري الحالي ذاك اللقاء الذي تقدم فيه "العملاق البافاري" بإصابة ماريو باسلر حتى اللحظات الاخيرة التي شهدت خطف "الشياطين الحمر" اصابتين عبر تيدي شيرينغهام والنروجي اولي غونار سولسكيار، بيد انهم جميعاً علموا به وبالتأكيد لا يريدون استذكاره بعد غد.
الغاني سامويل كوفور نجم بايرن السابق كان حاضرا في ذاك اللقاء الذي حصل فيه على جائزة افضل لاعب، واعاد قبل ايام سبب الخسارة الدراماتيكية الى التبديل المتأخر الذي اجراه المدرب اوتمار هيتسفيلد، عندما أخرج لوثار ماتيوس قبل النهاية بعشر دقائق واقحم تورستن فينك مكانه.
قدم ماتيوس احدى افضل أمسياته في ستاد "نوكامب" الخاص ببرشلونة في ذاك النهائي، وقال كوفور: "لو كنت مكانه، لكنت خضت تلك المباراة حتى آخر قطرة من دمي. انه نهائي دوري ابطال أوروبا. اي لاعب يحلم بملامسة المجد، ولا شك في ان بقاء ماتيوس في الملعب كان سيغير النتيجة النهائية". اضاف: "جاء (ماتيوس) الى غرفتي في الليلة التي سبقت المباراة، وقال: اذا سيطرنا على (الانكليزي اندي) كول و(الترينيدادي دوايت) يورك، فسنحرز اللقب".
ثم قال: "تساءل الناس عن سبب استبدال ماتيوس. تمّ ذلك وفق خطة مدروسة لانه اعطى كل ما لديه وهو في سن 38 عاماً. هذه كانت الخطة. نزل فينك للمساهمة في السيطرة على الكرة في وسط الملعب. هذا ما اعتاد القيام به طوال الموسم، لكن الامور لم تجر كما كنا نشتهي".
ويستطرد: "حتى يومنا هذا، لم اشاهد تسجيل المباراة. حاول اللاعبون جميعاً تخطي النهائي. لم يكن الامر سهلاً عندما توجّهنا الى غرفة تبديل الملابس دون تلك الكأس التي لامسناها. لم يتمكن احد من تصديق ما حصل. كانت لحظة حزينة للغاية في غرفة تبديل الملابس. لم اكترث سوى بالمشجعين الذين آمنوا بنا حتى اللحظة الاخيرة. فزت بجائزة لاعب المباراة لكن ذلك لم يكن له اي معنى في مقابل رؤية المشجعين يذرفون دموع الخيبة".
عام 2000، خرج بايرن من نصف نهائي المسابقة القارية الأم، وبعدها بسنة واحدة، حقق الفريق الثأر لنفسه وانتزع اللقب على حساب فالنسيا الاسباني بضربات الترجيح وكان كوفور حاضرا كلاعب أيضاً.
لن تعيش كرة القدم لحظة مجنونة كتلك التي عاشتها في نهائي 1999، وعبّر عنها كوفور بصورة مثالية عندما استسلم لعشب "نوكامب " وراح يضرب كفه فيه باكياً.
لا شك في ان خروج بايرن من دوري الابطال 2014 بعد غد على رغم انه اعتبر المرشح الابرز لانتزاع اللقب في بداية الموسم، لن يوازي مأسوياً نهائي 1999، الا انه سيدخل في سجل اللحظات الاكثر سوءاً في تاريخ النادي. فلننتظر المباراة، وصلنعشها كما ينبغي. لقاء في حجم موقعة وأكثر!

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق